تتمة شرح الآية : ((...... من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
قسم النبي عليه الصلاة والسلام الخيل إلى أقسام ثلاثة: فخر وخيلاء، أو ليناوئ بها المسلمين فهذا له وزر، ثانيا: اتخذها ليجاهد عليها في سبيل الله فهذا له أجر، ثالثا: اتخذها للركوب والتنمية والاستفادة من ورائها فهي له ستر، لا أجر ولا وزر . وقوله: المسومة قيل: المسومة التي تسوم أي تطلق لفرعى كما قال تعالى: ومنه شجر فيه تسيمون وقيل: المسومة المعلمة التي تعلا لها أعلام للزينة والفخر مثل أن يجالا عليها ريش النعام أو أشياء أخرى تحسنه، عندنا الآن سيارات مسومة وإلا لا؟ يجعلون عليها زينة حتى إن بعض الناس يلبس السيارات الفقيرة لباس السيارة الغنية يحط عليها. . . .على كل حال تسويم المركبات مازال أمرا معلوما عند الناس إلى يومنا هذا، المسومة عند الناس أغلى من غيرها لأنها ما سومت إلا لأنها جيدة ومن أصل جيد فلهذا تسوم ويعتنى بها أكثر . والأنعام والحرث الأنعام جمع نعم كأسباب جمع سبب وهي الإبل والبقر والغنم، هذه الأنواع من الحيوانات هي محل رغبة الناس أيضا ، أكثر الناس يقتنون الإبل والبقر والغنم لا تجدونهم يقتنون الضباع أو ما أشبها من الحيوان وإنما يعتنون باقتناء هذه الأنواع الثلاثة: الإبل والبقر والغنم في البادية وفي الحاضرة لكنها في البادية أكثر، وأغلى هذه الأنواع هي الحمر من الإبل ولذلك يضرب به المثل في الغلاء والمحبة قال النبي عليه الصلاة والسلام لعلي بن أبي طالب وقد وجهه إلى خيبر قال: إنفذ على رسلك ثم ادعهم إلى الإسلام فو الله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم . والحرث يعني الزراعة حرث الأرض للزراعة، فهذه سبعة أشياء: النساء، والبنين، والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة، والخيل المسومة، والأنعام، والحرث، ولو فتشت عامة رغبات الناس في هذه الدنيا لوجدتها لا تخرج عن هذه الأشياء السبعة، لا تخرج عن هذه الأشياء السبعة في الغالب وإلا فيه أشياء محل رغبة عند الناس مثل: القصور المشيدة، القصور المشيدة أيضا بعض الناس يكون مغرما بها يحبها وينميها ويحب أن يكون منزله أو قصره فاخرا ليس له نظير، المهم أن هذه رغبات الناس . قال الله تعالى: ذلك متاع الحياة الدنيا ذلك ، لماذا قال ذلك بالمفرد المذكر مع أنها جماعة ؟ والجماعة للعقلاء يقال: هؤلاء، ويقال لغير العقلاء هذه ؟ الجواب الله أعلم أنه أعاد اسم الإشارة على مفرد مذكر على تقدير: ذلك المذكور، ذلك المذكور، فطوى ذكر هذه السبعة كلها وعبر وكنى عنها بمذكور وذلك لاحتقارها بالنسبة لنعيم الآخرة . وقوله: ذلك متاع الحياة الدنيا أي المتعة التي يتمتع الناس بها في الحياة الدنيا، وغايتها؟ الزواج، غايتها الزواج، فإما أن تزول عنها وإما أن تزول عنك، أما أن تخلد لك أو تخلد لها فذلك مستحيل لابد أن تفارقها أو أن تفارقك هي، وهذا أمر لا يحتاج إلا إقامة برهان، فهذه الأشياء لو اجتمعت كلها للمرء فما هي إلا متاع الحياة الدنيا يتمتع بها الإنسان ثم يفارقها أو تفارقه هي . وقوله: الحياة الدنيا فيه حياة لدنيا وحياة أخرى، ما هي الحياة الحقيقية؟ قال الله تعالى: وإن الدار الآخرة لهي الحيوان هي الحياة الحقيقية نعم ؟ أما الدنيا فهي حياة بسيطة ليست بشيء قال النبي عليه الصلاة والسلام: لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها الله أكبر ـ موضع سوط يعني سوط حوالي متر في الجنة خير من الدنيا وما فيها، أي دنيا هي؟ الدنيا منذ خلقت إلى يوم القيمة بكل ما فيها من نعيم، وذلك لأن نعيم الدنيا في الحقيقة كأحلام، كأحلامنا، واعتبر الأمر بما مضى من عمر كل ما مضى من عمرك كأنه حلم أليس كذلك؟ ليس كأنه شيء واقع لأنه راح لا فرق بين ما فعلته في اليقظة بالأمس وما رأيته في منامك البارحة كلها راح، ولهذا سماها حياة الدنيا، والدنيا مؤنث أدنى ووصفت بهذا الوصف لدنو مرتبتها بالنسبة إلى الآخرة، لدنو مرتبتها بالنسبة للآخرة، فليس بشيء بالنسبة للآخرة كما سمعتم الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، وكذلك سميت دنيا لأنها أدنى من الآخرة باعتبار الترتيب الزمني، وللآخرة خير لك من أين؟ من الأولى فهي أولى باعتبار الترتيب الزمني دنيا إذا قريبة للناس، ذلك متاع الحياة الدنيا إذا ما دمنا نعرف أن هذا متاع الحياة الدنيا فلننظر إلى هذه الأشياء لا نظرة الشهوة ولكن نظرة جد، إذا كان ذلك ينفعنا في الآخرة فالنظر إليه طيب ونافع ويكون من حسنة الدنيا والآخرة، أما إذا نظرنا إليه مجرد نظر الشهوة فإنه يخشى على المرء أن يغلب جانب الشهوة على جانب الحق، ولهذا أدنى الله مرتبة هذه الأشياء ووضعها حيث قال: ذلك متاع الحياة الدنيا . ثم قال: والله عنده حسن المآب يعني حسن المرجع× بماذا ؟ في الدار الآخرة ، لأن مرجع كل إنسان إلى الآخرة إما إلى جنة وإما إلى نار وليس ثمة دار أخرى ثالثة ، كل الناس الجن بل كل الجن والإنس مآلهم في الآخرة إلى الجنة أو إلى النار وليس ثمة دار أخرى فالله عنده حسن المآب يعني حسن المرجع. نأخذ الفوائد أظن؟ نعم .
الفتاوى المشابهة
- تفسير قوله تعالى : (( من كان يريد حرث الآخرة... - ابن عثيمين
- التعليق على تفسير الجلالين : (( من كان يريد... - ابن عثيمين
- فوائد قوله تعالى : (( من كان يريد حرث الآخرة... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (مسومة عند ربك للمسرفين) - ابن عثيمين
- باب : قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( هذا ا... - ابن عثيمين
- قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما... - ابن عثيمين
- تفسير الملائكة المسومين - اللجنة الدائمة
- تتمة شرح باب : قول النبي صلى الله عليه وسلم... - ابن عثيمين
- فوائد الآية : (( زين للناس حب الشهوات من الن... - ابن عثيمين
- تتمة شرح الآية : ((..... من الذهب والفضة وال... - ابن عثيمين
- تتمة شرح الآية : ((...... من الذهب والفضة وا... - ابن عثيمين