تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير الآية : (( نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا... - ابن عثيمين قال الله تعالى: نزل عليك الكتاب بالحق نزل التنزيل يكون من أعلى إلى أسفل، ويكون بالتدريج شيئا فشيئا، كما قال الله تعالى: وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس ...
العالم
طريقة البحث
تفسير الآية : (( نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
قال الله تعالى: نزل عليك الكتاب بالحق نزل التنزيل يكون من أعلى إلى أسفل، ويكون بالتدريج شيئا فشيئا، كما قال الله تعالى: وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا وقال تعالى: وقال الذين كفروا لو لا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك يعني نزلناه ليس جملة واحدة، فقوله: نزل يفيد أن هذا القرآن من عند الله، وأنه نزل أيش؟ بالتدريج ليس مرة واحدة، وقوله: عليك الضمير يعود على الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد بين الله تعالى في آية أخرى أنه نزل على قلب الرسول صلى الله عليه وسلم ليكون أدل على وعيه لهذا القرآن الذي نزل عليه.وقوله: نزل عليك الكتاب الكتاب وهو هذا القرآن، وهو فعال بمعنى مفعول، لأنه مكتوب، فهو كتاب لأنه مكتوب في لوح المحفوظ كما قال تعالى: إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لوح المحفوظ، وهو كتاب في الصحف التي بأيدي الملائكة فمن شاء ذكره في صحف مكرمة وهو كتاب في الصحف التي بأيدينا فهو مكتوب بأيدينا ونقرأه من هذه الكتب.وقوله: الكتاب بالحق الباء هذه يجوز أن تكون من باب أنه متلبس بالحق، أي مشتمل على الحق، فهو نازل بحق لا بالباطل، ويحتمل أن يكون عائدا التنزيل، يعني أنه نزل حق ليس بباطل، قال تعالى: وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون بعد قوله: وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين فيكون بالحق يعني أنه نازل عليك نزولا حقا ليس بباطل فهو ما كتب عليه الصلاة والسلام بهذا القرآن، ويحتمل أن يكون نازلا بأيش؟ بالحق يعني مشتملا عليه ومتلبسا به، والمعنيان صحيحان لا يتنافيان، والقاعدة: أن النص إذا دل على معنيين صحيحين لا يتنافيان حمل عليهما جميعا.قوله: مصدقا لما بين يديه مصدقا حال من الكتاب ولا يصح أن نجعلها صفة، لماذا؟ لأن مصدقا نكرة، والكتاب معرفة، والصفة يجب أن تتبع الموصوف في المعرفة والنكرة ، وقوله: مصدقا لما بين يديه للذي بين يديه يعني: من الكتب السابقة، وتصديقه لما بين يديه له وجهان: الوجه الأول: أنها صدقها لأنها أخبرت به فوقع مصدقا له، والثاني مصدقا لما بين يديه أي حاكما عليها بالصدق، فهو مصدق لما سبق من الكتب للوجهين المذكورين، لأن الكتب أخبرت به فوقع، وإذا وقع صار تصديقا لها، ثانيا، الوجه الثاني: أنه حكم بأنها الصدق من عند الله عزوجل، فيكون هذا تصديق لما بين يديه يشمل الوجهين جميعا، فالقرآن شاهد بأن التوراة حق، والإنجيل حق، وأن زبور حق، وأن صحف ابراهيم حق، وأن الله أنزل على كل رسول كتابا، كذلك مصدق للكتب التي أخبرت به، فإن الكتب السابقة أخبرت بهذا القرآن أنه سينزل، ووصفت النبي صلى الله عليه وسلم الذي ينزل عليه بأوصافه التي كانوا يعرفونه بها كما يعرفون أبنائهم.وقوله: لما بين يديه أي لما سبقه، لأن الذي بين يديك سابق عليك، أليس كذلك؟ نعم، لأنه أمامك فهو متقدم عليك. وأنزل التوراة الإنجيل شف قال: نزل عليك الكتاب وأنزل التوراة اختلف التعبير، واختلاف التعبير يدل على اختلاف المعنى، فما هو الخلاف في المعنى؟ قال أهل العلم: إن التوراة الإنجيل نزلتا دفعة واحدة بدون تدريج بخلاف القرآن فإنه نزل بالتدريج، وهذا من رحمة الله عز وجل على هذه الأمة، لأنه إذا نزل بالتدريج صارت أحكامه أيضا بالتدريج، لكن لو نزل دفعة واحدة لزم الأمة أن تعمل به جميعا بدون تدريج، وهذا من الآصار التي كتبت على من سبقنا إذا نزلت عليهم الكتب مرة واحدة ألزموا بالعمل بها من حين أن تنزل فيما ألفوه وفيما لم يألفوه بخلاف القرآن الكريم.وقوله: التوراة والإنجيل التوراة هي كتاب الذي نزله الله على موسى، والإنجيل هو الذي نزله الله على عيسى عليه الصلاة والسلام، وهذان الاسمان قيل: إنهما غير عربيين، وقيل: بل هما عربيان، ولكن الذي يظهر أنهما ليسا بعربيين، ولكنه إذا نزل القرآن بشيء صار اللفظ الذي نزل به القرآن عربيا بماذا؟ بالتعريف، صار عربيا بالتعريف.

Webiste