تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى ف... - ابن عثيمينالشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما ساقه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة مجيء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه...
العالم
طريقة البحث
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وتقيم الصلاة ... " . وفيه ذكر شروط الصلاة من الوقت والطهارة و قضاء الحاجة .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما ساقه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة مجيء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان ، فذكر أن الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وسبق لنا الكلام على الجملة الأولى الركن الأول : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وعلى شيء من أحكام الركن الثاني : إقام الصلاة ، وذكرنا أن أهم شروط الصلاة الوقت وبينا ذلك فيما سبق ، وليعلم أن الصلاة قبل دخول الوقت لا تُقبل ، حتى لو كبر تكبيرة الإحرام ثم دخل الوقت بعد التكبيرة مباشرة ، فإنها لا تقبل على أنها فريضة ، لأن الشيء الموقت بوقت لا يصح قبل وقته ، كما لو أراد الإنسان أن يصوم قبل رمضان ولو بيوم واحد ، فإنه لا يجزئه عن رمضان ، كذلك لو صلى ، لو كبر تكبيرة الإحرام قبل دخول الوقت فإن الصلاة لا تقبل منه على أنها فريضة ، لكن إن كان جاهلا لا يدري صارت نافلة ، ووجب عليه إعادتها فريضة ، أما إذا صلاها بعد الوقت ، إذا صلاها بعد الوقت فلا يخلو من حالين : إما أن يكون معذورا بجهل أو نسيان أو نوم ، فهذا تقبل منه ، الجهل مثل ألا يعرف أن الوقت قد دخل وقد خرج ، فهذا لا شيء عليه ، متى علم فإنه يصلي الصلاة وتقبل منه ، لأنه معذور ، والنسيان مثل أن يكون الإنسان اشتغل بشغل عظيم أشغله وألهاه حتى خرج الوقت ، فإن هذا يصليها ولو بعد خروج الوقت ، والنوم كذلك ، لو أن شخصا نام على أنه سيقوم عند الأذان ولكن صار نومه ثقيلا فلم يسمع الأذان ولم يسمع المنبه الذي وضعه عند رأسه حتى خرج الوقت ، فإنه يصلي إذا استيقظ ، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : مَن نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك .
أما الحال الثانية : فهي أن يؤخر الصلاة عن وقتها عمدا بدون عذر ، فاتفق العلماء على أنه آثم وعاص لله ورسوله ، وقال بعض العلماء : إنه يكفر بذلك كفرا مخرجا عن الملة ، نسأل الله العافية ، فالعلماء متفقون على أنه إذا أخر الصلاة عن وقتها بلا عذر فإنه آثم عاص ، لكن منهم من قال : إنه يكفر ، ولكن الجمهور وهو الصحيح أنه لا يكفر ، ولكن اختلفوا فيما لو صلاها في هذه الحال ، يعني بعد أن أخرجها عن وقتها عمدا بلا عذر ثم صلى ، فمنهم من قال : إنها تقبل صلاته ، لأنه عاد إلى رشده وصوابه ، ولأنه إذا كان الناسي تقبل منه الصلاة بعد الوقت فالمتعمد كذلك ، ولكن القول الصحيح الذي تؤيده الأدلة أنها لا تقبل منه إذا أخرها عن وقتها عمدا ، فإنها لا تقبل منه ولو صلى ألف مرة ، وذلك لقول النبي عليه الصلاة والسلام : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد : يعني مردود غير مقبول عند الله ، وإذا كان مردودا فلن يُقبل ، وهذا الذي أخر الصلاة عمدا عن وقتها إذا صلاها فقد صلاها على غير أمر الله ورسوله فلا تقبل منه .
وأما المعذور فهو معذور ولهذا رخص بل أمره الشارع أن يصليها إذا زال عذره ، أما ما ليس بمعذور فإنه لو بقي يصلي كل دهره فإنها لا تقبل منه هذه الصلاة التي أخرجها عن وقتها بلا عذر ، ولكن عليه أن يتوب إلى الله ، ويستقيم ويكثر من العمل الصالح والاستغفار ، ومن تاب تاب الله عليه .
ومن إقام الصلاة : الطهارة ، فإنها لا تقبل صلاة بغير طهور ، قال النبي عليه الصلاة والسلام : لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ، فلابد أن يقوم الإنسان بالطهارة على الوجه الذي أُمر به ، فإن أحدث حدثا أصغر مثل البول والغائط والريح والنوم وأكل لحم الإبل فإنه يتوضأ ، وفروض الوضوء : غسل الوجه واليدين إلى المرفقين ، ومسح الرأس ، وغسل الرجلين إلى الكعبين كما أمر الله بذلك في قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ .
ومِن الرأس الأذنان ، ومن الوجه المضمضمة والاستنشاق في الفم والأنف ، فلابد في الوضوء من غسل هذه الأعضاء ، من تطهير هذه الأعضاء الأربعة غسل في ثلاثة ، ومسح في واحد .
وأما الاستنجاء أو الاستجمار فهو إزالة نجاسة ، لا علاقة له بالوضوء ، فلو أن الإنسان بال أو تغوط واستنجى ، ثم ذهب لشغله ثم دخل الوقت فإنه يتوضأ ، يعني يغسل الأعضاء الأربعة ، يطهر الأعضاء الأربعة ، ولا حاجة إلى أن يستنجي ، لأن الاستنجاء كما قلت لكم إزالة نجاسة ، متى أُزيلت فإنه لا يعاد الغسل مرة ثانية إلا إذا رجعت مرة ثانية ، والصحيح أنه لو نسي أن يستجمر استجمارا شرعيا ، ثم توضأ فإن وضوءه صحيح ، لأنه كما قلت ليس هناك علاقة بين الاستنجاء وبين الوضوء ، أما إذا كان محدثا حدثا أكبر يعني جنابة فعليه أن يغتسل يعم يعم جميع بدنه بالماء لقوله تعالى : وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ، ومن ذلك : المضمضمة والاستنشاق ، لأن المضمضمة والاستنشاق داخلان في الوجه فيجب تطهير الأنف والفم كما يجب تطهير الجبهة والخد واللحية .
والغُسل الواجب الذي يكفي أن تعم جميع بدنك بالماء ، سواء بدأت بالرأس أو بالصدر أو بالظهر أو بأسفل البدن أو انغمست في بركة وخرجت منها بنية الغسل .
والوضوء في الغسل سنة وليس بواجب ، ويُسن قبل أن يغتسل ، يُسن أن يتوضأ قبل أن يغتسل وإذا اغتسل فلا حاجة للوضوء مرة ثانية ، لأنه لم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه توضأ بعد اغتساله ، فإذا لم يجد الماء أو كان مريضا يخشى مِن استعمال الماء ، أو كان برد شديد وليس عنده ما يسخن به الماء فإنه يتيمم لقوله تعالى : وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ، فبين الله حال السفر والمرض أنه يتيمم فيهما ، إذا لم يجد الماء في السفر ، أما البرد خوف البرد فدليله قصة عمرو بن العاص رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في سرية ، فأجنب فتيمم وصلى بأصحابه إماما ، فلما رجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : أصليت بأصحابك وأنت جنب ؟ قال : نعم يا رسول الله ، ذكرت قول الله تعالى : وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً يعني : وخفت البرد ، فتيممت صعيدا طيبا فصليت ، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ، ولم يأمره بالإعادة ، لأن من خاف الضرر كمن فيه الضرر ، لكن بشرط أن يكون الخوف يعني غالبا أو قاطعا ، أما مجرد الوَهَم فهذا ليس بشيء ، والله الموفق .
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق حديث عمر : " قال جبريل : يا محمد أخبرني عن الإسلام ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " .

Webiste