تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير قول الله تعالى : (( يا نساء النبي من ي... - ابن عثيمين بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ  بفتح الياء وكسرها  مبيِّنة   مبيَّنة  أي بينت أو هي بينة  يضاعف  وفي قراءة بالتضعيف  يضعف  بالتشديد وفي أخرى  نضعف  بالنون معه...
العالم
طريقة البحث
تفسير قول الله تعالى : (( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا ))
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ بفتح الياء وكسرها مبيِّنة مبيَّنة أي بينت أو هي بينة يضاعف وفي قراءة بالتضعيف يضعف بالتشديد وفي أخرى نضعف بالنون معه أي مع التشديد ونصب العذاب نضعف لها العذاب ففيها إذاً ثلاث قراءات يضاعف و يضعف و نضعف فعلى القراءتين الأوليين يكون العذاب بالرفع يضاعف أو يضعف أي العذاب بالرفع نائب فاعل وعلى القراءة الثالثة نضعف يكون العذاب بالنصب على أنه مفعول به تقول نضعف لها العذابَ ضعفين ضعفي عذاب غيرهن أي مثليه وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ النداء من الله عز وجل موجهاً إلى زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك لأهمية ما سيوجه إليهن ولتنبيههن على ما سيلقى إليهن مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ من هذه شرطية وفعل الشرط يأت و يضاعف جواب الشرط وقوله : مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ ما المراد بالفاحشة ؟ هل المراد بالفاحشة الزنا ؟ أو المراد بالفاحشة الكلام البذيء والمتطاول فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم والخارج عن المروءة أو المراد بهذا وهذا ؟ قال بعض أهل العلم أن المراد الأخير ولا يراد به الزنا مع أن الفاحشة تأتي في القرآن مراداً بها الزنا وتأتي مراداً بها بذاءة اللسان والتطاول قال الله تعالى : وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ [النساء :15]ما المراد بالفاحشة هنا ؟ الزنا وقال تعالى : لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق :1]والمراد بالفاحشة هنا بذاءة اللسان وسلاطته فإذا كانت بذيئة اللسان سليطته تأتي بكلمات خارجة عن المروءة فلزوجها أن يخرجها من البيت أثناء العدة طيب هذه الآية إن قلنا بأنها تشمل الفاحشة التي هي الزنا والفاحشة التي هي بذاءة اللسان فإن ذلك لا يعني أنه يقع بهم لأن الشرط لا يلزم وقوعه كما قال الله تعالى : قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ [الزخرف :81]وهل يمكن ذلك ؟ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [الأنبياء :22]هل يمكن ذلك ؟ لا يمكن لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر :65]لا يمكن هذا أيضاً فالإتيان بالشيء معلقاً بالشرط لا يلزم منه جواز وقوع الشرط وعلى هذا فلتكن الآية مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ فلتكن شاملة للزنا لكن هذا شيء محال أما إذا قلنا إن المراد بالفاحشة هي سلاطة اللسان والخروج بالقول عن المألوف والمروءة فهذا قد يقع من النساء حتى من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ولا عيب عليهن في ذلك لأنه من طبيعة النساء الغيرة ، من طبيعة النساء الغيرة وعدم حفظ اللسان وعدم التأني بالأمور وأيا كان فإن الله عز وجل يقول : مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وذلك لشرفها وعلو منزلتها فكان الذنب منها أعظم من الذنب من غيرها ولهذا إذا زنت الحرة تجلد أو ترجم وإذا زنت الأمة فليس عليها إلا نصف ما على المحصنات من العذاب لشرف الأولى وانحطاط مرتبة الثانية فزوجات الرسول عليه الصلاة والسلام لهن من المقام والرفيع والحصن المنيع ما يقتضي أن يضاعف العذاب عليهن إذا أتين بفاحشة مبينة فلهذا قال : يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ فإذا كان الجزاء جزاء سيئة ، سيئة مثلها فجزاء السيئة التي ذكر الله هنا الفاحشة المبينة بالنسبة لزوجات الرسول سيئتان جزاؤها سيئتان فلهذا قال : يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ أي يكرر عليهم مرتين وَكَانَ ذَلِكَ أي تضعيف العذاب عليهن كان ذلك على الله يسيراً فالمشار إليه هو تضعيف العذاب كان ذلك يسيراً على الله ليس صعباً عليه لماذا قال وكان ذلك على الله يسيراً ؟ لئلا يظن ظانٌ أن هذا أمر صعب على الله لكونه أمر يتعلق بزوجات نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فبين الله عز وجل أن هذا أمر يسير عليه لأن سبحانه وتعالى ليس بينه وبين خلقه نسب أكرم الخلق عنده أتقاهم له كما قال الله تعالى : إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات :13].

Webiste