باب التغليظ في تحريم السحر : قال الله تعالى: (( وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر )) الآية.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب التغليظ في تحريم السحر :
قال الله تعالى : وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر الآية.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: يا رسول الله وما هن ؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتابه *رياض الصالحين* : " باب تغليظ تحريم السحر " :
السحر : هو عبارة عن عُقد وقراءات ونفثات يَتوصل بها الساحر إلى الإضرار بالمسحور ، فمنه ما يقتل ومنه ما يمرض ومنه ما ي يسلب العقل ومنه ما يوجب العطف، يعني تعلق الإنسان بغيره تعلقا شديدًا، ومنه ما يوجب الصرف يعني انصرافه عن غيره انصرافاً كاملا، فهو أنواع والعياذ بالله، لكن كله محرم .
وقد تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم ممن سَحر وسُحر له، ومنه ما يوصل إلى الكفر ، فإذا كان الساحر يتوصل إلى سحره بالأرواح الشيطانية ، يتقرب إليها ويتعبد لها حتى تطيعه فهذا كفر لا شك فيه .
وأما إذا لم يكن كذلك ، فإنه أذية ومُحرم ومن كبائر الذنوب، ويجب على ولي الأمر أن يقتل الساحر قتلاً بدون توبة، بمعنى : أن يقتله قتلا وإن تاب ، لأنه إن تاب فأمره إلى الله عز وجل ، وإن لم فأمره إلى الله لكننا نقتله درءاً لمضرته ومفسدته ، وأما إذا لم يتب فهو من أهل النار إن كان سحره مكفرًا ، لأن السحر والعياذ بالله من أعظم الفساد في الأرض وأعظم الشرور ، لأنه يأتي الإنسان من غير أن يحترز منه ، ولكن هناك شيء يحميك منه بإذن الله عز وجل : وهي قراءة الأوراد الشرعية ، مثل آية الكرسي ، قل هو الله أحد ، قل أعوذ برب الفلق ، قل أعوذ برب الناس ، وما أشبه ذلك مما جاء به الآيات والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن هذا أكبر واقٍ يقي الإنسان من السحر .
ثم ذكر المؤلف -رحمه الله- قول الله تعالى : وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا ، أول الآية قوله : واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان : أي ما تتبعه على ملك سليمان وهو أن الشياطين علمت الناس السحر ، وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر : سليمان عليه الصلاة والسلام ما كفر ولم يخلف سحرًا وإنما خلف علم النبوة فإنه كان أحد الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام ، ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ، وفي هذا دليل على أن السحر تعلمه من الشياطين كفر ، ولهذا قلنا قبل قليل : إذا استعان الإنسان على سحره بالشياطين كان كافرا .
وما أُنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت : وهذان ملكان بعثهما الله عز وجل إلى أرض بابل لكثرة السحرة فيها ، يعلمون الناس السحر ، ولكنهما ينصحان الناس : وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ، أرسلهما الله عز وجل يعلمان الناس السحر ، وهنا قد يسأل الإنسان : كيف يرسل الله تعالى ملكين والملائكة كرام مُكرَمون عند الله عز وجل كيف يرسلهم يعلمون الناس السحر؟ فيقال : هذا فتنة من الله عز وجل ولهذا إذا علما الناس قالا : إنما نحن فتنة فلا تكفر ، ينصحون للناس لكن الله عز وجل ابتلى الناس بهذا ، فجعلوا يتعلمون من الملكين يتعلمون منهما ما يسمى بالعطف والصرف وهو من أشد أنواع السحر ، فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه : يأتي الساحر والعياذ بالله إلى رجل قد حسنت الحال بينه وبين أهله وطابت لهما الحياة فيفرق بين الرجل وزوجته والعياذ بالله ، تأخذ تصيح إذا قرب إليها وتبكي وتنفر منه ، وإذا أبعد عنها بكت على فراقه والعياذ بالله ، فيضرها من الناحيتين : من ناحية الاجتماع ومن ناحية الافتراق .
وكذلك الزوج تجده في شوق عظيم إلى أهله ، فإذا أتى إلى أهله ضاق بهم ذرعًا وضاق صدره وتمنى أن يموت والعياذ بالله ، هذا من السحر العظيم .
قال الله تعالى : وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ، سبحان الله العظيم !! من بيده ملكوت السماوات والأرض ؟ الله عز وجل ، هؤلاء السحرة والشياطين مهما اجتمعوا على أمر يريدون أن يضروك به والله تعالى لا يضرك فإنهم لن يضروك ، وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ، وتأمل هذا التركيب فإن الجملة هنا اسمية : وما هم بضارين به من أحد والاسمية تفيد الثبوت والاستمرار ثم إن النفي مؤكد بالباء وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله : يعني لا يمكن أبدا أن يضروا أحدا بسحرهم إلا بإذن الله ، إذا أذن الله عز وجل بذلك قدرا فالله على كل شيء قدير ، وإذا شاء عز وجل منع ، منع كل شر، لأنه هو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض ، وهو خالق الأسباب ومانع الأسباب وهو على كل شيء قدير ، وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون : أي هؤلاء الناس الذي أرسل إليهم الملكان : يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم : يعني ما فيه الضرر المحض الذي لا نفع فيه إطلاقا ، ولهذا قال : ما يضرهم ولا ينفعهم : هو ضرر محض في الدين والدنيا والعاقبة الوخيمة ، وكذلك الظلم الذي يحصل على المسحور فإنه سوف يقضي له بحقه يوم القيامة لن يهمله الله عز وجل .
ولقد علموا لَمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق : أكد الله هذه الجملة بالقسم واللام وقد : أي : لقد علم هؤلاء الذين يتعلمون السحر أن الذي يتعلمه ما له في الآخرة من خلاق ، علموا مِن أين ؟ من قول الملكين : إنما نحن فتنة فلا تكفر ، قد علموا وبان لهم الأمر ولكنهم والعياذ بالله اختاروا ذلك ، ولهذا قال : لمن اشتراه : والشراء إنما يكون عن رغبة وطمع في المبيع ، ولهذا سمى الله تعالى تعلمه اشتراءً ، ما له في الآخرة من خلاق أي : ما له نصيب في الآخرة ، وليس أحد من الناس لا نصيب له في الآخرة على وجه الإطلاق إلا الكافر ، المؤمن له نصيب في الآخرة إما أن يدخل الجنة بلا حساب وإما أن يعذب على قدر ذنوبه ثم يكون مآله الجنة ، لكن الكافر ليس له في الآخرة من خلاق أي : من نصيب .
ولبئس ما شروا به أنفسهم شروا : هنا بمعنى باعوا ، يعني أن الله ذم هذا الذي اختاروه وباعوا أنفسهم من أجله ، لو كانوا يعلمون : يعني لو كانوا من ذوي العلم لعلموا أن هذا شر محض .
والخلاصة : أن السحر من كبائر الذنوب ، وقد يؤدي إلى الكفر ، وأن عقوبة الساحر أن يقتل سواء كفر بسحره أم لم يكفر ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : حد الساحر ضربه بالسيف ، وفي لفظ : ضربة بالسيف ، نسأل الله تعالى أن يقي المسلمين شرهم، وأن يرد كيدهم في نحورهم، وأن يعيننا وإياكم على تعلم الأوراد الشرعية التي يحتمي بها المرء من أعدائه من الشياطين والأنس، والله الموفق.
قال -رحمه الله تعالى- : " باب التغليظ في تحريم السحر :
قال الله تعالى : وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر الآية.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: يا رسول الله وما هن ؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتابه *رياض الصالحين* : " باب تغليظ تحريم السحر " :
السحر : هو عبارة عن عُقد وقراءات ونفثات يَتوصل بها الساحر إلى الإضرار بالمسحور ، فمنه ما يقتل ومنه ما يمرض ومنه ما ي يسلب العقل ومنه ما يوجب العطف، يعني تعلق الإنسان بغيره تعلقا شديدًا، ومنه ما يوجب الصرف يعني انصرافه عن غيره انصرافاً كاملا، فهو أنواع والعياذ بالله، لكن كله محرم .
وقد تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم ممن سَحر وسُحر له، ومنه ما يوصل إلى الكفر ، فإذا كان الساحر يتوصل إلى سحره بالأرواح الشيطانية ، يتقرب إليها ويتعبد لها حتى تطيعه فهذا كفر لا شك فيه .
وأما إذا لم يكن كذلك ، فإنه أذية ومُحرم ومن كبائر الذنوب، ويجب على ولي الأمر أن يقتل الساحر قتلاً بدون توبة، بمعنى : أن يقتله قتلا وإن تاب ، لأنه إن تاب فأمره إلى الله عز وجل ، وإن لم فأمره إلى الله لكننا نقتله درءاً لمضرته ومفسدته ، وأما إذا لم يتب فهو من أهل النار إن كان سحره مكفرًا ، لأن السحر والعياذ بالله من أعظم الفساد في الأرض وأعظم الشرور ، لأنه يأتي الإنسان من غير أن يحترز منه ، ولكن هناك شيء يحميك منه بإذن الله عز وجل : وهي قراءة الأوراد الشرعية ، مثل آية الكرسي ، قل هو الله أحد ، قل أعوذ برب الفلق ، قل أعوذ برب الناس ، وما أشبه ذلك مما جاء به الآيات والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن هذا أكبر واقٍ يقي الإنسان من السحر .
ثم ذكر المؤلف -رحمه الله- قول الله تعالى : وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا ، أول الآية قوله : واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان : أي ما تتبعه على ملك سليمان وهو أن الشياطين علمت الناس السحر ، وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر : سليمان عليه الصلاة والسلام ما كفر ولم يخلف سحرًا وإنما خلف علم النبوة فإنه كان أحد الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام ، ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ، وفي هذا دليل على أن السحر تعلمه من الشياطين كفر ، ولهذا قلنا قبل قليل : إذا استعان الإنسان على سحره بالشياطين كان كافرا .
وما أُنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت : وهذان ملكان بعثهما الله عز وجل إلى أرض بابل لكثرة السحرة فيها ، يعلمون الناس السحر ، ولكنهما ينصحان الناس : وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ، أرسلهما الله عز وجل يعلمان الناس السحر ، وهنا قد يسأل الإنسان : كيف يرسل الله تعالى ملكين والملائكة كرام مُكرَمون عند الله عز وجل كيف يرسلهم يعلمون الناس السحر؟ فيقال : هذا فتنة من الله عز وجل ولهذا إذا علما الناس قالا : إنما نحن فتنة فلا تكفر ، ينصحون للناس لكن الله عز وجل ابتلى الناس بهذا ، فجعلوا يتعلمون من الملكين يتعلمون منهما ما يسمى بالعطف والصرف وهو من أشد أنواع السحر ، فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه : يأتي الساحر والعياذ بالله إلى رجل قد حسنت الحال بينه وبين أهله وطابت لهما الحياة فيفرق بين الرجل وزوجته والعياذ بالله ، تأخذ تصيح إذا قرب إليها وتبكي وتنفر منه ، وإذا أبعد عنها بكت على فراقه والعياذ بالله ، فيضرها من الناحيتين : من ناحية الاجتماع ومن ناحية الافتراق .
وكذلك الزوج تجده في شوق عظيم إلى أهله ، فإذا أتى إلى أهله ضاق بهم ذرعًا وضاق صدره وتمنى أن يموت والعياذ بالله ، هذا من السحر العظيم .
قال الله تعالى : وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ، سبحان الله العظيم !! من بيده ملكوت السماوات والأرض ؟ الله عز وجل ، هؤلاء السحرة والشياطين مهما اجتمعوا على أمر يريدون أن يضروك به والله تعالى لا يضرك فإنهم لن يضروك ، وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ، وتأمل هذا التركيب فإن الجملة هنا اسمية : وما هم بضارين به من أحد والاسمية تفيد الثبوت والاستمرار ثم إن النفي مؤكد بالباء وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله : يعني لا يمكن أبدا أن يضروا أحدا بسحرهم إلا بإذن الله ، إذا أذن الله عز وجل بذلك قدرا فالله على كل شيء قدير ، وإذا شاء عز وجل منع ، منع كل شر، لأنه هو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض ، وهو خالق الأسباب ومانع الأسباب وهو على كل شيء قدير ، وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون : أي هؤلاء الناس الذي أرسل إليهم الملكان : يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم : يعني ما فيه الضرر المحض الذي لا نفع فيه إطلاقا ، ولهذا قال : ما يضرهم ولا ينفعهم : هو ضرر محض في الدين والدنيا والعاقبة الوخيمة ، وكذلك الظلم الذي يحصل على المسحور فإنه سوف يقضي له بحقه يوم القيامة لن يهمله الله عز وجل .
ولقد علموا لَمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق : أكد الله هذه الجملة بالقسم واللام وقد : أي : لقد علم هؤلاء الذين يتعلمون السحر أن الذي يتعلمه ما له في الآخرة من خلاق ، علموا مِن أين ؟ من قول الملكين : إنما نحن فتنة فلا تكفر ، قد علموا وبان لهم الأمر ولكنهم والعياذ بالله اختاروا ذلك ، ولهذا قال : لمن اشتراه : والشراء إنما يكون عن رغبة وطمع في المبيع ، ولهذا سمى الله تعالى تعلمه اشتراءً ، ما له في الآخرة من خلاق أي : ما له نصيب في الآخرة ، وليس أحد من الناس لا نصيب له في الآخرة على وجه الإطلاق إلا الكافر ، المؤمن له نصيب في الآخرة إما أن يدخل الجنة بلا حساب وإما أن يعذب على قدر ذنوبه ثم يكون مآله الجنة ، لكن الكافر ليس له في الآخرة من خلاق أي : من نصيب .
ولبئس ما شروا به أنفسهم شروا : هنا بمعنى باعوا ، يعني أن الله ذم هذا الذي اختاروه وباعوا أنفسهم من أجله ، لو كانوا يعلمون : يعني لو كانوا من ذوي العلم لعلموا أن هذا شر محض .
والخلاصة : أن السحر من كبائر الذنوب ، وقد يؤدي إلى الكفر ، وأن عقوبة الساحر أن يقتل سواء كفر بسحره أم لم يكفر ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : حد الساحر ضربه بالسيف ، وفي لفظ : ضربة بالسيف ، نسأل الله تعالى أن يقي المسلمين شرهم، وأن يرد كيدهم في نحورهم، وأن يعيننا وإياكم على تعلم الأوراد الشرعية التي يحتمي بها المرء من أعدائه من الشياطين والأنس، والله الموفق.
الفتاوى المشابهة
- الذهاب إلى السحرة من أجل المعالجة - اللجنة الدائمة
- الحكم على حديث: (تعلموا السحر ولا تعملوا به) - ابن باز
- ما حكم علاج السحر بالسحر؟ - ابن عثيمين
- ما صحة حديث : ( تعلموا السحر ولا تعملوا به ) ؟ - الالباني
- ما هي الحصون والوقاية من السحر ؟ وما حكم عمل... - ابن عثيمين
- شرح قول المصنف : باب ما جاء في السحر - ابن عثيمين
- تعلم السحر - اللجنة الدائمة
- حكم تعاطي السحر وإتيان السحرة - ابن باز
- رجل زوجته مصابة بالسحر وحاول معالجتها بكل طر... - ابن عثيمين
- السحر - الفوزان
- باب التغليظ في تحريم السحر : قال الله تعالى:... - ابن عثيمين