شرح حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - : ( وإنَّك لَن تُنفِقَ نفَقةً تبْتَغي بها وجهَ الله إلا أُجِرْتَ عليها ؛ حتَّى ما تَجعَلُ في فِي امرأَتِكَ ) .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : قال : وعن أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص مالك بن أُهَيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرَّة بن كعب بن لؤي القرشي الزهري - رضي الله عنه - أحد العشرة المشهود لهم بالجنة - رضي الله عنهم - قال : جاءني رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - . هنا - رضي الله عنهم - أشكل عليَّ ؛ لأنُّو سعد ... ما أعلم أن أباه كان صحابيًّا .
السائل : لا ، من العشرة - رضي الله عنهم - ، من العشرة - رضي الله عنهم - .
الشيخ : أحسنت .
طيب ؛ قال : جاءني رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يعودني عام حجَّة الوداع من وجعٍ اشتدَّ بي ، فقلت : يا رسول الله ، إني قد بلغَ بي من الوجع ما ترى ، وأنا ذو مالٍ ، ولا يرثني إلا ابنةٌ لي ؛ أفأتصدَّق بثلثَي مالي ؟ قال : لا . قلت : فالشطر يا رسول الله ؟ قال : لا . قلت : فالثلث يا رسول الله ؟ قال : الثلث ، والثلث كثير - أو كبير - ، إنك أن تذرَ ورثتَك أغنياء خيرٌ من أن تذرَهم عالةً يتكفَّفون الناس ، وإنَّك لَن تُنفِقَ نفَقةً تبْتَغي بها وجهَ الله إلا أُجِرْتَ عليها ؛ حتَّى ما تَجعَلُ في فِي امرأَتِكَ . قال : فقلت : يا رسول الله ، أُخلَّف بعد أصحابي ؟ قال : إنك لن تخلَّفَ فتعمل عملًا تبتغي به وجه الله إلا ازدَدْتَ به درجةً ورفعةً ، ولعلك أن تُخلَّفَ حتى ينتفعَ بك أقوام ويُضرَّ بك آخرون ، اللهم أمضِ لأصحابه هجرتهم ، ولا تردَّهم على أعقابهم ، لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن مات بمكة . متفق عليه .
الشاهد من هذا الحديث هو قوله المناسب للباب : تبتغي بها وجه الله - تبارك وتعالى - ؛ أي : إن كل إنفاقٍ ينبغي أن يقصدَ به المنفق وجه الله - تبارك وتعالى - ، ونعود لشرح ما قد يكون غامضًا في الحديث .
في حجة الوداع مرض سعد بن أبي وقاص أحد العشر المبشرين بالجنة مرضًا أشرف منه على الهلاك على الموت ، فجاء فعادَه الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، فشكا إليه أمرَه ، قال : يا رسول الله ، إني قد بلغَ بي من الوجع ما ترى ؛ أي : فأخشى أن يدرِكَني الموت وأنا ذو مالٍ لا يرثني إلا ابنة لي ؛ أفأتصدَّق بثلثي مالي - أي : قبل موتي - ؟ قال : لا . قلت : فالشطر - يعني النصف - يا رسول الله ؟ فقال : لا . قلت : فالثلث يا رسول الله ؟ قال : الثلث ، والثلث كثير . وفي الشك اللي شكَّ فيه الراوي قال : أو كبير ، فالثلث كثير - أو كبير - . فنجد الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - مع تصريح سعد بأنه ليس له وارث يرثه إلا ابنة له لم يسمح لسعد بأن يُوصي بشطر من المال فضلًا عن الثلثين ، ولما قال سعد : إذًا أتصدَّق بالثلث ؟ قال : الثلث ، والثلث كثير ، هذا تعبير يُبيح للغنيِّ أن يتصدَّق بثلث ماله ، ولكن مع ملاحظة أنه خلاف الأفضل ؛ لأنه قال : الثلث والثلث كثير ؛ يعني إذا كان ولا بد فتتصدَّق بالثلث ، لكن مع ذلك الثلث كثير ؛ أي : اجعل صدقتك لورثتك ؛ فإن الأقربين أولى بالمعروف ، لا تتصدَّق بأكثر من مالك ، لا تتصدَّق ولو بالثلث ، وإن كان ولا بد فالثلث والثلث كثير .
يعلِّل الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - هذا الذي حضَّه عليه من الإقلال من الصدقة بقوله - عليه الصلاة والسلام - : إنك أن تذر ؛ أي : أن تترك ، ورثتَك أغنياء من بعدك خيرٌ من أن تذَرَهم عالةً يتكفَّفون الناس يمدُّون أكفَّهم يسألونهم من المال الذي أعطاهم الله - عز وجل - ؛ فلذلك لا ينبغي لك أن تتصدَّق بثلثي مالك ولا بنصف مالك ، وإن كان ولا بد فالثلث ، والثلثان يبقيان لِمَن يرثك لتمنَعَهم بهذا المال الذي تتركه لهم من أن يتكفَّفوا أيدي الناس ، وأن يسألوهم ، ويشحدوا منهم .
ثم يذكر الرسول - عليه السلام - جملةً أخرى فيها بيان فضل الإنفاق على العيال بصورة خاصَّة ، فيقول : وإنَّك لَن تُنفِقَ نفَقةً تبْتَغي بها وجهَ الله إلا أُجِرْتَ عليها ، مهما كانت هذه النفقة يسيرة وبسيطة في أعين الناس حتَّى ما تَجعَلُ في فِي امرأَتِكَ ؛ يعني في فمها ، اللقمة يرفعها الرجل إلى فم زوجته فهي صدقة ، ولكن بشرط أن يبتغِيَ بذلك وجه الله - تبارك وتعالى - .
هنا الشاهد من هذا الحديث ؛ أن المسلم مهما عمل من أعمال صالحة فهي لا تكون صالحةً مقبولةً عند الله إلا إذا ابتغى بها وجه الله - تبارك وتعالى - ، وإنَّك لَن تُنفِقَ نفَقةً تبْتَغي بها وجهَ الله إلا أُجِرْتَ عليها ؛ حتَّى ما تَجعَلُ في فِي امرأَتِكَ . قال : فقلت : يا رسول الله ، أخلَّف بعد أصحابي ؟ يعني أعيش وأحيا مدَّة من الحياة بعد أصحابي الذين ماتوا ؟ قال : إنك لن تُخلَّف فتعمل عملًا تبتغي به وجه الله إلا ازدَدْتَ به درجةً ورفعةً . هذا كالحديث الذي رواه الإمام أحمد وغيره : خيرُكم مَن طال عمرُه وحَسُنَ عمله ، فهو يقول : إنك لن تُخلَّف يعني تعيش من بعد أصحابك فتعمل عملًا تبتغي به وجه الله إلا ازدَدْتَ به درجةً ورفعةً ، ولعلك أن تُخلَّف حتى ينتفعَ بك أقوام ويُضرَّ بك آخرون .
هنا في نكتة قلَّما تأتي في النصوص الشرعية ، يقول : ولعلك أن تُخلَّفَ حتى ينتفع بك أقوام ، ما وقف إلى هنا ، بل قال : ويضرَّ بك أخرون ؛ كيف يُضَرُّ الآخرون ؟ بسبب كفرهم وعصيانهم وضلالهم ؛ يعني الرسول - عليه السلام - لما بُعِثَ فانتفع به ناس وتضرَّر به آخرون ، الذين انتفعوا واضح أمرهم ، أما الذين تضرَّروا فقد أُقِيمَت حجَّة الله عليهم ببعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فتضرَّروا بذلك .
السائل : لا ، من العشرة - رضي الله عنهم - ، من العشرة - رضي الله عنهم - .
الشيخ : أحسنت .
طيب ؛ قال : جاءني رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يعودني عام حجَّة الوداع من وجعٍ اشتدَّ بي ، فقلت : يا رسول الله ، إني قد بلغَ بي من الوجع ما ترى ، وأنا ذو مالٍ ، ولا يرثني إلا ابنةٌ لي ؛ أفأتصدَّق بثلثَي مالي ؟ قال : لا . قلت : فالشطر يا رسول الله ؟ قال : لا . قلت : فالثلث يا رسول الله ؟ قال : الثلث ، والثلث كثير - أو كبير - ، إنك أن تذرَ ورثتَك أغنياء خيرٌ من أن تذرَهم عالةً يتكفَّفون الناس ، وإنَّك لَن تُنفِقَ نفَقةً تبْتَغي بها وجهَ الله إلا أُجِرْتَ عليها ؛ حتَّى ما تَجعَلُ في فِي امرأَتِكَ . قال : فقلت : يا رسول الله ، أُخلَّف بعد أصحابي ؟ قال : إنك لن تخلَّفَ فتعمل عملًا تبتغي به وجه الله إلا ازدَدْتَ به درجةً ورفعةً ، ولعلك أن تُخلَّفَ حتى ينتفعَ بك أقوام ويُضرَّ بك آخرون ، اللهم أمضِ لأصحابه هجرتهم ، ولا تردَّهم على أعقابهم ، لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن مات بمكة . متفق عليه .
الشاهد من هذا الحديث هو قوله المناسب للباب : تبتغي بها وجه الله - تبارك وتعالى - ؛ أي : إن كل إنفاقٍ ينبغي أن يقصدَ به المنفق وجه الله - تبارك وتعالى - ، ونعود لشرح ما قد يكون غامضًا في الحديث .
في حجة الوداع مرض سعد بن أبي وقاص أحد العشر المبشرين بالجنة مرضًا أشرف منه على الهلاك على الموت ، فجاء فعادَه الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، فشكا إليه أمرَه ، قال : يا رسول الله ، إني قد بلغَ بي من الوجع ما ترى ؛ أي : فأخشى أن يدرِكَني الموت وأنا ذو مالٍ لا يرثني إلا ابنة لي ؛ أفأتصدَّق بثلثي مالي - أي : قبل موتي - ؟ قال : لا . قلت : فالشطر - يعني النصف - يا رسول الله ؟ فقال : لا . قلت : فالثلث يا رسول الله ؟ قال : الثلث ، والثلث كثير . وفي الشك اللي شكَّ فيه الراوي قال : أو كبير ، فالثلث كثير - أو كبير - . فنجد الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - مع تصريح سعد بأنه ليس له وارث يرثه إلا ابنة له لم يسمح لسعد بأن يُوصي بشطر من المال فضلًا عن الثلثين ، ولما قال سعد : إذًا أتصدَّق بالثلث ؟ قال : الثلث ، والثلث كثير ، هذا تعبير يُبيح للغنيِّ أن يتصدَّق بثلث ماله ، ولكن مع ملاحظة أنه خلاف الأفضل ؛ لأنه قال : الثلث والثلث كثير ؛ يعني إذا كان ولا بد فتتصدَّق بالثلث ، لكن مع ذلك الثلث كثير ؛ أي : اجعل صدقتك لورثتك ؛ فإن الأقربين أولى بالمعروف ، لا تتصدَّق بأكثر من مالك ، لا تتصدَّق ولو بالثلث ، وإن كان ولا بد فالثلث والثلث كثير .
يعلِّل الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - هذا الذي حضَّه عليه من الإقلال من الصدقة بقوله - عليه الصلاة والسلام - : إنك أن تذر ؛ أي : أن تترك ، ورثتَك أغنياء من بعدك خيرٌ من أن تذَرَهم عالةً يتكفَّفون الناس يمدُّون أكفَّهم يسألونهم من المال الذي أعطاهم الله - عز وجل - ؛ فلذلك لا ينبغي لك أن تتصدَّق بثلثي مالك ولا بنصف مالك ، وإن كان ولا بد فالثلث ، والثلثان يبقيان لِمَن يرثك لتمنَعَهم بهذا المال الذي تتركه لهم من أن يتكفَّفوا أيدي الناس ، وأن يسألوهم ، ويشحدوا منهم .
ثم يذكر الرسول - عليه السلام - جملةً أخرى فيها بيان فضل الإنفاق على العيال بصورة خاصَّة ، فيقول : وإنَّك لَن تُنفِقَ نفَقةً تبْتَغي بها وجهَ الله إلا أُجِرْتَ عليها ، مهما كانت هذه النفقة يسيرة وبسيطة في أعين الناس حتَّى ما تَجعَلُ في فِي امرأَتِكَ ؛ يعني في فمها ، اللقمة يرفعها الرجل إلى فم زوجته فهي صدقة ، ولكن بشرط أن يبتغِيَ بذلك وجه الله - تبارك وتعالى - .
هنا الشاهد من هذا الحديث ؛ أن المسلم مهما عمل من أعمال صالحة فهي لا تكون صالحةً مقبولةً عند الله إلا إذا ابتغى بها وجه الله - تبارك وتعالى - ، وإنَّك لَن تُنفِقَ نفَقةً تبْتَغي بها وجهَ الله إلا أُجِرْتَ عليها ؛ حتَّى ما تَجعَلُ في فِي امرأَتِكَ . قال : فقلت : يا رسول الله ، أخلَّف بعد أصحابي ؟ يعني أعيش وأحيا مدَّة من الحياة بعد أصحابي الذين ماتوا ؟ قال : إنك لن تُخلَّف فتعمل عملًا تبتغي به وجه الله إلا ازدَدْتَ به درجةً ورفعةً . هذا كالحديث الذي رواه الإمام أحمد وغيره : خيرُكم مَن طال عمرُه وحَسُنَ عمله ، فهو يقول : إنك لن تُخلَّف يعني تعيش من بعد أصحابك فتعمل عملًا تبتغي به وجه الله إلا ازدَدْتَ به درجةً ورفعةً ، ولعلك أن تُخلَّف حتى ينتفعَ بك أقوام ويُضرَّ بك آخرون .
هنا في نكتة قلَّما تأتي في النصوص الشرعية ، يقول : ولعلك أن تُخلَّفَ حتى ينتفع بك أقوام ، ما وقف إلى هنا ، بل قال : ويضرَّ بك أخرون ؛ كيف يُضَرُّ الآخرون ؟ بسبب كفرهم وعصيانهم وضلالهم ؛ يعني الرسول - عليه السلام - لما بُعِثَ فانتفع به ناس وتضرَّر به آخرون ، الذين انتفعوا واضح أمرهم ، أما الذين تضرَّروا فقد أُقِيمَت حجَّة الله عليهم ببعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فتضرَّروا بذلك .
الفتاوى المشابهة
- تتمة فوائد حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه... - ابن عثيمين
- هل ما ينفقه الإنسان على نفسه وعلى أهل بيته م... - ابن عثيمين
- قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما... - ابن عثيمين
- حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا الزهري قال أ... - ابن عثيمين
- حدثنا الحكم بن نافع قال أخبرنا شعيب عن الزهر... - ابن عثيمين
- قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما... - ابن عثيمين
- باب : العمل الذي يبتغى به وجه الله. فيه سعد - ابن عثيمين
- تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى ف... - ابن عثيمين
- شرح الشيخ لحديث سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه... - الالباني
- شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمين
- شرح حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - : (... - الالباني