تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح حديث أبي إبراهيم ويقال أبو محمد ويقال أب... - ابن عثيمينالقارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحادي...
العالم
طريقة البحث
شرح حديث أبي إبراهيم ويقال أبو محمد ويقال أبو معاوية عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر خديجة رضي الله عنها، ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب. متفق عليه. القصب هنا: اللؤلؤ المجوف. والصخب: الصياح واللغط. والنصب: التعب.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير " عن أبي إبراهيم، ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو معاوية عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر خديجة رضي الله عنها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب متفق عليه، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه توضأ في بيته ثم خرج فقال: لألزمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأكونن معه يومي هذا، فجاء المسجد فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: وجه هاهنا، قال: فخرجت على أثره أسأل عنه حتى دخل بئر أريس فجلست عند الباب حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته وتوضأ فقمت إليه فإذا هو قد جلس على بئر أريس وتوسط قفها وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر، فسلمت عليه ثم انصرفت فجلست عند الباب فقلت: لأكونن بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم، فجاء أبو بكر رضي الله عنه فدفع الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: أبو بكر، فقلت: على رسلك ثم ذهبت، فقلت: يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن، فقال: ائذن له وبشره بالجنة ، فأقبلت حتى قلت لأبي بكر ادخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشرك بالجنة،ـ فدخل أبو بكر حتى جلس عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم معه في القف ودلى رجليه في البئر كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكشف عن ساقيه، ثم رجعت وجلست وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني فقلت: إن يرد الله بفلان خيرا يأت به يريد أخاه، فإذا إنسان يحرك الباب فقلت: من هذا؟ فقال: عمر بن الخطاب فقلت: على رسلك، ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وقلت هذا عمر يستأذن فقال: ائذن له وبشره بالجنة ، فجئت عمر فقلت أذن ويبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القف عن يساره ودلى رجليه في البئر، ثم رجعت فجلست فقلت إن يرد الله بفلان خيرًا يأت به يعني أخاه، فجاء إنسان فحرك الباب فقلت: من هذا؟ فقال: عثمان بن عفان فقلت: على رسلك، وجئت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: ائذن له وبشره بالجنة مع بلوى تصيبه ، فجئت فقلت ادخل ويبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة مع بلوى تصيبك، فدخل فوجد القف قد مليء فجلس وجاههم من الشق الآخر قال سعيد بن المسيب: فأولتها قبورهم، متفق عليه، وزاد في رواية: وأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ الباب ، وفيها أن عثمان حين بشره حمد الله تعالى ثم قال: الله المستعان ".

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
ذكر المؤلف رحمه الله في باب استحباب التبشير بالخير والتنهنئة به آيات سبق الكلام عليها، وبيّنا أن البشارة قد تكون بخير في الدنيا أو بخير في الآخرة، ثم ذكر حديثين حديث أبي إبراهيم عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعل آله سلم بشّر خديجة رضي الله عنها ببيت في الجنة، وكذلك حديث أبي موسى الأشعري وسيأتي إن شاء الله، يقول: " ببيت في الجنة من قصب ليس فيه صخب ولا نصب " ولكن القصب الذي بني منه قصر خديجة في الجنة ليس كالقصب الذي في الدنيا، الاسم هو الاسم والحقيقة غير الحقيقة، كما أن في الجنة نخل ورمان وفاكهة ولحم طير وغير ذلك، لكن الاسم هو الاسم والحقيقة غير الحقيقة، وهذا باب يجب على الإنسان أن يتفطن له أن أمور الغيب التي لها نظير في الدنيا لا تماثل نظيرها في الدنيا، فمثلًا في صفات الله عز وجل لله عز وجل وجه كريم موصوف بالجلال والإكرام أفترون أنه مثل وجوهنا؟ لا، يختلف كما قال تعالى: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وجه يليق بجلاله وعظمته لا يمكن الإحاطة به لا وصفًا ولا تصورًا في الذهن ولا نطقًا باللسان وأعظم وأجل من أن تحيط به الأوصاف، وهكذا بقية صفاته عز وجل اسمها يوافق الاسم الذي نتصف به، ولكن الحقيقة غير الحقيقة، كذلك أيضًا في الجنة فيها كما قلت عسل وماء وخمر ولحم ونساء وفاكهة ورمان وغير ذلك، لكن ليست كالتي في الدنيا لأن الله سبحانه وتعالى قال في القرآن الكريم: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ولو كانت مثل ما في الدنيا لكنا نعلمها، لكنها ليست مثلها ولا قريبًا منها، وكذلك قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما يرويه عن الله أنه قال: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن أعد لهم ذلك، فخديجة رضي الله عنها بشرها النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل هو الذي أخبر الرسول بشرها ببيت في الجنة من قصب، ولكن ليس القصب الذي في الجنة كالقصب الذي في الدنيا، ولا القصب الذي في الدنيا كالقصب الذي في الجنة، ثم قال: " ليس فيه صخب ولا نصب " الصخب الأصوات المزعجة الشديدة ليس فيها صخب، أهل الجنة كلهم ليس عندهم صخب ولا نصب ولا كلام لغو لا لغو فيها ولا تأثيم تحيتهم فيها سلام كلامهم طيب لأنهم جوار الطيب جل وعلا، فهم طيبون في جنات عدن مساكن طيبة عند الطيب جل وعلا، كلهم طيب كما أن قلوبهم في الدنيا طيبة وأفعالهم طيبة، لأن الله لا يقبل إلا الطيب وأفعالهم مقبولة فهم كذلك في الآخرة، فقصر خديجة ليس فيه صخب وليس فيه نصب ما فيه تعب لا يحتاج إلى كنس القمامة ولا غيره، كله طيب وهذه بشارة لأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، أم المؤمنين خديجة هي أول امرأة تزوجها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، تزوجها وهو عليه الصلاة والسلام ابن خمس وعشرين سنة ولها أربعون سنة من زوج سابق قبله، وولدت له بناته الأربع وأولاده الثلاثة أو الاثنان، ولم يتزوج عليها أحدًا حتى ماتت رضي الله عنها، وكانت امرأة عاقلة ذكية حكيمة لها مآثر طيبة معروفة يجدها من يراجع ترجمتها في التاريخ، وكانت تسامي عائشة رضي الله عنها يعني أنها هي وعائشة أفضل نساء الرسول عليه الصلاة والسلام وأحب نسائه إليه، واختلف العلماء أيهما أفضل؟ فقيل: عائشة، وقيل: خديجة والصحيح أن لكل واحدة منهما مزية تختص بها لا تشاركها فيها الأخرى، عائشة رضي الله عنها في آخر الرسالة وبعد موت الرسول عليه الصلاة والسلام لها من نشر الرسالة والعلم والشريعة ما ليس لخديجة، وخديجة لها في أول الرسالة ومناصرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومعاضدته ما ليس لعائشة، لكل واحدة منهما مزية أما الفضيلة فكفى بهما فخرًا أنهما أحب نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إليه يكفي هذا، وأما الفضائل فكل واحدة لها فضيلة فعائشة رضي الله عنها لها من المزايا ما أشرنا إليه من قبل، وخديجة لها من المزايا ما أشرنا إليه من قبل، وأما الفضل عند الله عز وجل فيكفي كما قلت أنهما أحب نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إليه، ويذكر أن رجلًا من أهل السنة ورجلًا من الرافضة، الرافضة يبغضون عائشة بغضًا شديدًا والعياذ بالله، وأهل السنة يحبون عائشة والرافضة يغلون في خديجة غلوًّا شديدًا خارجًا عن الشرع، يبغضون هذه بغضًا شديدًا أي عائشة، ويغلون في خديجة غلوًّا شديدًا، وأهل السنة والجماعة يحبونهما جميعًا ويعترفون بالفضل لهما جميعًا لعائشة وخديجة، تنازع رافضي وسني، الرافضي يقول من الأفضل خديجة، والسني يقول الأفضل عائشة، على قول بعض العلماء بعض علماء السنة يقول إن عائشة أفضل ويطلق القول بأن عائشة أفضل، والصحيح ما أشرت إليه أولًا أن كل واحدة منهما لها مزية، فتقدم الرجلان إلى ابن الجوزي رحمه الله صاحب التبصرة المعروف قالوا: إنا ارتضيناك حكمًا أيهما أفضل خديجة أو عائشة؟ قال أفضلهما من كانت ابنته تحته، أنا أقصد اخطأت علي وأبو بكر، المفاضلة في علي وأبي بكر، أنا قلت عائشة وخديجة والصواب في علي وأبي بكر، ارتفعوا إلى ابن الجوزي رحمه الله قال أفضلهما من كانت ابنته تحته، من الأفضل الآن الكلام محتمل من ابنته تحته إن أراد من ابنته تحت النبي صلى الله عليه وسلم فالأفضل أبو بكر، وإن أراد من ابنة الرسول تحته فالأفضل علي فذهب الرجلان كل يقول حكم لي وهذا يقول حكم لي، لأن الضمير يحتمل الرجوع إلى هذا وإلى هذا، وهذا من ذكاء ابن الجوزي وتخلصه، والخلاصة أن هذه القصة مشهورة معروفة تنازع رافضي وسني في أبي بكر، الرافضي يقول علي أفضل، والسني يقول أبو بكر أفضل، ولا شك أن أبا بكر أفضل بإجماع أهل السنة حتى علي بن أبي طالب يقول على منبر الكوفة خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، يعلن به إعلانًا في خلافته لا يخشى أحدًا، لكن الرافضة تحرّف الكلم عن مواضعه فذهبوا إلى ابن الجوزي وقال: " أفضلهما من كانت ابنته تحته " ابنة من؟ إن كان المراد ابنته أي ابنة هذا المفضّل عليه أو المفضل تحت الرسول فهو أبو بكر، من ابنة الرسول تحته فهو علي، وابن الجوزي رحمه الله من أهل السنة لا شك أنه يفضل أبا بكر، لكن أتى بهذا الكلام المحتمل حتى يسلم من شر هذا الرافضي، والله أعلم.

Webiste