شرح قول المصنف : وقوله : (( أفحكم الجاهلية يبغون ))
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : قال : وقوله أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون الاستفهام هنا للتوبيخ، وحكم مفعول يبغون، وقدم عليه لإفادة الحصر، كأن المعنى: أفلا يبغون إلا حكم الجاهلية، ويبغون بمعنى يطلبون، وحكم الجاهلية الإضافة هنا تحتمل معنيين، أحدهما: أفحكم أهل الجهل الذين سبقوا الرسالة، أي: أيريد هؤلاء أن يعيدوا الأمة الإسلامية إلى طريق الجاهلية السابقة للرسالة؟ وأحكام الجاهلية تعرفونها، البحائر والسوائب وقتل الأولاد، وقتل البنات، وما أشبه ذلك، أو أن المعنى أفحكم الجاهلية المعنى الثاني: أن الحكم موصوف بالجهل، يعني أفحكم الجهل سواء كانت عليه الجاهلية السابقة أم لم تكن، وأيهما أعم؟ المعنى الثاني أعم، وعلى كل فالإضافة تقتضي التقبيح حيث أضيف هذا الحكم إلى الجهل، سواء إلى الأمة الجاهلية أو إلى الجهل، فهو يفيد التقبيح.
وما هو حكم الجهل أو حكم الجاهلية ؟ كل حكم يخالف حكم الله فهو حكم جهل وجاهلية، وهل هو حكم جهل أو جهالة؟ جهل وجهالة، إن كان مع العلم بالشرع فهو جهالة، وإن كان مع خفاء الشرع فهو جهل، والجهالة هي العمل بالخطأ سفها لا جهلا، إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأما من يعمل السوء بجهل فليس عليه ذنب، لكن عليه أن يتعلم.
طيب، إذن حكم الجاهلية نقول هذه الإضافة تقتضي أيش؟
الطالب : التقبيح.
الشيخ : التقبيح والتنفير واللوم والتوبيخ على من أراد ذلك، والإضافة هنا إما أنها إضافة إلى قوم فالمعنى أفحكم الجاهليين الذين سبقوا الإسلام يبغون، أو مضافة إلى معنى، يعني: أفحكم الجهل الذي ليس فيه علم يبغون؟ والمعنى الثاني أعم.
قال الله عز وجل: ومن أحسن من الله حكما من اسم استفهام بمعنى النفي، أي: لا أحد أحسن من الله حكما، وقد سبق لنا مرارا أنه إذا جاء النفي بصيغة الاستفهام فإنه يكون مشربا معنى التحدي، كأنه يقول من أحسن، جب ما تقدر، من أحسن من الله حكما فهو أبلغ من قول لا أحسن من الله حكما، أبلغ لأنه يفيد أيش؟ هاه؟ يفيد التحدي.
الطالب : يفيد الإعجاز.
الشيخ : هذا هو معنى التحدي هو الإعجاز، نعم.
ومن أحسن من الله حكما ، حكما فاعل أحسن منصوب بالضمة الظاهرة، كيف؟ تمييز؟ ليش؟ لأحسن لأنه بعد اسم التفضيل، فيكون تمييزا، ميز الأحسن لأن كلمة من أحسن من الله مبهم، فبين هذا المبهم، من أحسن من الله حكما.
وقوله جل ذكره: من أحسن من الله حكما يتناول الحكم الكوني والشرعي، أليس كذلك؟
الطالب : بلى.
الشيخ : الكوني والشرعي، قد يقول قائل: إننا نجد في الأحكام الكونية ما هو ضار ومدمر، كالزلازل والفيضانات والعواصف وما أشبهها، فأين الحسن في ذلك؟ فما الجواب؟
الجواب: أن الغايات المحمودة في هذه الأمور تجعلها حسنة، كما يضرب الإنسان ولده تربية فيعد هذا الضرب فعلا حسنا، فكذلك الله عز وجل يصيب بعض الناس بهذه المصائب لأجل تربيتهم، وقد قال الله تعالى في القرية التي قلب أهلها قردة خاسئين، قال: فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين وموعظة للمتقين، هذه من أعظم الحكم، فصدق قوله تعالى: ومن أحسن من الله حكما .
ولكن هذا الحسن في حكم الله هل هو بين لكل أحد؟ لا، لقوم يوقنون وكلما ازداد الإنسان إيقانا ازداد معرفة بحسن أحكام الله، وكلما نقص إيقانه ازداد جهلا بحسن أحكام الله، ولذلك تجد أهل العلم الراسخين فيه إذا جاءت الآيات المشتبهات تجدهم يبينون وجهها بأكمل بيان، حتى تقول سبحان الله كيف يوجد هذا عندهم ولا أعرفه أنا، فكل من كان أكمل إيقانا كان ظهوره على حسن أحكام الله أكثر وأبين، ولا يجد في أحكام الله تناقضا، ولا يجد في أحكام الله ما يخالف العقل السليم، وكلما قل إيقان المرء قل معرفته بحسن أحكام الله، امتحن نفسك الآن، هل أنت تجد أحكام الله أحسن الأحكام؟ إن كنت كذلك فعندك إيقان، وإن لم تكن كذلك فيقينك ناقص، لأن الله قال: من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ، وهذا خبر لا يدخله الكذب إطلاقا، لأنه لا أحد أحسن من الله حكما لقوم يوقنون، ولهذا هدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه، فجمعوا بين المشتبهات وبين المختلفات من النصوص، وقالوا: كل من عند ربنا لا تناقض فيه ولا اختلاف، أي نعم، نعم.
وما هو حكم الجهل أو حكم الجاهلية ؟ كل حكم يخالف حكم الله فهو حكم جهل وجاهلية، وهل هو حكم جهل أو جهالة؟ جهل وجهالة، إن كان مع العلم بالشرع فهو جهالة، وإن كان مع خفاء الشرع فهو جهل، والجهالة هي العمل بالخطأ سفها لا جهلا، إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأما من يعمل السوء بجهل فليس عليه ذنب، لكن عليه أن يتعلم.
طيب، إذن حكم الجاهلية نقول هذه الإضافة تقتضي أيش؟
الطالب : التقبيح.
الشيخ : التقبيح والتنفير واللوم والتوبيخ على من أراد ذلك، والإضافة هنا إما أنها إضافة إلى قوم فالمعنى أفحكم الجاهليين الذين سبقوا الإسلام يبغون، أو مضافة إلى معنى، يعني: أفحكم الجهل الذي ليس فيه علم يبغون؟ والمعنى الثاني أعم.
قال الله عز وجل: ومن أحسن من الله حكما من اسم استفهام بمعنى النفي، أي: لا أحد أحسن من الله حكما، وقد سبق لنا مرارا أنه إذا جاء النفي بصيغة الاستفهام فإنه يكون مشربا معنى التحدي، كأنه يقول من أحسن، جب ما تقدر، من أحسن من الله حكما فهو أبلغ من قول لا أحسن من الله حكما، أبلغ لأنه يفيد أيش؟ هاه؟ يفيد التحدي.
الطالب : يفيد الإعجاز.
الشيخ : هذا هو معنى التحدي هو الإعجاز، نعم.
ومن أحسن من الله حكما ، حكما فاعل أحسن منصوب بالضمة الظاهرة، كيف؟ تمييز؟ ليش؟ لأحسن لأنه بعد اسم التفضيل، فيكون تمييزا، ميز الأحسن لأن كلمة من أحسن من الله مبهم، فبين هذا المبهم، من أحسن من الله حكما.
وقوله جل ذكره: من أحسن من الله حكما يتناول الحكم الكوني والشرعي، أليس كذلك؟
الطالب : بلى.
الشيخ : الكوني والشرعي، قد يقول قائل: إننا نجد في الأحكام الكونية ما هو ضار ومدمر، كالزلازل والفيضانات والعواصف وما أشبهها، فأين الحسن في ذلك؟ فما الجواب؟
الجواب: أن الغايات المحمودة في هذه الأمور تجعلها حسنة، كما يضرب الإنسان ولده تربية فيعد هذا الضرب فعلا حسنا، فكذلك الله عز وجل يصيب بعض الناس بهذه المصائب لأجل تربيتهم، وقد قال الله تعالى في القرية التي قلب أهلها قردة خاسئين، قال: فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين وموعظة للمتقين، هذه من أعظم الحكم، فصدق قوله تعالى: ومن أحسن من الله حكما .
ولكن هذا الحسن في حكم الله هل هو بين لكل أحد؟ لا، لقوم يوقنون وكلما ازداد الإنسان إيقانا ازداد معرفة بحسن أحكام الله، وكلما نقص إيقانه ازداد جهلا بحسن أحكام الله، ولذلك تجد أهل العلم الراسخين فيه إذا جاءت الآيات المشتبهات تجدهم يبينون وجهها بأكمل بيان، حتى تقول سبحان الله كيف يوجد هذا عندهم ولا أعرفه أنا، فكل من كان أكمل إيقانا كان ظهوره على حسن أحكام الله أكثر وأبين، ولا يجد في أحكام الله تناقضا، ولا يجد في أحكام الله ما يخالف العقل السليم، وكلما قل إيقان المرء قل معرفته بحسن أحكام الله، امتحن نفسك الآن، هل أنت تجد أحكام الله أحسن الأحكام؟ إن كنت كذلك فعندك إيقان، وإن لم تكن كذلك فيقينك ناقص، لأن الله قال: من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ، وهذا خبر لا يدخله الكذب إطلاقا، لأنه لا أحد أحسن من الله حكما لقوم يوقنون، ولهذا هدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه، فجمعوا بين المشتبهات وبين المختلفات من النصوص، وقالوا: كل من عند ربنا لا تناقض فيه ولا اختلاف، أي نعم، نعم.
الفتاوى المشابهة
- حكم إحياء أمور الجاهلية - الفوزان
- تتمة شرح قوله المصنف:وقوله ( وهو العليم الحك... - ابن عثيمين
- شرح قول المصنف " ...فإن صلى فمسلم حكما ... ". - ابن عثيمين
- حكم وصف "الجاهلية" لحال ما قبل الاستقامة - ابن باز
- حكم من يقول: إن المجتمعات اليوم جاهلية - ابن باز
- .شرح قول المصنف : وعن أبي مالك الأشعري - رضي... - ابن عثيمين
- ما حكم قول: الناس في جاهليةٍ، ونحوه؟ - ابن باز
- شرح قول المصنف :عن أبي شريح ( أنه كان يكنى أ... - ابن عثيمين
- القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابل... - ابن عثيمين
- حكم من يقول الشرع اللي كذا ما نبغيه - اللجنة الدائمة
- شرح قول المصنف : وقوله : (( أفحكم الجاهلية ي... - ابن عثيمين