شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . قال الله تعالى (( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )) وقال تعالى (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر )) وقال تعالى (( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )) وقال تعالى (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )) وقال تعالى (( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون )) ... " .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أولًا لا بد أن نعرف ما هو المعروف؟ وما هو المنكر؟ فالمعروف: كل ما عرفه الشرع وأقره من العبادات القولية والفعلية الظاهرة والباطنة، والمنكر: كل ما أنكره الشرع ومنعه من أنواع المعاصي من الكفر والفسوق والعصيان والكذب والغيبة والنميمة وغير ذلك، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، فرض كفاية إذا قام به من يكفي حصل المقصود، وإذا لم يقم به من يكفي وجب على جميع المسلمين، كما قال الله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فبدأ بالدعوة إلى الخير، ثم ثنى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك لأن الدعوة إلى الخير قبل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الدعوة إلى الخير بيان الخير للناس بأن يدعوهم إلى الصلاة إلى الزكاة إلى الحج إلى الصيام إلى بر الوالدين إلى صلة الأرحام وما أشبه ذلك، ثم بعد هذا يأتي دور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيأمر يقول: صلّ إما على سبيل العموم أو على سبيل الخصوص، بأن يمسك برجل متهاون بالصلاة فيقول: صلّ، وهناك مرحلة ثالثة وهي التغيير الذي قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام: من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده ولم يقل فلينه عنه لأن هذه مرحلة فوق النهي فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه اللسان هو النهي عن المنكر، والقلب إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يتكلم فإنه ينكر بقلبه بكراهته وبغضه لهذا المنكر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحتاج إلى أمور، يحتاج إلى أمور: الأمر الأول: أن يكون الإنسان عالما بالمعروف والمنكر فإن لم يكن عالما بالمعروف فإنه لا يجوز أن يأمر به، لأنه يأمر بماذا؟ قد يأمر بشيء يظنه معروفًا وهو منكر ولا يدري، فلا بد أن يكون عالما أن هذا من المعروف الذي شرعه الله ورسوله، ولا بد أن يكون عالما بالمنكر أي: عالما بأن هذا منكر، فإن لم يكن عالما بذلك فلا ينهى عنه، لأنه قد ينهى عن شيء هو معروف فيترك المعروف بسببه أو ينهى عن شيء وهو مباح فيضيق على عباد الله بمنعهم مما أباح الله لهم، فلا بد أن يكون عالما بأن هذا منكر، وقد يتسرع كثير من إخواننا الغيورين فينهون عن أمور مباحة يظنونها منكرًا فيضيقون على عباد الله، فالواجب أن لا تأمر بشيء إلا وأنت تدري أنه معروف وأن لا تنهى عن شيء إلا وأنت تدري أنه منكر، الشيء الثاني: أن تعلم بأن هذا الرجل تارك للمعروف أو فاعل للمنكر، ولا تأخذ ولا تأخذ الناس بالتهمة أو بالظن فإن الله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا فإذا رأيت شخصًا مثلًا لا يصلي معك في المسجد فإنه لا يعني أنه لا يصلي في مسجد آخر، قد يصلي في مسجد آخر قد يكون معذورًا فلا تذهب من أجل أن تنكر عليه حتى تعلم أنه يتخلف بلا عذر، نعم لا بأس أن تذهب وتسأله تقول: يا فلان نحن نفقدك في المسجد لا بأس عليك عسى ما شر وما أشبه ذلك، أما أن تنكر أو أشد من ذلك أن تتكلم به في المجالس فهذا لا يجوز لأنك لا تدري ربما يكون يصلي في مسجد آخر أو يكون معذورًا، ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يستفهم أولًا قبل أن يأمر فإنه ثبت في * صحيح مسلم * أن رجلًا دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس ولم يصل تحية المسجد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أصليت؟ قال: لا، قال: قم فصل ركعتين ولم يأمره أن يصلي ركعتين حتى سأله هل صلى أم لا؟ مع أن ظاهر الحال أنه رجل دخل وجلس أنه لم يصل لكن الرسول عليه الصلاة والسلام خاف أن يكون قد صلى وهو لم يشعر به، فقال: أصليت؟ فقال: لا، قال: قم فصل ركعتين كذلك في المنكر لا يجوز أن تنكر على شخص إلا إذا علمت أنه وقع في المنكر، فلو رأيت مع شخص امرأة في سيارة مثلًا فإنه لا يجوز أن تتكلم عليه أو على المرأة لأنه ربما تكون هذه المرأة من محارمه زوجة أو أخت أو أم أو ما أشبه ذلك حتى تعلم أنه قد أركب معه امرأة ليست من محارمه، وأمثال هذا كثير، المهم أنه لا بد من علم الإنسان بأن هذا معروف ليأمر به أو منكر لينهى عنه، ولا بد أن يعلم أيضًا أن الذي وجه إليه الأمر أو النهي قد وقع في أمر يحتاج إلى أمر فيه أو نهي عنه، ثم إن الذي ينبغي للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون رفيقًا أن يكون رفيقًا بأمره رفيقًا في نهيه، فإنه إذا كان رفيقًا أعطاه الله سبحانه وتعالى ما لا يعطي على العنف، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف إذا عنَّفت عليه ربما ينفر وتأخذه العزة بالإثم ولا ينقاد لك، لكن إذا جئته بالتي هي أحسن فإنه ينتفع، يذكر أن رجلًا من أهل الحسبة يعني من الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر في زمان مضى سابقًا قديمًا مرَّ على شخص يسني -السواني معروفة- يسني على إبله يستخرج الماء من البئر عند أذان المغرب، وعادة الناس الذين يسنون عادتهم أن يحدوا بالإبل يعني ينشدوا شعرًا من أجل أن تخف الإبل، لأن الإبل سبحان الله تطرب لنشيد الشعر، فجاء هذا الرجل معه غيره وتكلم على هذا بكلام قبيح على العامل اللي يسني كلامًا قبيحًا، العامل متعب من الشغل وضائقة نفسه فضرب الرجل بالمسوقة، المسوقة عصا طويلة متين، تشرد الرجل شرد فذهب إلى المسجد والتقى بالشيخ عالم من العلماء من أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وقال له: إني فعلت كذا وكذا وأن الرجل ضربني بالمسوقة، قال: طيب فلما كان من اليوم الثاني ذهب الشيخ بنفسه إلى المكان قبل غروب الشمس وتوضأ ووضع مشلحه على خشبة حول المنحاة ثم أذن المغرب فوقف كأنه يريد أن يأخذ المشلح، فقال له: يا فلان يا أخي جزاك الله خيرًا أنت تدور الخير في العمل هذا وأنت على خير، لكن الآن أذن لو تذهب وتصلي المغرب وترجع ما فاتك شيء، بكلام لين هين فقال له: جزاك الله خيرًا مرَّ علي رجل أمس جلف وقام يسب فيه وانتهرني وقال أنت فيك ما لا فيك وما ملكت نفسي حتى ضربته بالمسوقة، قال: لا لا ما يحتاج إلى ضرب أنت عاقل تكلم معه بكلام لين فأسند المسوقة العصا اللي يضرب بها الإبل، ثم ذهب يصلي بانقياد، لماذا؟ لأن الأول عامله بالعنف، والثاني عامله بالرفق، ونحن وإن لم تحصل هذه القضية لدينا كلام من طبيب، من هو؟ الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يعطي بالرفق أو على الرفق ما لا يعطي على العنف وما كان الرفق في شيء إلا زانه وما كان العنف في شيء إلا شانه فأنت احرص على أن يكون أمرك ونهيك رفيقًا، ويأتي إن شاء الله بقية الشروط للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الدرس المقبل.
القارئ : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال المؤلف رحمه الله تعالى: " باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الله تعالى: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون وقال تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وقال تعالى: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وقال تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وقال تعالى: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ".
القارئ : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال المؤلف رحمه الله تعالى: " باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الله تعالى: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون وقال تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وقال تعالى: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وقال تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وقال تعالى: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ".
الفتاوى المشابهة
- وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الرجل... - ابن باز
- ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - ابن باز
- الكيفية الصحيحة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - ابن باز
- كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحكمة ا... - ابن باز
- الكيفية الصحيحة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - ابن باز
- أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - ابن عثيمين
- ما حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على العامة؟ - ابن باز
- الكلام على أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن ال... - ابن عثيمين
- قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما... - ابن عثيمين
- تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى ف... - ابن عثيمين
- شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمين