تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:... - ابن عثيمينالشيخ :  كان فيما كان قبلكم محدثون  يعني: ملهمون للصواب يقولون قولًا فيكون موافقًا للحق، وهذا من كرامة الله للعبد أن الإنسان إذا قال قولًا أو أفتى بفتوى...
العالم
طريقة البحث
تتمة شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس محدثون، فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر ). رواه البخاري، ورواه مسلم من رواية عائشة، وفي روايتهما قال ابن وهب: محدثون أي: ملهمون.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : كان فيما كان قبلكم محدثون يعني: ملهمون للصواب يقولون قولًا فيكون موافقًا للحق، وهذا من كرامة الله للعبد أن الإنسان إذا قال قولًا أو أفتى بفتوى أو حكم بحكم تبين له بعد ذلك أنه مطابق للحق، فعمر رضي الله عنه من أشد الناس توفيقًا للحق كما سيأتي إن شاء الله فيما سيذكره المؤلف من أمثلة لذلك، قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن يكن فيكم محدثون فعمر يعني: إن كان فيكم محدثون فعمر، ويحتمل قوله: إن يكن فيكم أنه خطاب لقوم مجتمعين ليس فيهم أبو بكر، ويحتمل أنه خطاب للأمة كلها ومن ضمنهم أبو بكر رضي الله عنه، فإن كان الأول فلا إشكال، وإن كان الثاني فقد يقول قائل: كيف يكون عمر ملهمًا وأبو بكر ليس كذلك، فيقال: إن أبا بكر رضي الله عنه يوفق للصواب بدون إلهام، بمعنى أنه رضي الله عنه من ذات نفسه بتوفيق الله عز وجل يوفق للصواب، ويدل على هذا عدة مسائل يعني يدل على أن أبا بكر أشد توفيقًا للصواب من عمر عدة مسائل أولًا في صلح الحديبية لما اشترطت قريش على النبي صلى الله عليه وسلم شروطًا يبدو أنها ثقيلة عظيمة عمل عمر رضي الله عنه على إبطالها وجاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام يراجعه في ذلك ويقول: " كيف نعطي الدنية في ديننا " كيف نشترط على أنفسنا أن من جاءنا منهم مسلمًا رددناه إليهم ومن جاءهم منا لا يردونه هذا ثقيل، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري، فذهب عمر إلى أبي بكر يريد أن يستنجد به في إقناع الرسول صلى الله عليه وسلم فكلم أبا بكر فقال له أبو بكر مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر سواء بسواء قال إنه رسول الله وليس بعاصيه وهو ناصره فاستمسك بغرزك يعني لا يكن عند شك في أمري هذه واحدة إذن من الموفق للصواب في هذا أبو بكر لا شك كذلك أيضا في موت الرسول عليه الصلاة والسلام لما شاع الخبر في المدينة أن النبي صلى الله عليه وسلم مات قام عمر في الناس اجتمع الناس في المسجد وقام عمر فيهم وقال إنه لم يمت وإنما صعق وليبعثنه الله فليقطعن أيدي أقوام وأرجلهم من خلاف، وأنكر أن يكون قد مات وكان أبو بكر قد خرج ذلك اليوم إلى بستان له خارج المدينة، فلما رجع وجد النبي صلى الله عليه وسلم قد مات حقًّا فخرج إلى المسجد وصعد المنبر وقال كلماته المشهورة التي تكتب بأغلى من ماء الذهب قال: " أما بعد أيها الناس من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت " ثم قرأ قول الله تعالى: إنك ميت وإنهم ميتون وقوله تعال:ى وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم قال عمر: " فوالله ما أن تلاها أبو بكر حتى عقرت فما تحملني رجلاي " يعني: لأن الإنسان إذا خاف واشتد به الشيء ما يقدر يقف هذه ثانية، الثالثة أنه لما توفي الرسول عليه الصلاة والسلام ارتد من ارتد من العرب كفروا والعياذ الله، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جهز جيشًا أميره أسامة بن زيد ليقاتل أدنى أهل الشام والجيش كان ظاهر المدينة، ولكن لم يسيروا بعد ولما ارتد العرب جاء عمر إلى أبي بكر وقال لا ترسل الجيش نحن في حاجة فقال له أبو بكر: " والله لا أحلن راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم " وسيرهم أبو بكر فكان الصواب مع أبي بكر رضي الله عنه، لأن الناس لما سمعوا أن أهل المدينة أرسلوا الجيوش إلى أطراف الشام قالوا هؤلاء عندهم قوة ولا يمكن أن نرتد فامتنع كثير من الناس عن الردة وبقوا في الإسلام، فالمهم أن أبا بكر رضي الله عنه أبلغ من عمر رضي الله في إصابة الصواب لاسيما في المواضع الضنكة الضيقة فعلى كل حال كلا الرجلين رضي الله عنهما وجمعنا وإياكم بهما في جنات النعيم كلاهما موفق للصواب، وكلما كان الإنسان أقوى إيمانًا بالله وأكثر طاعة لله وفقه الله تعالى للحق بقدر ما معه من العلم والإيمان والعمل الصالح، تجده مثلًا يعمل عمل يظنه صوابًا لكن بدون أن يكون عنده دليل من القرآن والسنة، فإذا راجع أو سأل وجد أن عمله مطابق للكتاب والسنة وهذه من الكرامات، فعمر رضي الله عنه قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام: إن يكن فيكم محدثون فإنه عمر وسيأتي إن شاء الله الكلام على حديث جابر بن سمرة في الدرس القادم.

Webiste