تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى ف... - ابن عثيمينالشيخ : سبق لنا الكلام على بيان وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لقوله تعالى:  ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر  وبي...
العالم
طريقة البحث
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . قال الله تعالى (( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )) وقال تعالى (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر )) وقال تعالى (( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )) وقال تعالى (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )) وقال تعالى (( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون )) ... " .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : سبق لنا الكلام على بيان وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لقوله تعالى: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وبينا أنه لا بد من شروط، الشرط الأول: أن يكون عالما بحكم الله بأن هذا معروف وهذا منكر لئلا يأمر بمنكر أو ينهى عن معروف، الثاني: أن يكون عالما بحال المأمور والمنهي، لأنه قد يأمر شخصًا بشيء يكون قائمًا به، وحينئذ يكون أمره الأول لا فائدة منه، أو ينهاه عن شيء قد اجتنبه فيكون نهيه لغوًا لا فائدة منه، وضربنا لهذا مثلًا بالرجل الذي جاءه النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فجلس، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أصليت؟ قال: لا، قال: قم فصل ركعتين فإن جلوسه ترك للمعروف وهو الصلاة إذا دخل المسجد، لأن الإنسان إذا دخل المسجد مأمور بأن يصلي ركعتين في أي وقت كان، فهذا رجل جلس فقد ترك أمرًا معروفًا، لكن النبي عليه الصلاة والسلام خاف أن يكون قد فعل هذا، أي قد صلى ولهذا سأله فلما تحقق أنه لم يصل قال: قم فصل ركعتين الشرط الثالث: أن لا يزول المنكر إلى ما هو أعظم منه، فإن كان هذا المنكر لو نهينا عنه لزال إلى ما هو أعظم منه فإنه لا يجوز أن ننهى عنه، درءًا لكبرى المفسدتين بصغراهما لأنه إذا تعارض عندنا مفسدتان وكانت إحداهما أكبر من الأخرى فإننا نتقي الكبرى بالصغرى، مثال ذلك: لو أن رجلًا يشرب الدخان أمامك فأردت أن تنهاه وتقيمه من المجلس، ولكنك تعرف أنك لو فعلت لذهب يجلس مع السكارى، ومعلوم أن شرب الخمر أعظم من شرب الدخان، فهنا لا ننهاه نبقيه ثم نعالجه بالتي هي أحسن، لئلا يكون لئلا يؤول الأمر إلى ما هو أنكر وأعظم، ويذكر أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه مرَّ بقوم في الشام من التتر ووجدهم يشربون الخمر وكان معه صاحب له، فمرَّ بهم شيخ الإسلام ولم ينههم، فقال له صاحبه: لماذا لم تنههم؟ قال: لو نهيناهم لذهبوا يهتكون أعراض المسلمين وينهبون أموالهم وهذا أعظم من شربهم الخمر، فتركهم مخافة أن يفعلوا ما هو أكبر وأعظم، وهذا لا شك أنه من فقهه من فقهه رحمه الله، فالمهم أنه يشترط لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ألا يتضمن ذلك ما هو أكبر ضررًا وأعظم إثمًا، فإن تضمن ذلك فإن الواجب دفع أعلى المفسدتين بأدناهما، ودفع أكبرهما بأصغرهما وهذه قاعدة مشهورة عند العلماء وهي معروفة، اختلف العلماء رحمهم الله في الشرط الرابع هل يشترط أن يكون الآمر والناهي فاعلًا ما أمر به تاركًا لما نهى عنه أو لا؟ والصحيح أنه لا يشترط، وأنه إذا أمر بمعروف أو نهى عن منكر ولو كان لا يفعل المعروف ولا يتجنب المنكر ذنبه عليه، لكن يجب أن يأمر وينهى لأنه لو ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنه لا يفعل المأمور ولا يترك المحظور لأضاف ذنبًا إلى ذنبه، فإذا قام بهذا وإن كان مفرطًا في هذا فإنه يجب عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولو كان يفعله أي يفعل المنكر ولو كان يترك المأمور، ولكن في الغالب بمقتضى الطبيعة الفطرية أن الإنسان لا يأمر الناس بشيء لا يفعله هذا الغالب يستحي يخجل، ولا ينهى الناس عن شيء يفعله هذا هو الغالب، إنما الواجب أن يأمر بما أمر به الشرع وإن كان لا يفعله، وأن ينهي عما نهي عنه الشرع وإن كان لا يتجنبه، لأن هذا لأن كل واحد منهما واجب منفصل عن الآخر وهما غير متلازمين، ثم إنه ينبغي للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يقصد بذلك إصلاح الخلق وإقامة شرع الله لا أن يقصد الانتقام من العاصي أو الانتصار لنفسه، فإنه إذا نوى هذه النية لم ينزل الله البركة في أمره ولا في نهيه، بل يكون كالطبيب يريد معالجة الناس ودفع البلاء عنهم، فينوى بأمره ونهيه أولًا: إقامة شرع الله، وثانيًا: إصلاح عباد الله وكذلك نهيه، حتى يكون مصلحًا وصالحًا، نسأل الله أن يجعلني وإياكم من الهداة المهتدين المصلحين إنه جواد كريم.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال المؤلف رحمه الله تعالى في سياق ذكر الآيات في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: " لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون وقال تعالى: وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وقال تعالى: فاصدع بما تؤمر وقال تعالى: فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون ".

Webiste