تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول ا... - ابن عثيمينالشيخ : أما حديث أبي هريرة الثاني : فهو في قصة الرجل الذي خرج ليتصدق ومعروف أن الصدقة على الفقراء والمساكين ، فوقعت صدقته في يد سارق ، فأصبح الناس يتحدث...
العالم
طريقة البحث
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( قال رجل لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على سارق فقال: اللهم لك الحمد لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية فقال: اللهم لك الحمد على زانية. لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على غني. فقال: اللهم لك الحمد على سارق، وعلى زانية، وعلى غني. فأتي فقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله أن يعتبر فينفق مما آتاه الله ). رواه البخاري بلفظه، ومسلم بمعناه.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : أما حديث أبي هريرة الثاني : فهو في قصة الرجل الذي خرج ليتصدق ومعروف أن الصدقة على الفقراء والمساكين ، فوقعت صدقته في يد سارق ، فأصبح الناس يتحدثون : تُصدق الليلة على سارق !! والسارق ينبغي أن يعاقب لا أن يعطى وينمى ماله ، فقال هذا الرجل الذي أخرج الصدقة ووقعت في يد سارق : الحمد لله ، حمد الله لأن الله تعالى محمود على كل حال، وكان من هدى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه إذا أصابه ما يسره قال : الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات : فإذا أتاك ما يسرك فقل : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
وإذا أتاه خلاف ذلك قال : الحمد لله على كل حال : هذا هدي النبي عليه الصلاة والسلام .
وأما ما يستعمله بعض الناس : " الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه " ، فهذه عبارة لا ينبغي أن تقال ، لأن كلمة على مكروه : ينبئ عن كراهتك لهذا الشيء ، وأن هذا فيه نوع من الجزع ، ولكن قل كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : الحمد لله على كل حال .
والإنسان لا شك في أنه في هذه الدنيا يوماً يأتيه ما يسره ويوماً يأتيه ما لا يسوؤه ، فإن الدنيا ليست صافية من كل وجه ، بل صفوها منغص بالكدر ، نسأل الله أن يكتب لنا ولكم بها نصيبًا إلى الأخرة ، لكن إذا أتاك ما يسرك فقل : الحمد لله الذي بنعمتة تتم الصالحات ، وما يسوؤك إيش؟ الحمد لله على كل حال .
ثم إنه خرج هذا الرجل قال : لأتصدقن الليلة ، فخرج فتصدق فوقعت صدقته في يد زانية : امرأة بغي تزني والعياذ بالله تمكن الناس من الزنا بها ، فأصبح الناس يتحدثون : تُصدق الليلة على زانية : وهذا شيء لا يقبله ، لا الفطرة ، فقال : الحمد لله ، ثم قال لأتصدقن الليلة ، -وكأنه رأى أن صدقته الأولى والثانية لم تقبل- فتصدق فوقعت في يد غني : والغني ليس من أهل الصدقة ، الغني من أهل الهدية والهبة والكرامة وما أشبه ذلك ، فأصبح الناس يتحدثون تُصدق الليلة على غني فقال : الحمد لله على سارق وزانية وغني : وهو ماذا يريد؟ يريد أن تقع صدقته في يد فقير متعفف نزيه لكن كان أمر الله قدراً مقدورا فقيل له : إن صدقتك قد قبلت : إن صدقتك قد قبلت ، لأنه مخلص قد نوى الخير لكنه لم يتيسر له ، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : إذا حكم الحاكم فاجتهد فأخطأ فله أجر ، هذا مجتهد ولم يتيسر له ما يريد فقيل له : أما صدقتك فقد قُبلت
وأما السارق فلعله أن يستعف عن السرقة
: ربما يقول هذا مال يكفيني وأن سرقته كانت للحاجة ، وأما البغي فلعلها أن تستعف عن الزنا ، لأنها ربما كانت تزني والعياذ بالله ابتغاء المال ، وقد حصل لها فتكف عن الزنا ، وأما الغني فلعله يعتبر فينفق مما آتاه الله .
شوف النية الطيبة يحصل بها الثمرات الطيبة وكل هذا الذي ذكر متوقع وربما يكون يستعف السارق عن السرقة ، والبغي عن الزنا ، والغني يعتبر فيتصدق ولا يبخل .
ففي هذا الحديث دليل على أن الإنسان إذا نوى الخير وسعى فيه وأخطأه فإنه يكتب له ولا يضره ، ولهذا قال العلماء رحمهم الله : " إذا أعطى زكاته من يظنه من أهل الزكاة فتبين أنه ليس من أهل الزكاة فإنها تجزئة " ، مثل رأيت رجلا رثاً عليه ثياب رثة تحسبه فقيرا فأعطيته الزكاة فأصبح الناس يقولون : فلان غني عنده أموال كثيرة أتجزئك الزكاة ؟ الجواب ؟
الطالب : نعم .

الشيخ : تجزئه الزكاة لأنه قيل لهذا الرجل : أما صدقتك فقد قبلت ، تجزئه الزكاة ، وكذلك إذا أعطيتها غيرك ممن ظننته مستحقا ولم يكن مستحقاً فإنها تجزئك ، والله الموفق.

Webiste