تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح حديث عن أبي هنيدة وائل بن حجر رضي الله ع... - ابن عثيمينالقارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سيا...
العالم
طريقة البحث
شرح حديث عن أبي هنيدة وائل بن حجر رضي الله عنه قال: سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله، أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم، ويمنعونا حقنا، فما تأمرنا ؟ فأعرض عنه، ثم سأله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اسمعوا وأطيعوا؛ فإنما عليهم ما حملوا، وعليكم ما حملتم ). رواه مسلم. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنها ستكون بعدي أثرة، وأمور تنكرونها ) ! قالوا: يا رسول الله، كيف تأمر من أدرك منا ذلك ؟ قال: ( تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم) . متفق عليه.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب وجوب طاعة ولاة الأمور في غير معصية، وتحريم طاعتهم في المعصية : " عن وائل بن حُجر رضي الله عنه قال: سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله، أرأيتَ إن قامت علينا أُمراء يسألونا حقهم، ويمنعونا حقنا، فما تأمرنا؟ فأعرض عنه، ثم سأله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حُملوا، وعليكم ما حُملتم رواه مسلم.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها ستكون بعدي أثرة، وأمور تنكرونها، قالوا: يا رسول الله، كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني متفق عليه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كره من أميره شيئًا فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية متفق عليه "
.

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث التي ذكرها المؤلف في كتابه *رياض الصّالحين فيها دليل على أمور:
حديث وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلّم سُئل عن أمراء يسألون حقّهم الذي لهم، ويمنعون الحقّ الذي عليهم، سئل عن هؤلاء الأمراء ماذا نصنع معهم؟ والأمراء هنا يشمل الأمراء الذين دون السّلطان الأعظم، ويشمل السّلطان الأعظم أيضًا لأنه أمير، وما من أمير إلاّ فوقه أمير حتى ينتهي الحكم إلى الله عزّ وجلّ، سُئل عن هؤلاء الأمراء: أمراء يطلبون حقّهم من السّمع والطاعة لهم ومساعدتهم في الجهاد ومساعدتهم في الأمور التي يحتاجون إلى المساعدة فيها، ولكنهم يمنعون الحقّ الذي عليهم، لا يعطون الناس حقّهم ويظلمونهم ويستأثرون عليهم، فأعرض النّبيّ صلى الله عليه وسلّم عنه، كأنه عليه الصّلاة والسلام كره هذه المسائل، وكره أن يفتح هذا الباب، ولكن أعاد السائل عليه ذلك فأمر النبي صلى الله عليه وسلم : أن يؤدّي لهم حقّهم وأن عليهم ما حمّلوا وعلينا ما حمّلنا : فنحن حمّلنا السّمع والطاعة، وهم حمّلوا أن يحكموا فينا بالعدل، وأن لا يظلموا أحدا، وأن يقيموا حدود الله على عباد الله، وأن يقيموا شريعة الله في أرض الله، وأن يجاهدوا أعداء الله، هذا الذي يجب عليهم، فإن قاموا به فهذا هو المطلوب، وإن لم يقوموا به، فإننا لا نقول لهم: أنتم لم تؤدّوا الحقّ الذي عليكم فلا نؤدّي حقكم الذي لكم، هذا حرام، يجب أن نؤدّي الحق الذي علينا فنسمع ونطيع ونخرج معهم في الجهاد ونصلّي وراءهم في الجُمع والأعياد وغير ذلك، ونسأل الله الحقّ الذي لنا.
وهذا الذي جلّ عليه هذا الحديث وما أعقبه المؤلف -رحمه الله- هو مذهب أهل السّنّة والجماعة، مذهب السّلف الصالح : " السّمع والطاعة للأمراء وعدم عصيانهم فيما تجب طاعتهم فيه، وعدم إثارة الضّغائن عليهم، وعدم إثارة الأحقاد عليهم، هذا مذهب أهل السّنّة والجماعة "، حتى إن الإمام أحمد -رحمه الله- يضربه السّلطان، يضربه ويجرّه بالبغال ويضرب بالسّياط حتى يغمى عليه في الأسواق وهو إمام أهل السّنة -رحمه الله ورضي عنه- ومع ذلك يدعو للسّلطان، يدعوه، يدعو له، ويسمّيه أمير المؤمنين، حتى إنهم منعوه ذات يوم قالوا: لا تحدّث الناس، لا تحدّث الناس، فسمع وأطاع، ولم يحدّث الناس جهراً، بدأ يخرج يميناً وشمالا ثمّ يأتيه أصحابه يحدّثهم بالحديث، كلّ هذا من أجل أن لا ينابذ السلطان، لأنه سبق لنا أنهم قالوا: يا رسول الله أفلا ننابذهم؟ ، لما قال: خير أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وشرّ أئمّتكم الذين تكرهونهم ويكرهونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم، قالوا: أفلا ننابذهم؟ قال: لا ما صلّوا : فما دام يصلّون فإننا لا ننابذهم ، نسمع ونطيع ونقوم بالحق الذي علينا وهم عليهم ما حمّلوا.

Webiste