الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
هذه الأحاديث المتعددة ذكرها النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في كتاب الجهاد وفيها مسائل، منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حسن التدبير في أصحابه، فهذا الرجل الذي جاء إليه وقال يا رسول الله إني أريد الغزو وليس عندي شيء يعني يغزو به فأحاله على رجل كان قد تجهز ليغزو ولكنه مرض، ثم إن الرجل ذهب إلى صاحبه فأخذ جهازه وقال لامرأته: " لا تتركي منه شيئًا فإنك لن تتركي شيئًا فيبارك لنا فيه " فجهزه، وفيها: أي في هذه الأحاديث دليل على أن من جهز الغازي وأعطاه ما يكفي لغزوه فإنه كالذي يغزو، وأن من خلف الغازي في أهله فله مثل أجره، ويدل لهذا أيضًا قضية بني لحيان حيث إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمرهم أن يخرج منهم واحد ويبقى واحد يخلف الغازي في أهله ويكون له نصف أجره يعني والنصف الثاني للغازي، وفي هذه الأحاديث أيضًا من فضائل الجهاد أن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف بمعنى أن من قاتل فإنه يكون قتاله سببًا لدخول الجنة من أبوابها، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن في الجنة بابًا يقال له باب الجهاد يدخله من يجاهد في سبيل الله، وفيه أيضًا من الأحاديث أن الشهادة تكفر كل شيء من الأعمال إلا الدَّين، يعني إلا دَين الآدمي فإن الشهادة لا تفكره، وذلك لأن دَين الآدمي لابد من إيفائه إما في الدنيا وإما في الآخرة، وفي هذا الحديث التحذير من التساهل في الدَّين وأنه لا ينبغي للإنسان أن يتساهل في الدَّين ولا يتدين إلا عند الضرورة ما هو عند الحاجة عند الضرورة القصوى، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يأذن للرجل الذي قال زوجني فقال: "أصدق المرأة، قال: ليس عندي إلا إزاري، قال: إزارك لا ينفعها إن أعطيتها إياه بقيت بلا إزار وإن أبقيته عليك بقيت بلا مهر التمس ولو خاتمًا من حديد، فالتمس فلم يجد، فقال: زوجتكها بما معك من القرآن" ولم يقل استقرض من الناس مع أنه زواج حاجة ملحة لكن لم يأذن له الرسول عليه الصلاة والسلام بل لم يرشده إلى الاستدانة، لأن الدَّين خطير جدًّا وقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام بسند فيه نظر أن "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه" فالأمر مهم ولا تستهن الدَّين، الدَّين هم في الليل وذل في النهار، فالإنسان مهما أمكنه يجب أن يتحرز من الدين وألا يسرف في الإنفاق، لأن كثيرًا من الناس تجده فقيرا ثم يريد أن ينفق على أهله ونفسه كما ينفق الأغنياء فيستلف من هذا ويستلف من هذا أو يتدين أو يرابي وهذا غلط عظيم، يعني لو لم يكن لك إلا وجبة واحدة في الليل والنهار فلا تدين ولا تستلم اصبر وقل: " اللهم أغنني " قال الله تعالى: { وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله } أما تهاون بعض الناس نسأل الله العافية يستدين من أجل أن يفرش كل البيت فراش حتى الدرج ليش هذا غلط، أو يستدين لأجل يأخذ سيارة فخمة مع إنه يكفيه سيارة مثلًا بعشرين ألف يقول لا بأخذ بمئة ألف وهو فقير هذا من سوء التصرف ومن ضعف الدِّين ومن قلة المبالاة، لأن الدَّين لا تكفره حتى الشهادة في سبيل الله لا تكفر الدَّين فكيف تستدين إلا عند الضرورة وأقول عند الضرورة ليس الحاجة، يعني حتى لو كانك محتاج وتحب الكماليات لا تتدين لا تشري شيئًا ليس معك ثمنه اصبر حتى يرزقك الله ثم اشتري على قد لحافك، ولهذا من الأمثال العامية الصحيحة: " مد رجلك على قد لحافك " إن مددتها أكثر طلعت للبراد والشمس وغير ذلك، ففيه التحذير من الدَّين وأنه لا ينبغي للإنسان أن يتدين.