فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه لن يُخلَّف فقال : "إنك لن تُخلَّف" وبين له أنه لو خُلِّف ثم عمل عملا يبتغي به وجه الله إلا ازداد به عند الله درجة ورفعة ، يعني لو فُرِض أنك خُلِّفت ولم تتمكن من الخروج من مكة وعملت عملا تبتغي به وجه الله ، فإن الله تعالى يزيدك به رفعة ودرجة ، رفعة في المقام والمرتبة ، ودرجة في المكان ، فيرفعك الله عز وجل في جنات النعيم درجات ، حتى لو عملت بمكة وأنت قد هاجرت منها ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ولعَلَّكَ أنْ تُخلَّف" : أن تخلف هنا غير أن تخلف في الأول ، "لعلك أن تُخلَّف" يعني : أن تعمَّر في الدنيا ، وهذا هو الذي وقع ، فإن سعد بن أبي وقاص عُمِّر زمانا طويلا ، حتى إنه رضي الله عنه كما ذكر العلماء خَلَّف سبعة عشر ذكرا ، واثنتي عشرة بنتا ، سبعة عشر ذكر ، واثنتي عشرة بنتا ، وهو كان بالأول ما عنده إلا بنت واحدة ، ولكن بقي وعُمِّر وَرُزق أولادًا سبع عشرة ابنا ، واثنتي عشرة ابنة ، قال : "ولعلك أن تُخلَّف حتى ينتفع بك أقوامٌ ويُضرَّ بك آخرون" ، وهذا الذي حصل فإن سعدا رضي الله عنه خُلِّف ، وصار له أثر كبير في الفتوحات الإسلامية ، وفتح فتوحات عظيمة كبيرة ، فانتفع به أقوام وهم المسلمون ، وضُرَّ به آخرون وهم الكفار والله الموفق .
القارئ : والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق حديث سعد : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اللهم أَمضِ لأصحابي هجرتهم ، ولا تردهم على أعقابهم ، لكن البائسُ سعدُ بن خولة" : يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة ، متفق عليه " .
الشيخ : ما في شرح ، ما فيه شرح .