تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فوائد قوله تعالى : (( شرع لكم من الدين ما وص... - ابن عثيمينمن فوائد هذه الآية الكريمة : أن شرع الدين عند الله عز وجل وحده، ولهذا أنكر الله تعالى على الذين يشرعون لأقوامهم دينا لم يأذن به الله فقالوا :  شرعوا لهم...
العالم
طريقة البحث
فوائد قوله تعالى : (( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
من فوائد هذه الآية الكريمة : أن شرع الدين عند الله عز وجل وحده، ولهذا أنكر الله تعالى على الذين يشرعون لأقوامهم دينا لم يأذن به الله فقالوا : شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله .
ومن فوائدها : أن الأصل في العبادات المنع إلا بدليل، ولهذا إذا رأيت شخصا يعمل عملا يتقرب به إلى الله فأنكر عليه إلا إذا أقام دليلا، بخلاف غير العبادات فالأصل فيها الحل، ولهذا إذا رأيت شخصا يفعل شيئا ليس عبادة فأنكرت عليه فعليك الدليل .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن أديان الأنبياء واحدة من نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم لقوله: ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك فما هذا التوحيد في الأديان؟ التوحيد في الأديان هو ما أفاده قوله تعالى: ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فهذه هي القاعدة العامة في جميع الرسالات، أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت أما الشرائع والمنهج فكل أمة ما يناسبها لقوله تعالى : لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولهذا نجد أن بني إسرائيل يشدد الله على أقوام منهم في الشريعة ويخفف في الشريعة الأخرى، قال عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام : ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم إذا الأصل هو توحيد الرسالات، وهذا الأصل هو المشار إليه: ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت أما الشرائع والمنهاج فهذا يشرع الله عز وجل لكل أمة ما يناسبها، حتى الأمة الواحدة يشرع لها ما يناسبها في أول أمرها وفي آخر أمرها كالمنسوخ في هذه الشريعة الإسلامية .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات نبوة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى لقوله : ما وصى به نوحا وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : عناية الله تبارك وتعالى بالشرائع حيث جعل ذلك وصية، والوصية هي العهد بالشيء المهتم به .
ومن فوائد الآية الكريمة: أن هذا القرآن الكريم وحي أوحاه الله تعالى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لقوله : والذي أوحينا إليك .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : أن القرآن شامل لجميع الشريعة لقوله: والذي أوحينا إليك فإن قال قائل: في الشريعة ما لا يوجد في القرآن تفصيلا ؟ فالجواب: تكفي الإشارة إليه، يعني لو أننا بحثنا هل في القرآن ما يدل على عدد الصلوات وعلى عدد ركعاتها وعلى كيفياتها ؟ لكان الجواب: لا، ما هو موجود، لكن كون الله عز وجل يأمرنا أن نطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن تبعه يكفي، لأن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بها وبكل ما تتضمنه، وعلى هذا تكون الشريعة كلها موجودة في القرآن إما بالإشارة والإيماء وإما بالتصريح.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة إثبات رسالة النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : والذي أوحينا إليك .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الأمم جميعهم مأمورون بإقامة الدين وعدم التفرق فيه لقوله : أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه .
ومن فوائدها: أن التفرق في دين الله مناف للذي أوحى الله إلى رسوله الله صلى الله عليه وسلم ووصى به نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن ما يدعوا إليه النبي صلى الله عليه وسلم من توحيد كان عظيما وشاقا على المشركين لقوله: كبر على المشركين ما تدعوهم إليه ويتفرع على هذه الفائدة أنه متى كان التوحيد كبيرا على المشركين فلابد أن يسعوا بكل جهودهم على إحباط هذا التوحيد، لأن كل إنسان بمقتضى فطرته لابد أن يسعى في إزالة ما يكون شاقا عليه، ويتفرع على ذلك فائدة: وهو الحذر من كيد المشركين . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعوا المسلمين وغير المسلمين لدين الله لقوله: كبر على المشركين ما تدعوهم إليه وهذا قد وقع تطبيقه وشاهده في حال النبي صلى الله عليه وسلم، كان يخرج إلى البلاد الأخرى ليدعوا الناس إلى التوحيد كما خرج إلى الطائف، وكان في موسم الحج يعرض نفسه على القبائل عليه الصلاة والسلام يأتي لكل قبيلة ويدعوهم ويقول : ألا أحد يؤويني ـ أو كلمة نحوها ـ حتى أبلغ رسالة ربي فإن قريشا منعوني أن أبلغ رسالة كلام ربي .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن الله قد يمن على بعض العباد بالاجتباء والهداية لقوله : الله يجتبي إليه من يشاء .
ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات مشيئة الله عز وجل لفعل العبد لقوله: يجتبي إليه من يشاء فيكون فيها رد على من ؟ على القدرية الذين يقولون : إن الإنسان مستقل بعمله ولا مشيئة لله تعالى في فعله .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات الهداية لكل منيب وهذه الهداية غير الإنابة، الإنابة هداية سابقة، لكن كل ما أناب الإنسان إلى ربه ازداد هداية .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: عصمة الله تبارك وتعالى من ينيب من البدع والمخالفات لقوله: يهدي إليه وهذا بلا شك ضد البدع، لأن البدع ليس فيها هداية إلى الله بل هي ضلالة .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الحث على الإنابة إلى الله عز وجل لأنه سبب للهداية .
ومن فوائدها: الرد على الجبرية لقوله: من ينيب فأضاف الفعل إلى العبد، والجبرية لا يضيفون الأفعال إلى العبد يقولون : إن العبد يفعل بغير إرادة ولا اختيار، ففي الآية إذا رد على القدرية ورد على الجبرية، وهما طائفتان مبتدعتان متطرفتان، فما هو المذهب الوسط ؟ المذهب الوسط هو الذي يقول : إن الإنسان لا يجبر على عمله وأنه يفعل الفعل باختياره، ولا يشعر أن أحدا أجبره، لكننا نعلم أن هذا الفعل الذي وقع منه واقع بمشيئة الله وإرادة الله، ولا يمكن أن يستقل الإنسان بشيء في الكون من دون الله عز وجل، نعم .

Webiste