الإرادة إرادتان: شرعية وقدرية، فالإرادة الشرعية تُوافق الأمر والرضى والمحبَّة، مثل قوله: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [النساء:26]، وقال جلَّ وعلا: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب:33]، هذه إرادة شرعية بمعنى الأمر، وبمعنى الرضا.
والإرادة الكونية بمعنى المشيئة، كما قال سبحانه: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82]، هذه معناها المشيئة، {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام:125]، هذه الإرادة الكونية وأشباهها كثير، غالب الإرادات في القرآن كونية.
وبعضهم جعل المشيئةَ قسمين مثل الإرادة، وبعضهم اقتصر بهذا على الإرادة فقط، أما المشيئة فلا تكون إلا كونية: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولكن لو ورد الاثنان أحيانًا بمعنى الإرادة الشرعية فلا مانع، الإرادة الشرعية والمشيئة الشرعية معناهما واحد، فإنه يقال: إنه سبحانه شاء شرعًا، وأراد شرعًا من العباد أن يعبدوه، وأن يُطيعوه، ولكنه أراد وشاء كونًا من الكافر أن يكفر، ومن العاصي أن يعصي؛ لحكمةٍ بالغةٍ.