تم نسخ النصتم نسخ العنوان
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : نهى رسول ال... - ابن عثيمينالشيخ : قال : " وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال :  نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها ، نهى البائع والمبتاع  " : قوله :  نهى ...
العالم
طريقة البحث
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها , نهى البائع والمبتاع . متفق عليه .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : قال : " وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها ، نهى البائع والمبتاع " : قوله : نهى النهي : طلب الكف على وجه الاستعلاء ، مثل قوله تعالى : ولا تشركوا به شيئا ، ولا تقربوا الزنى ، ولا تبخسوا الناس أشياءهم وأمثلة هذا كثير .
المهم : أنه طلب الكف على وجه الاستعلاء ، أي : أن الناهي يشعر بأنه أعلى من المنهي ، فإن كان على سبيل المساوي والند فهو التماس ، وإن كان من الأدنى إلى الأعلى فهو دعاء ، فقول المسلمين : ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ما نقول : هذا نهي ، نقول : هذا دعاء ، لأنك لست تلتمس ولا تستعلي ولكنك تستجدي ، تشعر بأن الذي تقول له : لا تؤاخذنا فوقك وأعلى منك .
طيب إذًا نهى : نقول إيش النهي ؟ طلب الكف على وجه الاستعلاء ، واختلف العلماء في قول الصحابي : نهى ، هل يحمل على الصيغة التي هي المضارع المقرون بلا الناهية أم ماذا ؟
لأن بعض العلماء قال : ليس كالصيغة الصريحة ، لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم : لا تبيعوا الثمار : هذا نهي صريح ما فيه إشكال ، لكن قول الصحابي : نهى ، زعم بعض العلماء أن هذا ليس بصريح في النهي ، لأنه قد يفهم ما ليس بنهي على أنه نهي بخلاف ما إذا نقل الصيغة نفسها ، فقال : لا تبيعوا ، لو قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تبيعوا ، لكان الأمر واضحا وصريحا والنهي صريح ، ولكن إذا قال : نهى فقد يفهم ما ليس بنهي على أنه نهي ، لكن هذا القول مرفوض لوجهين :
الوجه الأول : أن الصحابة رضي الله عنهم أعلم الناس بمدولولات ألفاظ الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأنهم عاصروه وسمعوه ، ومن المعلوم أن الإنسان إذا عاصر الشخص عرف كلامه ومدلول كلامه كما يعرف وجهه ، نحن الآن إذا طالعنا كتاب عالم من العلماء ، وأكثرنا مطالعته ، فإننا نعرف كلامه بمجرد ما يمر بنا وإن كان لم ينسب إليه ، ألستم تدركون هذا ؟
الطالب : بلى .

الشيخ : الإنسان إذا كان يطابع كثيرا في كتاب في مؤلفات شخص ثم مر به شيء من كلامه وإن لم ينسب إليه عرف أنه كلامه ، فالصحابة رضي الله عنهم لا شك أنهم أعلم الناس بمدلولات ألفاظ الرسول عليه الصلاة والسلام فلا يمكن أن يتوهم ما ليس بنهي على أنه نهي ، هذا بعيد جدا .
الوجه الثاني : أن الصحابة أورع الناس فيما ينقلونه عن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره ، فلا يمكن أن يتجرؤوا فيقولوا : نهى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو لم ينه هذا شيء مستحيل ، وعلى هذا فالقول هذا مردود ، والذي نرى أن قول الصحابي : نهى كقوله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تفعلوا ولا فرق .
وقوله : نهى عن بيع الثمار : الثمار جمع ثمر والمراد به : ثمر النخل وغيرها ، كل ما يسمى ثمرا كالتمر والعنب والتين والرمان والخوخ وغيرها مما يسمى ثمارا ، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعه حتى يبدو صلاحه .
وصلاح كل شيء بحسبه : منها ما يكون صلاحه باللون ، ومنها ما يكون بالطعم ، ومنها ما يكون بالملمس ، وقد يكون منها ما يكون بالرائحة ، المهم أن صلاح كل شيء بحسبه ، وصلاحه أن يطيب أكله ، ويكونُ مهيأً لما ينتفع به فيه ، هذا الصلاح .
وقوله : نهى البائع والمبتاع البائع : الباذل للتمر ، والمبتاع : الآخذ له ، وإنما نص رضي الله عنه على البائع والمبتاع لئلا يقال : إن النهي خاص بالبائع ، لأنه هو الغابن دون المشتري لأنه مغبون ، والمشتري إذا غبن لماذا يُنهى وهو راض بالغبن ؟!
وجه ذلك أن الثمار إذا يبعت قبل الصلاح فإنها عُرضة للآفات والعاهات ، فإن انتظر بها الإنسان صلاحها فقد يأتيها عاهات تفسدها ، وإن أخذها الآن قبل الصلاح فهذا إضاعة مال ، فالضرر على كل حال على المشتري أكثر ، المبتاع ، ولهذا قال : نهى البائع والمبتاع :
أما البائع فلأن عقده هذا قد يكون سببًا لأكل مال أخيه بغير حق ، وأما المشتري ، فلأنه يبذل ماله بما لا فائدة فيه ، لو أُصيب بعاهة تضرر وحصلت خصومة بينه وبين البائع ، فالحاصل أن النهي هنا يشمل البائع والمبتاع ، يقول : " متفق عليه ، وفي رواية : وكان إذا سئل عن صلاحها قال : حتى تذهب عاهتها " :
العاهة : ما يصيب الثمر من فساد ، ففي النخل مثلا الغبِير والحَشَف وتغير الطعم ، وكذلك في العنب : عاهته أن يتسلط عليه الطير ، وينقده حتى يذهب ماؤه وما أشبه ذلك .
المهم أنها حتى تذهب العاهة ويأمن من حدوث العاهات ، ولكن سيأتينا إن شاء الله ما ذكر المؤلف ، لكن على كل حال المراد حتى يطيب أكله ، ويكون متهيئا للانتفاع به .

Webiste