تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمينالقارئ : قال -رحمه الله تعالى- : " باب احتمال الأذى :قال الله تعالى:  والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين . وقال تعالى:  ولَمَن صبر وغف...
العالم
طريقة البحث
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب احتمال الأذى . قال الله تعالى: (( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين )) . وقال الله تعالى: (( ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور )) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال: ( لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله تعالى ظهير عليهم ما دمت على ذلك ) رواه مسلم ... " .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : قال -رحمه الله تعالى- : " باب احتمال الأذى :
قال الله تعالى: والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين .
وقال تعالى: ولَمَن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلَم عنهم ويجهلون عليّ؟ فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملّ، ولا يزال معك من الله تعالى ظهير عليهم ما دمت على ذلك رواه مسلم "
.

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب الصّبر على الأذى " : الأذى : هو ما يتأذّى به الإنسان من قول أو عمل أو غير ذلك ، والأذى إما أن يكون في أمر ديني أو أمر دنيوي ، فإذا كان في أمرٍ ديني بمعنى : أن الرجل يؤذى من أجل دينه كان في هذا -الصبر على الأذى- أسوة بالرسل الكرام عليهم الصّلاة والسّلام ، لأن الله يقول : ولقد كُذّبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذّبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا : أوذوا حتى أتاهم نصر الله عزّ وجلّ، والإنسان إذا كان معه دين، وكان معه أمر بالمعروف ونهي عن منكر فلا بد أن يؤذى ، ولكن عليه الصّبر وإذا صبر فالعاقبة للمتّقين ، وقد يبتلى المرء على قدر دينه فيسلّط الله عليه من يؤذيه امتحانًا واختبارًا كما قال الله تعالى : ومن الناس مَن يقول آمنا بالله فإذا أذوي في الله جعل فتنة الناس كعذاب : يعني إذا أوذي في الله مِن جهة دينه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ودعوته للخير جعل هذه الفتنة كالعذاب فنكص على عقبيه والعياذ بالله ، كقوله: ومن الناس من يعبد الله على حَرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين : يعني بعض الناس يعبد الله على طَرَف ليس عنده عبادة متمكّنة ، فإن أصابه خير ولم يأته فتنة ولا أذيّة استمرّ ، مشى واطمأن ، وإن أصابته فتنة : شُبهة أو أذيّة أو ما أشبه ذلك انقلب على وجهه والعياذ بالله ، خسر الدّنيا والآخرة .فالواجب الصّبر على الأذى في ذات الله عزّ وجلّ ، وأما الأذى فيما يتعلّق بأمور الدّنيا ومعاملة الناس فأنت بالخيار : إن شئت فاصبر، وإن شئت فخذ بحقّك، والصّبر أفضل، إلاّ إذا كان في الصّبر عدوان واستمرار في العدوان، فالأخذ بحقّك أولى، ولنفرض أن لك جارًا يؤذيك بأصوات مزعجة، أو دقّ الجدار، أو إيقاف السّيارة أمام بيتك، أو ما أشبه ذلك، فالحق إذن لك، لم يؤذك في ذات الله، فإن شئت فاصبر وتحمّل وانتظر الفرج والله سبحانه وتعالى يجعل لك نصيرًا عليه، وإن شئت فخذ بحقّك، لقول الله تعالى: ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل : ولكن الصّبر أفضل ما لم يحصل بذلك زيادة عدوان من المعتدي، فحينئذ الأفضل أن يأخذ بحقّه ليردعه عن ظلمه.
ثمّ ذكر المؤلف -رحمه الله- حديث أبي هريرة، ذكر آيتين سبق الكلام عليهما : والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ، ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور وسبق الكلام عليهما.
ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، في رجل قال للنبيّ عليه الصلاة والسّلام : إنّ لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إليّ، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ : يعني فماذا أصنع؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: فإن كان كما تقول فكأنما تسفّهم الملّ، ولا يزال معك من الله تعالى ظهير عليهم : يعني ناصر ينصرك الله عليهم، ولو في المستقبل، لأن هؤلاء القرابة والعياذ بالله يصلهم قريبهم لكن يقطعونه، ويحسن إليهم فيسيؤون إليه، ويحلم عليهم ويعفو ويصفح ولكن يجهلون عليه يزدادون فهؤلاء قال النبي عليه الصّلاة والسّلام : كأنما تسفّهم الملّ الملّ : الرماد الحارّ، وتسفّهم يعني : تلقمهم إياه في أفواههم ، وهو كناية على أن هذا الرّجل منتصر عليهم ، وليس الواصل لرحمه من يكافئ من وصله ، ولكن الواصل حقيقة هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها ، هذا هو الواصل حقّا ، فعلى الإنسان أن يصبر ويحتسب على أذيّة أقاربه وجيرانه وأصحابه وغيرهم ، فلا يزال له مِن الله ظهير عليهم ، وهو الرابح وهم الخاسرون ، وفّقنا الله وإيّاكم لما فيه الخير والصّلاح في الدّنيا والآخرة.

Webiste