تفسير قول الله تعالى : (( قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له ))
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ثم قال : قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ قل الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ويجوز أن يراد به كل من يصح توجيه الخطاب إليه ، يخاطب هؤلاء الذين يسعون في آياتنا معاجزين ويقولون : عجز الله فيما يدعون قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ يوسعه هذا معنى يبسط من البسط وهو التوسعة ولهذا يقال : بسط الكلام واختصر الكلام ، بسطه بمعنى وسعه وطوله ، والرزق بمعنى العطاء لمن يشاء من عباده امتحان ويقدر نضيقه بعد البسط أو لمن يشاء ابتلاءً انتبه يبسط الرزق لمن يشاء من عباده قوله : لمن يشاء مر علينا كثيراً بأن كل فعل علقه الله بالمشيئة فهو مقرون بالحكمة وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا [الإنسان:30]فمشيئته سبحانه وتعالى تابعة لحكمته فإذا اقتضت حكمته أن يوسع الرزق لأحد وسعه وإذا اقتضت حكمته أن يضيقه ضيقه وقوله : من عباده المراد بالعباد العبودية العامة لأن المشاهد أن الكافرين والمؤمنين على السواء منهم من يبسط الله لهم الرزق ومنهم من يضيقه ، فالمراد بالعباد إذاً العبودية العامة وقد مر علينا أن العبودية تنقسم : إلى عامة وخاصة ، فالعامة التي تشمل جميع الخلق والمراد بها العبودية الكونية التي قال الله عنها : إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا [مريم:93]وأما الخاصة فهي عبودية الطاعة الشرعية وهي التي قال فيها : وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا [الفرقان:63]إلى أخره طيب من عباده قال المؤلف : " امتحاناً " كيف معنى امتحان ؟ يعني اختبار يختبروا هل يشكر أم يكفر ؟ ولهذا قال سليمان عليه الصلاة والسلام : هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ [النمل:40]حين رأى عرش بلقيس حاضر بين يديه في هذه المدة الوجيزة قال : هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وقال تعالى : وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً [الأنبياء:35]يعني ابتلاء واختباراً ، وكم من إنسان كان في حالة فقر أصلح مما كان بعد الغنى وكم من إنسان بالعكس كان فقيراً مسرفاً على نفسه ولما أغناه الله وهداه الله ، فالله عز وجل يبسط الرزق لمن يشاء حسب ما تقتضي الحكمة ، قال : ويقدر له هل يعود على المبسوط له أو يعود على من يشاء عموماً ؟ المؤلف رحمه الله ذكر في المعنيين قال : ويقدر يضيق له بعد البسط يعني أن الله عز وجل يبسط الرزق لمن يشاء ثم يضيقه عليه ليبلوه يعطي النعم ثم يزيلها امتحاناً واختباراً يمن الله على الإنسان بالأولاد فيموتون ، بالمال فيفنى ، هذا تضييق بعد إيش ؟ بعد البسط أو أن المعنى ويقدر له أي لمن يشاء لا لهذا الذي كان مبسوطاً له الرزق يعني أنه سبحانه وتعالى يبسط الرزق.... ويقدره ليختبره ، وهل المعنيان يتنافيان ؟ لا وإذا كانا لا يتنافيان فقد مر علينا أن القاعدة في التفسير أن المعنيين لا يتنافيان فإن الآية تحمل عليهما جميعاً يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ
الفتاوى المشابهة
- تفسير قوله تعالى:(( رِزْقاً لِلْعِبَادِ..)). - ابن عثيمين
- معنى قوله صلى الله عليه وسلم :" من أحب أن يب... - ابن عثيمين
- ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:" من أح... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى:(( رِزْقاً لِلْعِبَادِ )) - ابن عثيمين
- معنى حديث: «من سره أن يبسط له في رزقه» - ابن باز
- تتمة فوائد قوله تعالى : (( ولو بسط الله الرز... - ابن عثيمين
- فوائد قوله تعالى : (( ولو بسط الله الرزق لعب... - ابن عثيمين
- التعليق على تفسير الجلالين : (( ولو بسط الله... - ابن عثيمين
- فوائد قول الله تعالى : (( قل إن ربي يبسط الر... - ابن عثيمين
- فوائد قول الله تعالى : (( قل إن ربي يبسط الر... - ابن عثيمين
- تفسير قول الله تعالى : (( قل إن ربي يبسط الر... - ابن عثيمين