تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمينالقارئ : قال -رحمه الله تعالى- : " باب حسن الخلق :قال الله تعالى:  وإنك لعلى خلق عظيم . وقال تعالى:  والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس . وعن أنس رضي الل...
العالم
طريقة البحث
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب حسن الخلق . قال الله تعالى: (( وإنك لعلى خلق عظيم )) وقال تعالى: (( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس )) . وعن أنس رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحسن الناس خلقا ) . متفق عليه . وعنه رضي الله عنه قال: ما مسست ديباجا ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي قط: أف، ولا قال لشيء فعلته: لم فعلته ؟ ولا لشيء لم أفعله ألا فعلت كذا ؟ متفق عليه .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : قال -رحمه الله تعالى- : " باب حسن الخلق :
قال الله تعالى: وإنك لعلى خلق عظيم .
وقال تعالى: والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس .
وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحسن الناس خلقا متفق عليه.
وعنه رضي الله عنه قال: ما مسست ديباجاً ولا حريراً ألينَ من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت رائحة قط أطيبَ من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد خدمتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي قط: أف، ولا قال لشيء فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله ألا فعلت كذا متفق عليه "
.

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال الحافظ النّووي رحمه الله في كتابه *رياض الصالحين : " باب: حسن الخلق " : يعني باب الحثّ عليه وفضيلته وبيان من اتّصف به من عباد الله.
وحسن الخلق يكون مع الله ويكون مع عباد الله:
أما حسن الخلق مع الله : فهو الرّضا بحكمه شرعا وقدرا ، وتلقّي ذلك بالإنشراح وعدم التّضجّر، وعدم الأسى والحزن، فإذا قدّر الله عليه شيئاً يكرهه رضي بذلك ، واستسلم وصبر ، وقال بلسانه وقلبه : رضيت بالله ربّا، وإذا حكم الله عليه بحكم شرعيّ رضي واستسلم وانقاد لشريعة الله عزّ وجلّ بصدر منشرح ونفس مطمئنّة، هذا حسن الخلق مع الله عزّ وجلّ .
أما مع الخلق : فيحسن الخلق معهم بما قاله بعض العلماء : " كفّ الأذى، وبذل النّدى، وطلاقة الوجه " ، هذا حسن الخلق، كفّ الأذى : بأن لا يؤذي الناس لا بلسانه ولا بجوارحه.
وبذل النّدى : يعني العطاء، يبذل العطاء من مال وعلم وجاه وغير ذلك. وطلاقة الوجه : بأن يلاقي الناس بوجه منطلق ليس بعبوس ولا مصعّر خدّه، يلقاهم بوجه منطلق، هذا هو حسن الخلق، ولا شكّ أن الذي يفعل هذا يكفّ الأذى ويبذل النّدى ويجعل وجهه منطلقا ، لا شكّ أنه سيصبر على أذى الناس أيضًا، فإن الصّبر على أذى الناس لا شكّ أنه من حسن الخلق، فإن من الناس من يؤذي أخاه، وربّما يعتدي عليه بما يضرّه من أكل ماله أو جحد حقّ له أو ما أشبه ذلك فيصبر ويحتسب الأجر من الله سبحانه وتعالى والعاقبة للمتّقين، هذا هو حسن الخلق مع الناس.
ثمّ صدّر المؤلّف -رحمه الله- هذا الباب بقوله تعالى مخاطبا نبيّه صلى الله عليه وآله وسلّم : وإنّك لعلى خلق عظيم : وهذا معطوف على جواب القسم ن * والقلم وما يسطرون * ما أنت بنعمة ربّك بمجنون * وإن لك لأجرًا غير ممنون * وإنّك لعلى خلق عظيم : إنّك يعني يا محمّد، لعلى خلق عظيم لم يتخلّق أحد بمثله في كلّ شيء، خلقه مع الله، خلقه مع عباد الله، في الشّجاعة والكرم، وحسن المعاملة وفي كلّ شيء، وكان عليه الصّلاة والسّلام خلقه القرآن يتأدّب بآدابه، يمتثل أوامره، يجتنب نواهيه.
ثمّ ساق المؤلّف جزءاً من آية آل عمران في قوله : والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس : وهذه من صفات المتّقين الذين أعدّ الله لهم الجنّة كما قال تعالى : وسارعوا إلى مغفرة من ربّكم وجنّة عرضها السماوات والأرض أعدّت للمتّقين * الذين ينفقون في السّرّاء والضّرّاء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحبّ المحسنين : الكاظمين الغيظ : يعني الذين يكظمون غضبهم، إذا غضب ملك نفسه ، وكظم غيظه ، ولم يتعدّ على أحد بموجب هذا الغضب ، والعافين عن الناس إذا أساؤوا إليهم، والله يحب المحسنين : فإنّ هذا من الإحسان أن تعفوَ عمّن ظلمك، ولكن العفو له محلّ : إن كان المعتدي أهلا للعفو فالعفو محمود، وإن لم يكن أهلا للعفو فإن العفو ليس بمحمود ، لأن الله تعالى قال في كتابه: فمن عفى وأصلح فأجره على الله : فلو أنّ رجلاً اعتدى عليك بضربك أو أخذ مالك أو إهانتك أو ما أشبه ذلك فهل الأفضل أن تعفو عنه أو لا ؟ نقول في هذا تفصيل : إن كان الرجل شريرًا سيّئا إذا عفوتَ عنه ازداد في الإعتداء عليك وعلى غيرك، فلا تعفو عنه، خذ حقّك منه بيدك، إلاّ أن تكون تحت ولاية شرعيّة فترفع الأمر إلى من له الولاية الشّرعية، وإلاّ فتأخذه بيدك ما لم يترتب على ذلك ضرر أكبر، المهم إذا كان الرجل المعتدي سيّئا شريرا فهذا ليس أهلا للعفو فلا يعفى عنه ، الأفضل أن تأخذ بحقّك لأن الله يقول : فمن عفى وأصلح والعفو في مثل هذه الحال ليس بإصلاح .
أما إذا كان الرّجل حسن الخلق لكن بدرت منه هذه الإساءة فالأفضل العفو عنه : فمن عفى وأصلح فأجره على الله ، والنّفس ربما تأمرك لتأخذ بحقّك ، ولكن كما قلت : إذا كان الإنسان أهلًا للعفو فالأفضل أن تعفو عنه وإلاّ فلا، وسيأتي إن شاء الله بقيّة الكلام على هذا الباب.

Webiste