تم نسخ النصتم نسخ العنوان
التعليق على تفسير الجلالين : (( ولو بسط الله... - ابن عثيمينالشيخ : قال الله تعالى:  وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ  بسط بمعنى وسع، كما قال الله تعالى :  والله يقبض ويبسط  وقال...
العالم
طريقة البحث
التعليق على تفسير الجلالين : (( ولو بسط الله الرزق لعباده )) جميعهم (( لبغوا )) جميعهم أي طغوا (( في الأرض ولكن ينزل )) بالتخفيف وضده ، من الأرزاق (( بقدر ما يشاء )) فيبسطها لبعض عباده دون بعض ، وينشأ عن البسط البغي (( إنه بعباده خبير بصير )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : قال الله تعالى: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ بسط بمعنى وسع، كما قال الله تعالى : والله يقبض ويبسط وقال عز وجل : يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر أي يضيق، فالبسط بمعنى التوسيع، يعني لو وسع الله الرزق للعباد لبغوا في الأرض.
وقوله : لعباده قال المفسر : " جميعهم " يعني لو كان كل الناس أغنياء بسط لهم في الرزق لبغوا في الأرض قال : " لبغوا جميعهم في الأرض أي طغوا فيها " وتجاوزوا حدودهم، وذلك لأن الجميع كانوا في رفاهية وفي رزق واسع ولا رادع ولا اعتبار ولا اتعاظ، وأيضا لو بسط الله الرزق لجميع العباد لفسدت الدنيا، لأنه لولا هذا التفاضل بين العباد في الرزق ما خدم أحد أحدا ولا استقامت الأحوال، لو كان الناس كلهم على حد واحد في الغنى وطلبت من شخص أن يعمل لك فإنه لن يستجيب، لماذا ؟ لاستغنائه بما عنده، لكن الله تبارك وتعالى فضل بعض الناس على بعض، ورفع بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا، هذا ما ذهب إليه المؤلف، ولكن قد يقال إن قوله تعالى : ولو بسط الله الرزق لعباده شامل للجميع أو للأفراد، فإن الإنسان إذا بسط الله له الرزق بغى واستغنى، ولذلك تجدون أكثر من يكذب الأنبياء هم الملأ الأغنياء الكبراء، وأما الفقراء الضعفاء فالغالب هم الذين يتبعون الأنبياء، فيكون المراد بقوله : لو بسط الله الرزق لعباده المراد الجنس، يعني لواحد من عباده لبغى في الأرض.
ولكن ينزل بقدر ما يشاء قال : " ينزل بالتخفيف وضده " ما ضده ؟ التشديد، يعني ينزل وينزل، ينزل من نزل وينزل من أنزل، وقوله: " بالتخفيف وضده " اصطلاح المؤلف رحمه الله أنه إذا أتى بمثل هذا التعبير فالقراءتان سبعيتان، وكذلك إذا قال: وفي قراءة، فالقراءتان سبعيتان، أما إذا قال : وقرئ، فالقراءة شاذة لأنه أتى بها بصيغة التمريض، انتبهوا للاصطلاح، هذا التعبير الذي معنا " بالتخفيف وضده " على حد سواء يعني ساوى بين القراءتين، وعلى هذا فهما سبعيتان، قال : " من الأرزاق " بيان للمنزل، فالمضمر إذا من الأرزاق ويدل على أن المضمر من الأرزاق قوله : ولو بسط الله الرزق ، ولكن ينزل بقدر أي بتقدير مكتوب في الأزل لا يتغير ولا يتبدل.
" ما يشاء فيبسطها لبعض عباده دون بعض، وينشأ عن البسط البغي إنه بعباده خبير بصير " قوله : بقدر ما يشاء هذه المشيئة كما سبق مقرونة بالحكمة، فمن اقتضت حكمة الله أن يغنيه أغناه، ومن اقتضت حكمة الله أن يفقره أفقره، وفي الحديث القدسي إن من عبادي من لو أغنيته لأفسده الغنى وإن من عبادي من لو أفقرته لأفسده الفقر فالله تبارك وتعالى حكيم، وكم من إنسان رجع إلى الله تعالى بسبب المصائب من فقر أو موت قريب أو صديق أو ما أشبه ذلك ما يشاء.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: " فيبسطها لبعض عباده دون بعض، وينشأ عن البسط " يعني توزيع الرزق " البغي " هذا كالتعليل لكون الجواب لو بسط الله الرزق لعباده لبغوا بأنه ينشأ عن البسط البغي والطغيان والاستكبار عن العبادة والتكذيب بالحق، إنه بعباده خبير بصير الجملة استئنافية تبين أن بسطه الرزق وعدمه ناشئ عن علم وخبرة، والخبرة أخص من العلم لأنها العلم ببواطن الأمور، ولكن نقول: إن العلم ببواطن الأمور يدل بالالتزام على العلم بظواهر الأمور من باب أولى بصير مأخوذة من الإبصار بالعين ومن البصيرة وهي العلم، فيكون بصير لها معنيان الأول من الإبصار وهو الرؤية بالعين والثاني من البصيرة وهي العلم، إنه بعباده خبير بصير وهذا يعني أنه يضيق على من شاء ويوسع على من شاء .

Webiste