فائدة : الخطاب الموجه للنبي - صلى الله عليه وسلم - الأصل أنه له ولأمته .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : والأصل أنه له ولأمته، لأن لأمته أسوة حسنة فيه عليه الصلاة والسلام، لكن إذا وجدت قرينة تدل على أن الخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام كان خاصًا به، مثل قوله تعالى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ومثل قوله تعالى: والضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ فهذا خاص بالرسول عليه الصلاة والسلام، أما مثل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ فهذا له ولأمته يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنّ له ولأمته يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ له ولأمته، لقوله صلى الله عليه وسلم: بلغوا عني فهنا يقول الله عز وجل لرسوله: فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ يعني: أظهر ما تؤمر به وبيّنه ولا تأخذك في الله لومة لائم وهذا له ولأمته هذا له ولأمته، كل الأمة يجب عليها أن تصدع بما أمرها الله به عز وجل، تأمر به الناس وأن تصدع بما نهى الله عنه تنهي به الناس، لأن النهي عن الشيء أمر بتركه فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ يعني: لا تهتم بهم لا في حالهم ولا فيما يأتي من أذاهم لا في حالهم يعني لا تيأس لا تحزن لعدم إيمانهم، كما قال الله تعالى: فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ يعني: لعلك مهلك نفسك إذا لم يؤمنوا بك، يعني لا تبالي بهم أعرض عنهم، أعرض عنهم أيضًا فيما يحصل لهم فيما يحصل منهم من أذى فإن العاقبة لك، وفعلًا صارت العاقبة للرسول عليه الصلاة والسلام صبر وظفر، فإنه عليه الصلاة والسلام خرج من مكة مهاجرًا مختفيًا يخشى على نفسه، قد جعلت قريش لمن يأتي به وبصاحبه أبي بكر مئتين من الإبل عن كل واحد مئة، ولكن الله تعالى أنجاهما، وبعد مضي سنوات قليلة رجع النبي عليه الصلاة والسلام فاتحًا مكة ظافرًا مظفرًا كانت له المنة على الملأ من قريش، حتى وقف على باب الكعبة يقول: يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟ كلهم تحته أذلة ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرًا أخ كريم وابن أخ كريم، قال: فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، اذهبوا فأنتم الطلقاء فمنّ عليهم عليه الصلاة والسلام بعد أن كان قادرًا عليهم، فالحاصل أن قوله: وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ يشمل أمرين: أعرض عن المشركين لا تهتم بحالهم إذا لم يؤمنوا ولا تحزن عليهم، وأعرض عن المشركين فيما يحصل لك من أذى فإنه سوف تكون العاقبة لك وهذا هو الواقع، ولهذا قال بعد الآية نفسها: إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ * الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وتأمل كيف أمر الله تعالى بتسبيحه بحمده بعد أن قال: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ لأن المقام هنا مقام يحتاج إلى التنزيه، تنزيه الرب عز وجل وحمده من هذه الضائقة التي تصيب النبي عليه الصلاة والسلام من قريش، يعني نزهه عن كل ما لا يليق به، واعلم أنما أجراه الله جل وعلا فهو في غاية الحكمة وهو كذلك فإنه صار في غاية الحكمة وفي غاية الرحمة التي يحمد عليهما عز وجل.
الفتاوى المشابهة
- بيان المقصود بقوله :" إن أمتي " مع ذكر الفرق... - ابن عثيمين
- وصف الأمة بالأمية - ابن باز
- المقصود بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أمتي) - ابن عثيمين
- هل أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التي فعلها و... - الالباني
- معنى قوله صلى الله عليه وسلم :" صلوا كما رأي... - ابن عثيمين
- معنى قوله تعالى :" يا أيها النبي " . - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى من سورة النحل:" ادع إلى سبي... - ابن عثيمين
- تفسير الآيات الأخيرة من سورة النحل قال تعالى... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى:" فاعلم أنه لا إله إلا الله... - ابن عثيمين
- ما الدليل على أن الخطاب الموجه للنبي صلى الل... - ابن عثيمين
- فائدة : الخطاب الموجه للنبي - صلى الله عليه... - ابن عثيمين