تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة تفسير الآية : (( من بعد وصيةٍ يوصي بها... - ابن عثيمينقوله تعالى:  من بعد وصية يوصي بها أو دين ...  يعني هذا الميراث الذي قال الله عزوجل إنما يكون من بعد وصية يوصي بها ، وفي قراءة  يوصى  ببناء المجهول ، الو...
العالم
طريقة البحث
تتمة تفسير الآية : (( من بعد وصيةٍ يوصي بها أو دينٍ ... )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
قوله تعالى: من بعد وصية يوصي بها أو دين ... يعني هذا الميراث الذي قال الله عزوجل إنما يكون من بعد وصية يوصي بها ، وفي قراءة يوصى ببناء المجهول ، الوصية في الأصل هي العهد للشيء المهم وهي اصطلاحا: الأمر بالتبرع بالمال ، بل وهي التبرع بالمال بعد الموت ، هذه وصية التبرع بالمال بعد الموت أو الأمر بالتصرف بعد الموت ، فهي إما بمال وإما بتصرف ، فإذا أوصى رجل إلى شخص بالنظر على أولاده الصغار ، فهذه وصية بمال أو بتصرف ؟ بتصرف ، وإذا أوصى شخص بمائة درهم لفلان ، فهذا تبرع مال بعد الموت ، وهذا هو المراد بهذه الآية ، المراد بها التبرع بالمال بعد الموت . وقوله عزوجل: من بعد وصية مطلق لم يقيد ، لكن دلت السنة على أنه لا يزيد على الثلث ، لحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه حين عاده النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مكة فقال له سعد: إن ذو مال يعني ذو مال كثير ولا يرثني إلا بنت لي أفأتصدق بثلثي مالي ؟ قال لا ، قال فالشطر ؟ قال لا ، قال فالثلث ؟ قال الثلث والثلث كثير إنك أن تذرهم أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس قال ابن عباس رضي الله عنهما: لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع يعني لكان أحسن لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: الثلث كثير ولم يرخص بالثلث إلا في المراجعة الثالثة من سعد رضي الله عنه ، ويذكر أن أبا بكر الصديق قال أرضى بما رضيه الله لنفسه فأوصى بالخمس واعتمد ذلك الفقهاء ، فقالوا ينبغي أن تكون الوصية بالخمس ، ولكن شح الناس اليوم صاروا لا يعرفون في الوصية إلا الثلث يندر جدا أن ترى شخصا أوصى بخمس ماله ، وينبغي لطلبة العلم أن يبينوا للناس أن يقولوا للناس الوصية بالثلث رخصة جاءت بعد مراجعة وما دون الثلث أفضل منه ، ودل القرآن على أن الوصية لا تكون لوارث ، وهذا هو الشرط الثاني في الوصية ، الشرط الأول ما هو ؟ ألا تزيد على الثلث ، والشرط الثاني هو أن لا تكون لوارث ، بوجه الدلالة قوله: من بعد وصية فجعل الوصية مستقلة عن الميراث ، وقالت الآية التي تليها هذه لما ذكر ... الإرث قال: تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدين فيها ولاشك أن من أوصى لأمه بالخمس وقد أعطاها الله السدس فقد تعد حدود الله ، فرض الله لها السدس وهو زاد على ذلك الخمس فأعطاها فصار ميراثها الآن أكثر من السدس ، وهذا تعدي من حدود الله ، إذا نقول الوصية التي تقدم على الميراث هي الوصية الشرعية التي جمعت شرطين هما: ألا تزيد على الثلث ، وألا تكون للوارث . وقوله: من بعد وصية يوصي بها في كلمة يوصي بها دليل على أنه لابد من ثبوت الوصية ، لابد من الثبوت وأن يكون الموصي أوصى بها عن طمأنينة وعن معرفة ، فلو أوصى وهو في غمرة المرض قد ولم يكن يتصور ما يقول فإن الوصية لا تعبر ولا عبرة بها ، لأنه حقيقة لم يوصي بها ، وكذلك لو لم تثبت الوصية ببينة فإنها لا عبرة بها إلا إذا صدق الورثة وهم مرشدون بذلك فالحق لهم والرجوع إليه ، وقوله: أو دين الدين كل ما ثبت في الذمة فهو دين ، فالأجرة دين ، والقرض دين ، وثمن المبيع دين ، والصداق على الزوج دين ، وعوض الخلع على الزوجة دين ، و... الجراحات دين ، كل ما ثبت في الذمة فهو دين ، فيقدم الدين على الميراث ، فلو قدر أن الدين يستغرق جميع المال فلا شيء للورثة لأن الله قال: من بعد وصية يوصي بها أو دين وإذا قدر أنه يستغرق نصف المال صار الميراث نصف المال ، لأن الله قال: أو دين وهنا نسأل هل الدين مقدم أو الوصية ؟ الجواب: الدين ، الدين قبل الوصية ، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى بالدين قبل الوصية والمعنى يقتضيه ، لأن الدين قضائه من باب الواجب والوصية من باب التبرع يعني أن المدين يجب عليه أن يقضي الدين والموصي مستحب ليست بواجبة ، ومعلوم أن النظر الصحيح يقتضي تقديم الواجب . فإن قال قائل: إذا كان الأمر كذلك فما الحكمة من تقديم الوصية على الدين ؟ فالجواب على ذلك بالحكمة أولا: العناية بالوصية والإشارة إلى أن الدين ينبغي للعاقل أن لا يحمله نفسه ، وثانيا: أن الدين له من يطالب به ، يعني لو فرض أن الورثة سكتوا وقسموا التركة هل يسكت صاحب الدين ؟ لا يسكت لابد أن يطالب ، لكن الوصية لو كتموها ولم يعلم بها الموصى إليه أو الموصى له ما علم بها ليس لها من يطالب ، فلهذا قدمها ليهتم الورثة بها لا ليقدمها على الدين ، فالدين مقدم ثم الوصية ، ثم الميراث . فإذا هلك هالك عن ورثة وكان عليه دين يستغرق نصف ماله وأوصى بالثلث فالمسألة من ستة : للدين ثلاثة ، وللوصية الثلث اثنان ، واحد ، لم نعلم أن ثلث ستة واحد إلا ، نعم أحسنتم ، إذا نقول المأخوذ في الدين كالمفقود ، وعلى هذا فيكون التركة الموروثة هي الباقية بعد الدين ثلاثة من ستة ، فنعطي صاحب الوصية ثلث ثلث الباقي واحدة ويبقى اثنان هما نصيب الورثة ، هنا قدمنا الدين على الوصية صح ؟ جعلنا النص الآن على من ؟ على الوصية لو لا الدين لأخذ الموصى له اثنين من ستة ، لكن الآن لم يأخذ إلا واحدا من ستة لأن الدين مقدم على الوصية ، تمام ؟ من بعد وصية يوصي بها أو دين . ثم قال تعالى بعد أن قسم الميراث بين الأصول والفروع قال .

Webiste