تم نسخ النصتم نسخ العنوان
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى... - ابن عثيمينالشيخ : قال : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه :  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على صُبرة من طعام  " : صُبرة ، أصل هذه المادة الصاد والباء والراء تدل...
العالم
طريقة البحث
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة من طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً فقال : ( ما هذا يا صاحب الطعام ؟ ) ، قال أصابته السماء يا رسول الله ، قال : ( أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس ؟ من غش فليس مني ) . رواه مسلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : قال : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على صُبرة من طعام " :
صُبرة ، أصل هذه المادة الصاد والباء والراء تدل على الحبس ، ومنه الصبر ، ومنه : قُتِل صبرا وأمثلتها كثيرة .
فهذه المادة صاد باء راء تدل على الحبس ، والطعام المحبوس يعني المجموع . فمعنى صبرة أي : مجموع من طعام ، مر على هذه الكومة من الطعام فأدخل يده فيها ، أدخل الفاعل مَن ؟ النبي صلى الله عليه وسلم ، يده في هذه الصبرة فنالت أصابعه بللا : يعني أصابت بللا ، وإدخال النبي صلى الله عليه وسلم يده في هذه الصبرة يحتمل أنه للاستخبار والاستعلام ، ويحتمل أنه شم فيها رائحة الرطوبة أو غير ذلك ، المهم أننا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل يده إلا لسبب ، نعم .
يقول : فقال : ما هذا يا صاحب الطعام ؟ : ما هنا استفهامية ، والمراد بالاستفهام الإنكار ، ينكر عليه ، كأنه يقول : ليش تصنع هذا الشيء ؟ فقال : أصابته السماء يا رسول الله : السماء يعني : المطر ، والمطر يطلق عليه السماء في اللغة العربية قال الشاعر :
" إذا نزل السماء بأرض قوم " : أي المطر ، فالمراد بالسماء المطر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس ؟ الاستفهام هنا لإيش ؟ للإرشاد ، يعني أرشده إلى أن يجعله فوق الطعام ، وعلل ذلك بقوله : ليراه الناس ، فيعرفوا أن فيه عيبًا .
ثم قال : " مَن غش فليس مني رواه مسلم " :
الحديث هذا واضح معناه ، لكن فيه فوائد كثيرة منها :
جواز بيع الطعام صُبرة يعني كومة من غير معرفة لقدره كيلا أو وزنا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقرَّ ذلك ، ولو كان حراما لم يقره ، فهل يدخل في ذلك غيره من المرئيات ؟! يعني بحيث أن أبيع عليك قطيع هذا الغنم بدون معرفة لعده ، وأن أشتري منك السلعة بهذه الرزمة من الدراهم بدون عد ؟
الطالب : لا ، لا يجوز .

الشيخ : نعم ؟ ذهب بعض العلماء إلى الجواز ، وقال : إن هذا وإن كان لا يعلم بالعد أو بالوزن يعني لا يعلم بالتقدير فإنه يعلم بالمشاهدة ، ولكنه في الحقيقة ، ولكن هذا فيه نظر ، لأن الذي يعلم بالمشاهدة إما أن يكون الغرر فيه يسيرا كالكومة من الطعام ، والقطيع من الغنم ، والكيس من البر ، فالأمر في هذا قريب .
وإما يكون فيه الغرر كثيرا ، والخطر جسيما : مثل الرزمة من الدراهم ، الرزمة من الدراهم ، وإذا قدرنا أنها من فئة خمسمئة كم يكون الفرق فيما إذا نقص عن تقديرك ورقة أو ورقتان ؟ الفرق كبير ، وربما ينقص عشر ورقات ، فالصحيح في هذه المسألة أن الجزاف يجوز إلا فيما فيه خطر مثل النقود ، لو جئتك بصرة من ذهب وقلت : اشتريت منك هذا البيت بهذه الصرة ! يرى بعض العلماء : أن هذا جائز ، يرى أنه جائز مع أنك لا تدري ما في هذه الصرة من الذهب ، ولا شك أن هذا ليس بجائز ، لماذا ؟ للخطر والجهالة العظيمة ، بخلاف قطيع الغنم وكيس البر وما أشبه ذلك ، فالأمر فيه سهل والخطر فيه قليل ، والتقدير فيه ممكن ، إما حقيقة أو تقريبا .
أما مثل الدراهم فلا يجوز .
طيب لو قلت : اشتريت منك هذا البيت بوزن هذه السنجة ذهباً ، يجوز ولا لا ؟
الطالب : لا يجوز .

الشيخ : سنجة يعني قطعة من الحديد توزن بها الأشياء ، لا يجوز ، لأنها مجهولة ما هي معلومة ، أما لو كانت معلومة فلا بأس ، لو علمنا أنها كيلو أو مثقال أو ما أشبه ذلمك فلا بأس ، أما إذا لم نعلم فإن هذا جهالة عظيمة .

Webiste