تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة فوائد حديث : ( لا صلاة بحضرة طعام ولا و... - ابن عثيمينالشيخ : فلنعد إلى الفوائد في هذا الحديث من الفوائد اعتناء الشّرع بالصّلاة وأنّه ينبغي أن يقبل الإنسان عليها وهو خالي الذّهن غير مشتغل بشيء، وجه الدّلالة...
العالم
طريقة البحث
تتمة فوائد حديث : ( لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان ) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : فلنعد إلى الفوائد
في هذا الحديث من الفوائد اعتناء الشّرع بالصّلاة وأنّه ينبغي أن يقبل الإنسان عليها وهو خالي الذّهن غير مشتغل بشيء، وجه الدّلالة أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى عن الصّلاة بحضرة طعام.
من فوائد هذا الحديث أنّه لو غلبت الوساوس بتناول الطّعام ومدافعة الأخبثين على الصّلاة فإنّها لا تصحّ وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بناء على؟
الطالب : وجوب الخشوع.

الشيخ : وجوب الخشوع
ومن الفوائد تأخير الصّلاة عن أوّل وقتها إلى آخره إذا كان بحضرة طعام أو وهو يدافعه الأخبثان، وجه ذلك أنّ تقديمها في أوّل الوقت سنّة، والصّلاة حال مدافعة الأخبثين أو بحضرة الطّعام إمّا محرّمة أو مكروهة كراهة شديدة، ومن المعلوم أنّه إذا تعارض فعل سنّة أو درء محرّم أو مكروه كراهة شديدة أنّه يقدّم الثاني.
ومنها أنّ المحافظة على كمال ذات العبادة أولى من المحافظة على كمال وقتها وجه ذلك أنّ الصّلاة في أوّل الوقت أفضل من حيث الزّمن لكن صلاتها بخشوع وحضور القلب أفضل، والأوّل الفضيلة الأولى تتعلّق بالزّمن وهذا يتعلّق بذات العبادة وعليه فمراعاة الفضيلة التي تتعلّق بذات العبادة أولى من مراعاة الفضيلة التي تتعلّق بزمن العبادة، قال أهل العلم وكذلك ما يتعلّق بمكانها إذا تعارضت فضيلة تتعلّق بمكان وفضيلة تتعلّق بحضور القلب فالأولى المحافظة على إيش؟ على ما يتعلّق بذات العبادة، ومثّلوا له بالدنوّ من الكعبة والرّمل إذا تعارض دنوّه من الكعبة والرّمل في طواف القدوم فمراعاة الرّمل أولى من مراعاة القرب من الكعبة لأنّ الرّمل يتعلّق بذات العبادة بذات الطّواف، وأمّا القرب فيتعلّق بإيش؟
الطالب : بمكانها.

الشيخ : بمكانها، ومن ذلك أيضا لو تعارض السّعي بين العلمين في المسعى لكن في الدّور الأعلى أو المشي بين العلمين لعدم القدرة على السّعي فأيّهما يقدّم؟ الأوّل يقدّم، هذا إذا قلنا أنّ بين الدّور الأرضي والأعلى فرقا، أمّا إذا قلنا لا فرق لأنّ الهواء تابع للقرار فلا تعارض أصلا لكن بعض العلماء أشكل عليهم السّعي في الطابق العلوي ولكنّه لا وجه للإشكال لأنّ الهواء تابع للقرار، والجبلان الصّفا والمروة رفيعان فوق مستوى الطابق الأعلى والأوسط أيضا فيصدق على من سعى في الطابق الأعلى والطابق الأوسط أنّه سعى بين الصّفا والمروة هذا وجه الإشكال، وبناء على هذا نقول ليس هناك معارضة بل هناك هل يتعب ويصعد أو يسعى في الأرض، وأكثر النّاس أحبّ إليه أن يصعد ويسعى باستراحة وعدم ...
ومن فوائد هذا الحديث أنّ ظاهره أنّه يراعي الطّعام الحاضر ولو فات الوقت لعموم قوله: لا صلاة بحضرة طعام وهذا عامّ في الأوقات كلّها يعني عام في كل وقت، يعني لا تصلّ بحضرة طعام ولو فات الوقت وإلى هذا ذهب بعض أهل العلم وقال إنّ تأخير الصّلاة عن وقتها من أجل الحصول على فراغ القلب وعدم شتاته جائز، لكنّ الجمهور يقولون إنّه إذا خاف فوات الوقت فإنّه يصلّي ولو كان بحضرة الطّعام وهذا أقرب، لكن مسألة مدافعة الأخبثين قد يقال إنّه يؤخّرها عن الوقت لأنّه لا يمكن أن يصلّي وهو يدافع الأخبثين لا سيما إذا كان من الناس الذين إذا اشتدّ عليهم الحصار انطلق الأمر من أيديهم فهذا يعني أنّه لو تمسّك ربّما يحدث بغير اختيار منه فالفرق بينهما من حيث المراعاة واضح جدّا.
من فوائد هذا الحديث مراعاة حال الإنسان وقيامه بحقوق نفسه لأنّ كونه يحضر الطّعام بين يديه وهو مشتاق إليه جدّا ويتشوّش فكره إذا لم يأكل فنقول له كل هذا لا شكّ أنّه مراعاة أنه مراعاة ورأفة وتيسير على العبد.
من فوائد هذا الحديث أنّه لا بدّ أن يكون مشتهيا للطعام جدّا من أين نأخذه؟ من أنّنا نعلم أنّ العلّة في النّهي عن الصّلاة عند حلول الطّعام هو ذهاب الخشوع وانشغال القلب فإذا لم يكن مشتاقا إليه كثيرا فإنّه لا نهي لأنّ الحكم يدور مع علّته وجودا وعدما.
ومن فوائد الحديث أيضا أنّه لو حضر عنده طعام لا يمكن تناوله وهو مشتهيه فإنّه لا يدع الصّلاة من أجله بل يصلّي، وجه ذلك؟ لأنّ تركه للصّلاة لا يفيد شيئا إذ أنّه لو ترك الصّلاة ووقف ليأكل هل يمكن يأكل؟
الطالب : لا يمكن.

الشيخ : لا يمكن، وله أمثلة منها أن يكون الطّعام لغيره وهو يعلم أنّه لا يأذن في أكله فهنا الطّعام حرام عليه لا يجوز أن يأكل حتى سواء أنّه صلّى أو ما صلّى، ومنها لو قدّم الفطور عند غروب الشّمس وقد استيقظ متأخّرا فهل نقول انتظر لا تصلّي العصر حتى تفطر بعد الغروب؟
الطالب : لا.

الشيخ : الجواب لا، لأنّه لا يستفيد من هذا شيئا إذ أنّه لا يمكن أن يأكل، ومن فوائد هذا الحديث أنّ إحساس الإنسان بالبول أو الغائط. بدون مدافعة لا يمنع من الصّلاة لقوله يدافعه فإحساس الإنسان بامتلاء المثانة من البول دون أن يكون هناك مدافعة لا يمنعه من الصّلاة لعدم انشغال القلب
فإن قال قائل وهل مثل ذلك إذا كان يدافع الرّيح؟ الجواب نعم لعدم الفرق ولأنّ الرّيح ربّما إذا امتلأت الأمعاء منها ربّما تخرج بدون اختيار الإنسان فيكون عذره باحتقان الرّيح كعذره باحتقان البول أو الغائط.
ومن فوائد هذا الحديث وصف البول والغائط بأنّهما الأخبثان فهل يعني ذلك أنّهما أغلب النّجاسات؟ الجواب بالنّسبة للآدميّ لا شكّ أنّهما أغلب النّجاسات فالمذي مثلا نجس ولكنّه أخفّ من البول والغائط فإنّه يكفي فيه النّضح والدّم دم الآدمي عند من يقول بنجاسته أخفّ من البول أو الغائط فهما أخبثان بالنّسبة لما يخرج من الإنسان وليسا أخبثان بالنّسبة لجميع النّجاسات لأنّ نجاسة الكلب أخبث فإنّها لا تطهر إلاّ بسبع غسلات إحداها بالتّراب
فإن قال قائل هل النّفي هنا لا صلاة نفي للابتداء أو نفي للابتداء والاستمرار؟ فالأصل أنّه للابتداء لكن لو حدث أو طرأ على الإنسان في أثناء الصّلاة مدافعة الأخبثين فهل تبطل الصّلاة؟ أو نقول لك أن تنصرف ولك أن تستمرّ؟ الجواب الثاني أنّ له أن يستمرّ وله أن ينصرف، لكن إذا كانت المدافعة شديدة فالأولى أن لا يستمرّ لما في ذلك من الإضرار على نفسه بانشغال القلب كثيرا عن صلاته. ما وجه دخول هذا الحديث في الخشوع في الصّلاة؟ واضح؟
الطالب : واضح.

الشيخ : واضح، لأنّ مدافعة الأخبثين أو حضور الطّعام المباح الذي يشتهيه ينافي الخشوع.

Webiste