تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير الآية : (( للرجال نصيبٌ مما ترك الوالد... - ابن عثيمينأعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال الله تبارك وتعالى:  للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون  نبدأ أولا بالإعراب ،  للرجال  خبر مقدم  نصيب  مبتداء مؤخر...
العالم
طريقة البحث
تفسير الآية : (( للرجال نصيبٌ مما ترك الوالدان والأقربون ... )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال الله تبارك وتعالى: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون نبدأ أولا بالإعراب ، للرجال خبر مقدم نصيب مبتداء مؤخر ، وكذلك وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وقوله: مما قبل منه هذه متعلقة بمحذوف صفة لـ نصيب ، ويجوز أن تكون متعلقة بمحذوف خبر لمبتداء محذوف أي: ذلك مما قل منه ، وقوله: نصيبا حال ، حال من " ما " في قوله: مما قل و مفروضا صفة أو حال أخرى صفة لـ نصيب وهو أولى ، ويجوز أن تكون حالا أخرى ، وهو مرجوح . يقول الله عز وجل: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون نصيب أي حظ ، ولم يبينه هنا لكن بينه في آيات تأتي ، والإجمال ثم التفصيل من البلاغة التامة ، لأن الشيء إذا أجمل بقيت النفوس تتطلع إلى تفصيله ، فيأتي التفصيل والنفوس متطلعة إليه بخلاف ما لو جاء الشيء مفصلا مباشرة فإنه قد يرد على نفس ليست متشوقة إليه فلا يلصق في الذهن ولا يصير له قوة في القبول ، أعرفتم هذا ؟ الإجمال أولا ثم التفصيل ثانيا من كمال البلاغة للوجه الذي ذكرناه لكم . وقوله: الوالدان يعني الأم والأب ، أما الأم فظاهر أنها والدة ، كما قال تعالى: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين وأما الأب فكذلك ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم والولد لابد له من والد ، وكذلك جاء في حديث: لا يحل لواهب أن يرجع بما وهبه إلا الوالد فيما وهبه لابنه فالوالد إذا يطلق على الأم والأب ، أما الأم فظاهر ، وأما الأب فللنصوص التي سمعتموها . وقوله: والأقربون ولم يقل: والأقارب ، الأقرب اسم تفضيل ، وذلك لأن الميراث لا يتناول جميع الأقارب بل الأقرب فالأقرب ، ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر ، وخمسة من الورثة لا يمكن أن يحجبوا وهم الذين يتصلون بالميت مباشرة ، وهم: الأب ، والأم ، والابن ، والبنت ، وأحد الزوجين ، هؤلاء لا يمكن أن يحجبوا لأنهم يرثون من الميت مباشرة ، وكذلك قال: وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وإنما نص على نصيب النساء بهذه الصيغة المساوية لنصيب الرجال تأكيدا لحقهن وإلا فمن المعلوم أن نصيب النساء دون نصيب الرجال وإن كانوا إخوة ورجالا فللذكر مثل حظ الأنثيين وكذلك قال: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين لكن جاء بهذه الصيغة تأكيدا لنصيب النساء لأنهم في الجاهلية في أحكامهم الجائرة لا يورثون النساء يقولون إنما الميراث لمن حمل السلاح وخاض المعارك وهم الرجال وأما النساء فلا حق لهن في الميراث ، ولاشك أن هذا حكم مبني على الجور ، ولو نظرنا بادي الرأي لقلنا إن النساء أحق بالميراث بالرجال لأنهن أعجز وأضعف عن التكسب من الرجال ، لكن حكم الله سبحانه وتعالى أحسن الأحكام جعل لهن نصيبا وللرجال نصيبا ولكن لكثرة المسئولية على الرجال جعل للذكر مثل حظ الأنثيين . قال: مما قل منه أو كثر يعني نصيب من القليل أو الكثير يعني سواء خلف الميت أموالا كثيرة أو أموالا قليلة ، لو خلف درهما واحدا كان للرجال نصيب وللنساء نصيب ، ولو خلف ملايين الملايين كان للرجال نصيب وللنساء نصيب ، لا يقال إنه إذا قل المال فلا نصيب للناس أو إذا كثر المال فلا نصيب للناس ، بل نقول لا فرق بين القليل والكثير ، وقوله: مما قل أو كثر هذه الجملة ينبغي الوقوف عليها مما قل منه أو كثر لأن ما بعدها نصيبا مفروضا لا يتعلق بكثر وقل ، بل هو متعلق بمقدر ، المعنى: جعل هذا نصيبا مفروقا أو حال كونه نصيبا مفروضا لكنه لا يتعلق بالفاعل في قل أو كثر ، وقوله تعالى: مفروضا المراد أنه محتم وليس المراد أنه مقدر ، لأن ميراث الأولاد إذا اجتمعوا بنين وبنات ليس مقدرا ، ليس فريضة بل هو تعصيب ، لكن المراد بالفرض هنا الحتم كما تقول: فرض الصلوات خمس أي حتمت وألزم بها .

Webiste