التعليق على تفسير الجلالين : (( فلذلك )) التوحيد (( فادع )) يا محمد الناس (( واستقم )) عليه (( كما أمرت ولا تتبع أهواءهم )) في تركه (( وقل ءامنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل )) أي بأن أعدل (( بينكم )) في الحكم (( الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم )) فكل يجازى بعمله (( لا حجة )) خصومة بأن أعدل (( بيننا وبينكم )) هذا قبل أن يؤمر بالجهاد (( الله يجمع بيننا )) في المعاد لفصل القضاء (( وإليه المصير )) المرجع .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : فلذلك فادع فلذلك: المشار إليه إقامة الدين وعدم التفرق فيه، وقوله : فادع الفاء زائدة لتحسين اللفظ، والأصل: فلذلك ادع، ولهذا نقول : إن هذه الجملة فيها حصر، تقديم ما حقه التأخير، ما هو المقدم ؟ الجار والمجرور، ولذلك قلت لكم: إن الفاء في قوله: فادع زائدة لتحسين اللفظ، ولولا أنها من كلام الله لقلنا فلذلك ادع، وهذا هو السر في أن قلنا : إن هذه الجملة تفيد الحصر.
فلذلك فادع قال المؤلف رحمه الله : " فلذلك التوحيد " ولو قال: فلذلك أي لإقامة الدين وعدم التفرق فيه لكان أجود فلذلك فادع والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا قال المؤلف: " يا محمد الناس " الناس أشار به إلى أن مفعول ادع محذوف، والتقدير الناس.
" واستقم عليه كما أمرت ولا تتبع أهوائهم في تركه " استقم كما أمرت هذا ليس خاصا بالرسول عليه الصلاة والسلام لقوله تعالى في سورة هود : فاستقم كما أمرت ومن تاب معك وقوله : استقم كما أمرت أي على الوجه الذي أمرت من غير زيادة ولا نقص، ولا تتبع أهوائهم ما أهواؤهم التي نهي عن إتباعها ؟ ما يخالف ما أمر به، ولهذا قال المؤلف الشارح: " في تركه ".
وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب قل معلنا لهم ولغيرهم: آمنت بما أنزل الله من كتاب آمنت بمعنى: أقررت، والإيمان: هو الإقرار المستلزم للقبول والإذعان، وليس مجرد الإقرار، ولهذا نقول : إن أبا طالب ليس بمؤمن، مع أنه مقر برسالة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان يقول في لاميته المشهورة :
لقد علموا أن ابننا لا مكذب لدينا ولا يعنى بقول الأباطل
ويقول:
ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة لرأيتني سمحا بذاك مبينا
ولكنه والعياذ بالله قد سبقت له من الله الشقاوة، فكان آخر ما قال أنه على ملة عبد المطلب، وصرح في تلك الحال أنه لولا أن قومه يلومونه ويقولون عندما أيس من الحياة آمن لآمنت، هكذا يقول والعياذ بالله وهو في سياق الموت فقوله : آمنت بما أنزل الله من كتاب نقول : الإيمان هو الإقرار المستلزم للقبول والإذعان، أبو طالب مقر لكنه لم يقبل ولم يذعن فصار كافر.
آمنت بما أنزل الله من كتاب أي بالذي أنزل الله من الكتب كلها، وهكذا يجب علينا نحن أيضا أن نؤمن بما أنزل الله من كتاب، ولكن هل يجب عليها أن نتبع ما أنزل الله من كتاب ؟ الجواب: لا، نتبع ما جاء في شريعتنا وإن خالف ما في الشرائع الأولى، لكن نؤمن بأن الكتب النازلة على موسى وعيسى وداود وغيرهم من الأنبياء نؤمن بأنها حق، أما الإتباع فهو لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأمرت لأعدل بينكم ... أفادنا المؤلف رحمه الله أن اللام في قوله: لأعدل بمعنى الباء أي أمرت: " بأن أعدل بينكم " هذا ما قدره المؤلف رحمه الله تعالى، ولا شك أن هذا تقدير سهل، سهل أن يقول: اللام بمعنى الباء، ويمشي، لكن إتيان اللام بمعنى الباء قد لا يكون سائغا في اللغة العربية، وأن الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بأمر فوق ذلك، أي: وأمرت بالشرع أو بالعدل لأعدل بينكم فيكون المأمور به محذوفا، ويكون الموجود هو العلة، أمرت بكذا لأعدل بينكم، وهذا أبلغ من أن نقول: اللام بمعنى الباء، ويكون أمرت بالعدل بينكم، لا، نقول: أمرت بالشرع والإيمان بكل كتاب لأعدل بينكم في الحكم.
الله ربنا وربكم هذه الجملة حق لا شك فيها، ولكن قد يقول قائل : ما الفائدة منها ؟ أليس هذا كقول القائل: السماء فوقنا والأرض تحتنا ؟ لأن هؤلاء يقرون بأن الله ربهم، فما الفائدة ؟ الفائدة من ذلك هو إلزامهم أن يكونوا مثل ما كنا عليه من الدين، لأن الرب واحد الله ربنا وربكم بإقراركم، فإذا كان كذلك فالواجب عليكم أن تخضعوا لأوامر ربكم عز وجل.
لنا أعمالنا ولكم أعمالكم يعني أنه لا يضرنا عملكم ولا يضركم عملنا، فإذا لا تتعقلوا بنا ولا نتعلق بكم، كل له عمله، فكل يجازى بعمله، لا حجة بيننا وبينكم كيف لا حجة بيننا وبينكم ولدينا الحجة عليهم ؟ المقصود: لا حجة قال الشارح: " خصومة بأن أعدل بيننا وبينكم " إلى آخره، والصواب عدم تقدير: بأن أعدل، لأنه لا داعي له، بل المعنى لا حجة قائمة على وجه الخصومة بيننا وبينكم لأننا قد أيسنا منكم، ولن تنفع فيكم المحاجة، الله يجمع بيننا قال : " هذا قبل أن يؤمر بالجهاد " طيب وبعد أن أمر الجهاد صار لهم أعمالنا ولنا أعمالهم، هل حين شرع الجهاد تبطل المحاجة ؟ لا، ولهذا نقول للمؤلف رحمه الله تعالى: عفا الله عنك، أولا : أثبت لنا أن هذه الآية قبل الأمر بالجهاد، فإذا قال: هذه الآية مكية والجهاد إنما أمر به في المدينة، نقول: أثبت لنا أنه لما أمر بالجهاد بطلت هذه البراءة، لا يستطيع أن يثبت ذلك، والله سبحانه وتعالى إنما يتحدث في هذا عن حال المشركين والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم في مكة، وهذا أصلا لا جهاد فيه حتى نقول: إن هذا من باب النسخ.
" الله يجمع بيننا في المعاد لفصل القضاء وإليه المصير المرجع " والجملة إليه المصير فيها حصر، طريقه ؟ تقديم ما حقه التأخير، والله أعلم .
فلذلك فادع قال المؤلف رحمه الله : " فلذلك التوحيد " ولو قال: فلذلك أي لإقامة الدين وعدم التفرق فيه لكان أجود فلذلك فادع والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا قال المؤلف: " يا محمد الناس " الناس أشار به إلى أن مفعول ادع محذوف، والتقدير الناس.
" واستقم عليه كما أمرت ولا تتبع أهوائهم في تركه " استقم كما أمرت هذا ليس خاصا بالرسول عليه الصلاة والسلام لقوله تعالى في سورة هود : فاستقم كما أمرت ومن تاب معك وقوله : استقم كما أمرت أي على الوجه الذي أمرت من غير زيادة ولا نقص، ولا تتبع أهوائهم ما أهواؤهم التي نهي عن إتباعها ؟ ما يخالف ما أمر به، ولهذا قال المؤلف الشارح: " في تركه ".
وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب قل معلنا لهم ولغيرهم: آمنت بما أنزل الله من كتاب آمنت بمعنى: أقررت، والإيمان: هو الإقرار المستلزم للقبول والإذعان، وليس مجرد الإقرار، ولهذا نقول : إن أبا طالب ليس بمؤمن، مع أنه مقر برسالة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان يقول في لاميته المشهورة :
لقد علموا أن ابننا لا مكذب لدينا ولا يعنى بقول الأباطل
ويقول:
ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة لرأيتني سمحا بذاك مبينا
ولكنه والعياذ بالله قد سبقت له من الله الشقاوة، فكان آخر ما قال أنه على ملة عبد المطلب، وصرح في تلك الحال أنه لولا أن قومه يلومونه ويقولون عندما أيس من الحياة آمن لآمنت، هكذا يقول والعياذ بالله وهو في سياق الموت فقوله : آمنت بما أنزل الله من كتاب نقول : الإيمان هو الإقرار المستلزم للقبول والإذعان، أبو طالب مقر لكنه لم يقبل ولم يذعن فصار كافر.
آمنت بما أنزل الله من كتاب أي بالذي أنزل الله من الكتب كلها، وهكذا يجب علينا نحن أيضا أن نؤمن بما أنزل الله من كتاب، ولكن هل يجب عليها أن نتبع ما أنزل الله من كتاب ؟ الجواب: لا، نتبع ما جاء في شريعتنا وإن خالف ما في الشرائع الأولى، لكن نؤمن بأن الكتب النازلة على موسى وعيسى وداود وغيرهم من الأنبياء نؤمن بأنها حق، أما الإتباع فهو لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأمرت لأعدل بينكم ... أفادنا المؤلف رحمه الله أن اللام في قوله: لأعدل بمعنى الباء أي أمرت: " بأن أعدل بينكم " هذا ما قدره المؤلف رحمه الله تعالى، ولا شك أن هذا تقدير سهل، سهل أن يقول: اللام بمعنى الباء، ويمشي، لكن إتيان اللام بمعنى الباء قد لا يكون سائغا في اللغة العربية، وأن الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بأمر فوق ذلك، أي: وأمرت بالشرع أو بالعدل لأعدل بينكم فيكون المأمور به محذوفا، ويكون الموجود هو العلة، أمرت بكذا لأعدل بينكم، وهذا أبلغ من أن نقول: اللام بمعنى الباء، ويكون أمرت بالعدل بينكم، لا، نقول: أمرت بالشرع والإيمان بكل كتاب لأعدل بينكم في الحكم.
الله ربنا وربكم هذه الجملة حق لا شك فيها، ولكن قد يقول قائل : ما الفائدة منها ؟ أليس هذا كقول القائل: السماء فوقنا والأرض تحتنا ؟ لأن هؤلاء يقرون بأن الله ربهم، فما الفائدة ؟ الفائدة من ذلك هو إلزامهم أن يكونوا مثل ما كنا عليه من الدين، لأن الرب واحد الله ربنا وربكم بإقراركم، فإذا كان كذلك فالواجب عليكم أن تخضعوا لأوامر ربكم عز وجل.
لنا أعمالنا ولكم أعمالكم يعني أنه لا يضرنا عملكم ولا يضركم عملنا، فإذا لا تتعقلوا بنا ولا نتعلق بكم، كل له عمله، فكل يجازى بعمله، لا حجة بيننا وبينكم كيف لا حجة بيننا وبينكم ولدينا الحجة عليهم ؟ المقصود: لا حجة قال الشارح: " خصومة بأن أعدل بيننا وبينكم " إلى آخره، والصواب عدم تقدير: بأن أعدل، لأنه لا داعي له، بل المعنى لا حجة قائمة على وجه الخصومة بيننا وبينكم لأننا قد أيسنا منكم، ولن تنفع فيكم المحاجة، الله يجمع بيننا قال : " هذا قبل أن يؤمر بالجهاد " طيب وبعد أن أمر الجهاد صار لهم أعمالنا ولنا أعمالهم، هل حين شرع الجهاد تبطل المحاجة ؟ لا، ولهذا نقول للمؤلف رحمه الله تعالى: عفا الله عنك، أولا : أثبت لنا أن هذه الآية قبل الأمر بالجهاد، فإذا قال: هذه الآية مكية والجهاد إنما أمر به في المدينة، نقول: أثبت لنا أنه لما أمر بالجهاد بطلت هذه البراءة، لا يستطيع أن يثبت ذلك، والله سبحانه وتعالى إنما يتحدث في هذا عن حال المشركين والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم في مكة، وهذا أصلا لا جهاد فيه حتى نقول: إن هذا من باب النسخ.
" الله يجمع بيننا في المعاد لفصل القضاء وإليه المصير المرجع " والجملة إليه المصير فيها حصر، طريقه ؟ تقديم ما حقه التأخير، والله أعلم .
الفتاوى المشابهة
- شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمين
- ما المراد بالعدل بين الزوجات .؟ - الالباني
- ماهو تفسير قوله تعالى ( و لن تستطيعوا أن تعد... - ابن عثيمين
- ما المراد بالعدل في الآية (( ولن تستطيعوا أن ت... - الالباني
- عدم العدل بين الزوجات. - الفوزان
- شرح قول المصنف : " ويأمره بتقوى الله وبأن يت... - ابن عثيمين
- قال المؤلف :"وقوله: {وأن احكم بينهم بما أنزل... - ابن عثيمين
- رجل متزوج و له ثلاث من النساء و ترك بعضهن و... - ابن عثيمين
- حكم العدل بين الإخوة - ابن باز
- فوائد قوله تعالى : (( فلذلك فادع واستقم كما... - ابن عثيمين
- التعليق على تفسير الجلالين : (( فلذلك )) الت... - ابن عثيمين