تم نسخ النصتم نسخ العنوان
قال المصنف رحمه الله تعالى : ونرى أنه لا حجة... - ابن عثيمينالشيخ : قال : " ونرى أنه لا حجة للعاصي على معصيته بقدر الله " يعني لا حجة للعاصي بقدر الله على معصيته، العاصي يحتج على معصيته بقدر يقول: والله غصب هذا ش...
العالم
طريقة البحث
قال المصنف رحمه الله تعالى : ونرى أنه لا حجة للعاصي على معصيته بقدر الله تعالى ، لأن العاصي يقدم على المعصية باختياره من غير أن يعلم أن الله تعالى قدرها عليه ، إذ لا يعلم أحد قدر الله تعالى إلا بعد وقوع مقدوره << وما تدري نفس ماذآ تكسب غدا >> [ لقمان : 34 ] ، فكيف يصح الإحتجاج بحجة لا يعلمها المحتج بها حين إقدامه على ما اعتذر بها عنه ؟ وقد أبطل الله تعالى هذه الحجة بقوله : << سيقول الذين أشركوا لو شآء الله مآ أشركنا و لآأبآؤنا و لا حرمنا من شيئ كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنآ إن تتبعون إلا الظن و إن أنتم إلا تخرصون >> [ الأنعام : 148 ] .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : قال : " ونرى أنه لا حجة للعاصي على معصيته بقدر الله " يعني لا حجة للعاصي بقدر الله على معصيته، العاصي يحتج على معصيته بقدر يقول: والله غصب هذا شيء قدر مقدر، هل أرفع المقدر؟
الجواب: ما ترفع المقدر. إذن كيف تلومونني؟ وهذا يحتج به الآن العصاة كثيرا، إذا نصحته قلت: هذا حرام وهذا تكسب آثام، وهذا فيه، قال: والله الشكوى إلى الله، هذا قدر الله، فيحتج ايه؟ يحتج بالقدر، هل له حجة؟ ننظر.
يقول : " لا حجة له على المعاصي بقدر الله، لأن العاصي يقدم على المعصية باختياره من غير أن يعلم أن الله تعالى قدرها عليه ".
العاصي يقدم على المعصية باختياره، أليس كذلك؟ هل يعلم أن الله قدرها عليه؟
الطالب : لا يعلم.

الشيخ : طبعا إلا بعد الوقوع، بعد الوقوع يعلم أن الله قدرها عليه، لكن قبل لا يعلم. نقول: أنت الآن أقدمت على المعصية قبل أن تعلم أن الله قدرها عليك، فكيف تحتج بشيء ليس حجة لك. واضح؟
طيب. إذن لا حجة له، لا حجة له على المعصية في القدر. وذكروا أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قُدِّم إليه سارق فأمر بقطع يده، فقال: مهلا يا أمير المؤمنين، والله ما سرقت إلا بقدر الله. صحيح؟ صحيح. نعم. قال : ونحن لا نقطع يدك إلا بقدر الله . فاحتج عليه بمثل ما احتج به، مع أن أمير المؤمنين رضي الله عنه له حجتان، حجة باطلة لكن يريد أن يلزم بها الخصم، وهي الاحتجاج بقدر الله، وحجة ثابتة وهي الاحتجاج بشرع الله، يعني: إذا قطعنا يد السارق قطعناه بشرع الله وبقدر الله، لكن إذا سرق فقد سرق بقدر الله لا؟ لا بشرع الله. واضح يا جماعة؟
طيب. إذن العاصي لا حجة له في معصيته، لا حجة له على معصيته بقدر الله عز وجل.
يقول : " لأن العاصي يقدم على المعصية باختياره من غير أن يعلم أن الله قدرها عليه، إذ لا يعلم أحد قدر الله تعالى إلا بعد وقوع مقدوره ". واستدل المؤلف بقوله : وما تدري نفس ماذا تكسب غدا . هل أحد منكم يدري ماذا يكسب غدا؟ لكن يقدر، يقول: غدا سوف آتي للدرس مثلا وأقرأ الكتاب الفلاني، سوف أراجع محفوظاتي أراجع مقرراتي وما أشبه ذلك، هو يقدر هذا، لكن هل يعلم أنه كاسبه، لأنه لا يمكن أن يكون كاسبا له حتى يعمله فعلا، ولذلك يقول الله عز وجل : وما تدري نفس ماذا تكسب غدا كلنا لا ندري، نقدر ونقدر، وإذا بالقدر على خلاف ما قدرنا، يحال بيننا وبين ما قدرنا إما بنقض العزيمة وانصراف العزيمة إلى شيء آخر، وإما بحدوث سبب يقتضي أن لا نفعل ما كنا قدرناه. واضح؟
ولهذا قال الله تعالى : ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله . لكن لو قلت ذلك على سبيل الإخبار، هل يلزم أن تقول إن شاء الله؟
الطالب : لا يلزم.

الشيخ : ترى هذا فرق دقيق يا جماعة. لو قال إنسان: تسافر غدا؟ قلت: نعم، وأنت لا تريد أنك تسافر فعلا، تريد غدا يعني حسب ما في نيتك، هذا يجوز بدون أن تقول إن شاء الله، لأنه إخبار عما في نفسك، وما في نفسك أمر واقع لا يحتاج أن تقول: إن شاء الله، لأن الله قد شاءه واقع. فإن قلت: أسافر غدا بمعنى أني أفعل السفر، فلا بد أن تقول إن شاء الله، ولهذا جاءت الآية الكريمة ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا يعني: فاعله فعلا، فانتبهوا لهذا الفرق، بعض الناس يمنع من قولك إني سأفعل غدا كذا وكذا ولو كان خبرا عما في نفسك، يقول: لا بد أن تقول إن شاء الله. أقول: لا بد أن أقول إن شاء الله متى؟ إذا أردت أني أفعله فعلا، أما إذا أردت الإخبار عما في نفسي فهذا لا يحتاج إلى ذكر المشيئة، لأن الله قد شاءه وأوقعه في نفسك.
ولهذا منع بعض العلماء من أن تقول عن شيء فعلته إني فعلته إن شاء الله، تقول مثلا: أنا لبست ثوبي إن شاء الله. نعم؟ قالك تغديت؟ عقب ما قام من السفرة شبعان، تغديت؟ قال: إن شاء الله، يستقيم هذا أو لا يستقيم؟ لا يستقيم. طيب، صليت عقب ما سلم من الصلاة؟ قال: إن شاء الله، لا هذه في الحقيقة قد يستقيم، لأن الصلاة قد تنفى لانتفاء روحها وخشوعها مثلا، وأقول إن شاء الله، أي: إني صليت صلاة مرضية عند الله، لكن إذا أردت صليت يعني فعلا، فلا حاجة تقول: إن شاء الله، لأنك صليت. نعم.
طيب. على كل حال نحن نقول: إن إن قوله تعالى : وما تدري نفس ماذا تكسب غدا يدل على أنه لا حجة للعاصي بقدر الله، لأنه لا يدري ماذا قدر الله عليه، فهو قد أقدم على شيء بمجرد هوى نفسه، " فكيف يصح الاحتجاج بحجة لا يعلم المحتج بها حين إقدامه على ما اعتذر به عنها. وقد أبطل الله هذه الحجة بقوله : سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون " شف أبطل الحجة. سيقول الذين أشركوا يعني إذا جادلتموهم في الشرك لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء وهم قد حرموا السائبة والوصيلة والحام والبحيرة، كذلك قال الله تعالى مثل ذلك التكذيب كذب الذي من قبلهم لأنهم يحتجون بالقدر وهم يعلمون أنه لا حجة لهم فيه ولكنهم يحتجون بذلك دفعا للمناظرة والمجادلة.
حتى ذاقوا بأسنا هذه الجملة تدل على أنه حجة لهم، لو كان لهم حجة ما ذاقوا بأس الله، لكان الله عذرهم ولم ينزل بهم بأسه، فدل ذلك على أن حجتهم باطلة. واضح يا جماعة؟
قال الله تعالى للرسول عليه الصلاة والسلام : ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل نعم؟ كيف يقول : لو شاء الله ما أشركوا فيجعل المشيئة عذرا في شركهم؟ وفي آية أخرى أبطل هذا العذر، والقرآن لا يتناقض؟
نقول : قالها الله تعالى للرسول تسلية له حتى يرضى بشركهم رضا قدريا لا شرعيا، لأن الله قال قبل هذا : اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين ولو شاء الله ما أشركوا فذكر الله ذلك تسلية للرسول عليه الصلاة والسلام حتى يرضى ويسلم بماذا؟ بالقدر، ولو أن المشركين احتجوا بمشيئة الله رضا بمشيئة الله، ولكن أقلعوا عن شركهم ايش؟ لصحت حجتهم، لكنهم قالوا لو شاء الله ما أشركنا استمرارا على شركهم، وهذا فرق دقيق يجب على طالب العلم أن ينتبه له فقول الله : لو شاء الله ما أشركوا هي قول المشركين لو شاء الله ما أشركنا لكن بينهما فرق، المشركون ذكروا ذلك احتجاجا بقدر الله على معصيته، والله تعالى ذكر ذلك تسلية للرسول عليه الصلاة والسلام ورضا بقدر الله حتى لا يهلك لعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا طيب.
ثم قال : " ونقول للعاصي ".
إذن الوجه الأول واضح أنه يفعل باختياره وأنه لا مكره له.
ونقول في الثاني، نقول للعاصي المحتج بالقدر " لماذا لم تقدم على الطاعة مقدرا أن الله تعالى قد كتبها لك فإنه لا فرق بينها وبين المعصية في الجهل بالمقدور قبل صدور الفعل منك ". صح؟
الطالب : ...

الشيخ : إلا، أي آية؟ ذكرناها ما كملتها؟ كملناها،كملناها لكن نحن شرحنا المقصود منها فقط.

Webiste