فوائد حديث : ( ... عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهى حائض في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم مره فليراجعها ثم ليتركها ... ) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : ففي هذا الحديث فوائد منها جواز التوكيل أو التوكل في العلم، لأن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم إما بوكالة من ابنه أو بتوكل من ابنه، ومنها مشروعية السؤال عن الأمور المشتبهة لأن عمر رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ومنها جواز التوكيل بالأمر لقوله مره فليراجعها وحينئذٍ يكون عندنا أمران أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر عمر، الأمر المباشر لابن عمر هو أيش؟ أمر أبيه، والأمر الذي فوقه والذي ترتب عليه أمر أبيه هو أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ومن فوائد هذا الحديث أمر من طلق امرأته وهي حائض بالمراجعة ولكن ما معنى المراجعة؟ أكثر العلماء والأئمة على أن المراد بها المراجعة من طلاق، لأنه لا مراجعة إلا بعد طلاق، ولكن هذا القول ضعيف، لأن دعوى أنه لا مراجعة إلا بعد طلاق غير صحيح، ففي القرآن الكريم قول الله تعالى فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها الفاعل؟ الأول، الزوج الثاني فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا عليهما أي على الزوج الثاني أو الأول؟
الطلاب : الأول.
الشيخ : الأول والزوجة، أن يتراجعا مع أن هذا ليس مراجعة بل هو ابتداء نكاح جديد، فسمى الله رجوع المرأة إلى زوجها سماه مراجعة مع أنه ليس عن طلاق، وعلى هذا فيكون فليراجعها أي يردها إلى عصمته ويلغي الطلاق، ويدل لذلك من حيث المعنى أننا لو أمرناه بالمراجعة ثم بالطلاق لكنا ضيقنا عليه الواسع، لأنه إذا راجع وحسبت الأولى، ثم طلق ثانية لم يبق عليه إلا طلقة واحدة فنضيق عليه، والشرع يريد أن يقلل من الطلاق، فتبين بهذا أن هذه لا تؤيد الجمهور لا من حيث اللفظ ولا من حيث المعنى، ومن فوائد هذا الحديث أن كل ما يمكن أن يوصف بالصحة والفساد إذا وقع على خلاف الأمر فإنه فاسد، لا يعتد به، لأن الطلاق يوصف بالصحة والفساد والحل والحرمة، أليس كذلك؟ فإذا وقع على الوجه المنهي عنه صار فاسدا وإنما قيدنا ذلك بما يكون حلالا وحراما لئلا يرد علينا الظهار مثلا، الظهار تترتب عليه أحكامه مع أنه أيش؟ حرام منكر من القول وزورا وتترتب عليه أحكامه، القذف تترتب عليه أحكامه مع أنه حرام، لأن الظهار والقذف وما أشبههما من الكلام المحرم ليس ينقسم إلى حلال وحرام أو إلى صحيح وفاسد، أما الطلاق فينقسم إلى حلال وحرام، منه الحلال ومنه الحرام، فما كان حلالا فهو واقع وما كان حراما فهو مردود لقول النبي صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ، ومن فوائد هذا الحديث عقوبة من تعجل شيئا على وجه محرم بتأخير ذلك الشيء عليه لأنه قال ثم ليتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ، مع أن المانع يزول بطهارتها من الحيضة التي وقع فيها الطلاق، أليس كذلك؟
الطالب : بلى.
الشيخ : نعم، هو كذلك، وإذا كان يزول فمقتضى هذا أنه يجوز أن يطلق بعد طهارتها من الحيضة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يطيل عليه الأمد لأنه تعجله على وجه محرم، ومن فوائد هذا الحديث أن أحكام الحرام الذي يكون صحيحا وفاسدا تترتب عليه وإن كان الذي فعله جاهلا حين فعله لأنه يبعد أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يعلم تحريم الطلاق ثم يوقعه، ومن فوائد الحديث إثبات المشيئة للعبد وخالف في ذلك مبتدعة من هم؟ الجبرية، الجبرية يقولون الإنسان ما له مشيئة، الإنسان مجبر لا يقدر يحرك يده إلا جبرا، ولا يقدر يتزوج إلا جبرا ولا يقدر أن يطلق إلا جبرا ومعلوم أن هذا شيء يرده العقل والنقل والحس، ومن فوائد هذا الحديث تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن الكريم، لأنه قال فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن تطلق لها النساء، لقوله فطلقوهن لعدتهن وقوله تلك يعني بذلك المشار إليه الطلاق في طهر لم يجامع فيه، فالعدة هي عدة الطلاق في طهر أتموا؟
الطلاب : لم يجامع فيه.
الشيخ : لم يجامع فيه، ووجه ذلك أنه إذا طلق في حيض لم تحتسب بقية الحيضة فهي لاغية فلا يكون طلق للعدة، وإن طلق في طهر جامع فيه فالعدة مشتبهة لا ندري أتحمل من هذا الجماع فتكون العدة بوضع الحمل أو لا تحمل فتكون العدة بالأقراء، فالعدة إذًا مشكوك فيها، لم يطلق لعدتهن إذ أنّ العدة الآن ما يعلم ما هي، أهي وضع الحمل أو الأقراء، لماذا؟ لأن من الجائز أن تحمل من هذا الجماع وإذا كان من الجائز المحتمل فإنه لم يطلق للعدة أفهمتم يا إخوة؟ بهذا نعرف أن القول الراجح في تكرار صيغة الطلاق أن ما زاد على الواحدة لا يقع، ما زاد على الجملة الواحدة لا يقع، يعني مثلا لو قال الرجل لزوجته أنت طالق اليوم، لو قال اليوم لزوجته أنت طالق وفي يوم السبت قال أنت طالق وفي يوم الأحد قال أنت طالق، دون رجوع بينها فإنها لا تطلق إلا واحدة، على القول الراجح الذي إذا تدبره الإنسان تبين له أنه لا يسوغ العدول عنه وإن كان الجمهور على خلافه لأن الطلقة الثانية والثالثة ليست للعدة، ثبتت العدة بماذا؟ بالطلقة الأولى فوقعت الثانية والثالثة بغير عدة، ولهذا لو طلق اليوم في طهر لم يجامع فيه ثم حاضت ثم طلق ثانية بدون رجعة فهل تستأنف العدة وتلغي الحيضة الأولى أو لا تستأنف؟ لا تستأنف حتى على المذهب لا تستأنف، فيقال الآن الطلقة الثانية التي وقعت بعد الحيضة هل طلق للعدة هل طلق بها للعدة؟ لا، لأنها لم تستأنف العدة، وبهذا يتبين أن القول الراجح ما اختاره شيخ الإسلام في هذه المسألة أنه إذا تكرر الطلاق فإنه يلغى ما بعد الأولى، ليش؟ لأنه وقع على غير العدة فيكون مخالفا لأمر الله تبارك وتعالى في قوله طلقوهن لعدتهن ، وحينئذٍ ينطبق عليه الحديث من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ، طيب، ومن فوائد هذا الحديث أن الإنسان إذا سمّ الله عز وجل فينبغي أن يردفه بقوله تعالى أو عز وجل أو جل ذكره أو ما أشبه ذلك، كما أنك إذا قلت قال رسول الله تتبعه بقولك صلى الله عليه وسلم، فالله أحق أن يثنى عليه، تقول مثلا حفظك الله تعالى وما أشبه ذلك، لكن هذا يبدو لي مما يمر علينا في السنة أنه ليس في التأكد كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه يجب على من سمع ذكر الرسول أن يصلي عليه ولا يجب على من سمع ذكر الله أن يثني عليه ، لأن مجرد الإسم ثناء على الله عز وجل، مجرد اسم الله ثناء على الله عز وجل حيث وصفته بالألوهية التي لا تصلح إلا لله عز وجل.
الطلاب : الأول.
الشيخ : الأول والزوجة، أن يتراجعا مع أن هذا ليس مراجعة بل هو ابتداء نكاح جديد، فسمى الله رجوع المرأة إلى زوجها سماه مراجعة مع أنه ليس عن طلاق، وعلى هذا فيكون فليراجعها أي يردها إلى عصمته ويلغي الطلاق، ويدل لذلك من حيث المعنى أننا لو أمرناه بالمراجعة ثم بالطلاق لكنا ضيقنا عليه الواسع، لأنه إذا راجع وحسبت الأولى، ثم طلق ثانية لم يبق عليه إلا طلقة واحدة فنضيق عليه، والشرع يريد أن يقلل من الطلاق، فتبين بهذا أن هذه لا تؤيد الجمهور لا من حيث اللفظ ولا من حيث المعنى، ومن فوائد هذا الحديث أن كل ما يمكن أن يوصف بالصحة والفساد إذا وقع على خلاف الأمر فإنه فاسد، لا يعتد به، لأن الطلاق يوصف بالصحة والفساد والحل والحرمة، أليس كذلك؟ فإذا وقع على الوجه المنهي عنه صار فاسدا وإنما قيدنا ذلك بما يكون حلالا وحراما لئلا يرد علينا الظهار مثلا، الظهار تترتب عليه أحكامه مع أنه أيش؟ حرام منكر من القول وزورا وتترتب عليه أحكامه، القذف تترتب عليه أحكامه مع أنه حرام، لأن الظهار والقذف وما أشبههما من الكلام المحرم ليس ينقسم إلى حلال وحرام أو إلى صحيح وفاسد، أما الطلاق فينقسم إلى حلال وحرام، منه الحلال ومنه الحرام، فما كان حلالا فهو واقع وما كان حراما فهو مردود لقول النبي صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ، ومن فوائد هذا الحديث عقوبة من تعجل شيئا على وجه محرم بتأخير ذلك الشيء عليه لأنه قال ثم ليتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ، مع أن المانع يزول بطهارتها من الحيضة التي وقع فيها الطلاق، أليس كذلك؟
الطالب : بلى.
الشيخ : نعم، هو كذلك، وإذا كان يزول فمقتضى هذا أنه يجوز أن يطلق بعد طهارتها من الحيضة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يطيل عليه الأمد لأنه تعجله على وجه محرم، ومن فوائد هذا الحديث أن أحكام الحرام الذي يكون صحيحا وفاسدا تترتب عليه وإن كان الذي فعله جاهلا حين فعله لأنه يبعد أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يعلم تحريم الطلاق ثم يوقعه، ومن فوائد الحديث إثبات المشيئة للعبد وخالف في ذلك مبتدعة من هم؟ الجبرية، الجبرية يقولون الإنسان ما له مشيئة، الإنسان مجبر لا يقدر يحرك يده إلا جبرا، ولا يقدر يتزوج إلا جبرا ولا يقدر أن يطلق إلا جبرا ومعلوم أن هذا شيء يرده العقل والنقل والحس، ومن فوائد هذا الحديث تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن الكريم، لأنه قال فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن تطلق لها النساء، لقوله فطلقوهن لعدتهن وقوله تلك يعني بذلك المشار إليه الطلاق في طهر لم يجامع فيه، فالعدة هي عدة الطلاق في طهر أتموا؟
الطلاب : لم يجامع فيه.
الشيخ : لم يجامع فيه، ووجه ذلك أنه إذا طلق في حيض لم تحتسب بقية الحيضة فهي لاغية فلا يكون طلق للعدة، وإن طلق في طهر جامع فيه فالعدة مشتبهة لا ندري أتحمل من هذا الجماع فتكون العدة بوضع الحمل أو لا تحمل فتكون العدة بالأقراء، فالعدة إذًا مشكوك فيها، لم يطلق لعدتهن إذ أنّ العدة الآن ما يعلم ما هي، أهي وضع الحمل أو الأقراء، لماذا؟ لأن من الجائز أن تحمل من هذا الجماع وإذا كان من الجائز المحتمل فإنه لم يطلق للعدة أفهمتم يا إخوة؟ بهذا نعرف أن القول الراجح في تكرار صيغة الطلاق أن ما زاد على الواحدة لا يقع، ما زاد على الجملة الواحدة لا يقع، يعني مثلا لو قال الرجل لزوجته أنت طالق اليوم، لو قال اليوم لزوجته أنت طالق وفي يوم السبت قال أنت طالق وفي يوم الأحد قال أنت طالق، دون رجوع بينها فإنها لا تطلق إلا واحدة، على القول الراجح الذي إذا تدبره الإنسان تبين له أنه لا يسوغ العدول عنه وإن كان الجمهور على خلافه لأن الطلقة الثانية والثالثة ليست للعدة، ثبتت العدة بماذا؟ بالطلقة الأولى فوقعت الثانية والثالثة بغير عدة، ولهذا لو طلق اليوم في طهر لم يجامع فيه ثم حاضت ثم طلق ثانية بدون رجعة فهل تستأنف العدة وتلغي الحيضة الأولى أو لا تستأنف؟ لا تستأنف حتى على المذهب لا تستأنف، فيقال الآن الطلقة الثانية التي وقعت بعد الحيضة هل طلق للعدة هل طلق بها للعدة؟ لا، لأنها لم تستأنف العدة، وبهذا يتبين أن القول الراجح ما اختاره شيخ الإسلام في هذه المسألة أنه إذا تكرر الطلاق فإنه يلغى ما بعد الأولى، ليش؟ لأنه وقع على غير العدة فيكون مخالفا لأمر الله تبارك وتعالى في قوله طلقوهن لعدتهن ، وحينئذٍ ينطبق عليه الحديث من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ، طيب، ومن فوائد هذا الحديث أن الإنسان إذا سمّ الله عز وجل فينبغي أن يردفه بقوله تعالى أو عز وجل أو جل ذكره أو ما أشبه ذلك، كما أنك إذا قلت قال رسول الله تتبعه بقولك صلى الله عليه وسلم، فالله أحق أن يثنى عليه، تقول مثلا حفظك الله تعالى وما أشبه ذلك، لكن هذا يبدو لي مما يمر علينا في السنة أنه ليس في التأكد كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه يجب على من سمع ذكر الرسول أن يصلي عليه ولا يجب على من سمع ذكر الله أن يثني عليه ، لأن مجرد الإسم ثناء على الله عز وجل، مجرد اسم الله ثناء على الله عز وجل حيث وصفته بالألوهية التي لا تصلح إلا لله عز وجل.
الفتاوى المشابهة
- شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمين
- حدثنا يحيى بن يحيى وقتيبة وابن رمح واللفظ لي... - ابن عثيمين
- هل حديث ( أن ابن عمر ذكر للنبي صلى الله عليه و... - الالباني
- حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي حدث... - ابن عثيمين
- تتمة فوائد حديث : ( ... والله لقد علمت أن رس... - ابن عثيمين
- حدثني عبد بن حميد أخبرني يعقوب بن إبراهيم حد... - ابن عثيمين
- وحدثني هارون بن عبد الله حدثنا حجاج بن محمد... - ابن عثيمين
- شرح أحاديث من كتاب عمدة الأحكام : باب الطلاق... - ابن عثيمين
- التعليق على اختلاف ألفاظ حديث بن عمر رضي الل... - ابن عثيمين
- حدثنا يحيى بن يحيى التميمي قال قرأت على مالك... - ابن عثيمين
- فوائد حديث : ( ... عن ابن عمر أنه طلق امرأته... - ابن عثيمين