معنى كلمة: "أحصاها" في حديث الأسماء الحسنى
الشيخ عبدالعزيز ابن باز
السؤال:
نعود في بداية هذه الحلقة إلى رسالة وصلت إلى البرنامج من القصيم، باعثة الرسالة إحدى الأخوات من هناك رمزت إلى اسمها بحرفين هما: (أ) و(ح) عرضنا بعض أسئلتها في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة لها بعض الأسئلة، فتقول في أحد أسئلتها: أسأل سماحتكم عن حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ: إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا، من أحصاها؛ دخل الجنة هل كلمة: أحصاها الواردة في الحديث معناها: حفظها، أم قراءتها فقط؟ وجهوني، جزاكم الله خيرًا.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد.
فهذا الحديث مخرج في الصحيحين عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وله لفظان أحدهما: من أحصاها واللفظ الثاني: من حفظها؛ دخل الجنة معنى أحصاها: يعني: حفظها، وأتقنها دخل الجنة، وإحصاؤها يكون بحفظها، ويكون بالعمل بمقتضاها، أما لو أحصاها وهو لا يعمل بمقتضاها، ولا يؤمن بها؛ فإنها لا تنفعه، فالإحصاء يدخل فيه حفظها، ويدخل فيه العمل بمعناها.
فالواجب على من وفقه الله لإحصائها، وحفظها أن يعمل بمقتضاها، فيكون رحيمًا، ويكون أيضًا عامًلا بمقتضى بقية الأسماء، يؤمن بأن الله عزيز حكيم، رؤوف رحيم، قدير، عالم بكل شيء، ويؤمن بذلك، ثم يراقب الله، ويخاف الله، فلا يصر على المعاصي التي يعلمها ربه، بل يحذر المعاصي ويبتعد عنها، وعن الكفر بالله كله بأنواعه، إلى غير ذلك.
فهو يجتهد في حفظها مع العمل بمقتضاها من الإيمان بالله، ورسوله، وإثبات الصفات، والأسماء لله، على الوجه اللائق بالله، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، يعلم أنها حق، وأنها صفات لله، وأسماء لله، وأنه سبحانه الكامل في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، لا شبيه له، ولا مثل له، كما قال في كتابه العظيم: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4].
يؤمن بهذا، وأنه صمد، لا شبيه له، تصمد إليه الخلائق، وتحتاج إليه وهو الكامل في كل شيء، وأنه لم يلد ولم يولد، وأنه لا كفؤ له، لا في صفاته، ولا في أفعاله، ليس له كفؤ ولا مثيل، ولا سمي قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]... هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم:65]... فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ [النحل:74] فهو سبحانه لا سمي له، ولا شبه له، ولا كفؤ له، ولا ند له، هو الكامل في كل شيء، في علمه، وفي ذاته، وفي حكمته، وفي رحمته، وفي عزته، وفي قدرته، وفي جميع صفاته .
فمن أحصاها علمًا، وعملًا، وحفظها علمًا وعملًا؛ أدخله الله الجنة، أما إذا أحصاها، وحفظها، لكن قد أقام على المعاصي، والسيئات؛ فهو تحت مشيئة الله، إن شاء الله غفر له، وإن شاء عذبه بمعاصيه، ثم بعد تطهيره من المعاصي يخرجه الله من النار إلى الجنة؛ إذا كان مات على التوحيد، والإسلام، كما قال الله سبحانه: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31] فهذا خطاب لأهل الإسلام، بل لجميع الناس: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31] والكبائر تشمل الشرك، وأنواع الكفر، وتشمل المعاصي التي حرم الله، وجاء فيها اللعن، والغضب، والوعيد من الكبائر.
فعلى العباد من الرجال، والنساء أن يجتنبوها؛ ولهذا قال سبحانه: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31] يعني: الصغائر وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا [النساء:31].
ويقول النبي ﷺ: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، كفارات لما بينهن إذا اجتنب الكبائر وفي لفظ: ما لم تغش الكبائر كالزنا، والسرقة، والعقوق للوالدين، أو أحدهما، قطيعة الرحم، أكل الربا، الغيبة النميمة، التولي يوم الزحف، السحر، إلى غير هذا مما حرمه الله من الكبائر.
والمقصود: أن إحصاء الأسماء الحسنى، وحفظها من أسباب السعادة، ومن أسباب دخول الجنة لمن أدى حقها، واستقام على طاعة الله، ورسوله، ولم يصر على الكبائر، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.
نعود في بداية هذه الحلقة إلى رسالة وصلت إلى البرنامج من القصيم، باعثة الرسالة إحدى الأخوات من هناك رمزت إلى اسمها بحرفين هما: (أ) و(ح) عرضنا بعض أسئلتها في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة لها بعض الأسئلة، فتقول في أحد أسئلتها: أسأل سماحتكم عن حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ: إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا، من أحصاها؛ دخل الجنة هل كلمة: أحصاها الواردة في الحديث معناها: حفظها، أم قراءتها فقط؟ وجهوني، جزاكم الله خيرًا.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد.
فهذا الحديث مخرج في الصحيحين عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وله لفظان أحدهما: من أحصاها واللفظ الثاني: من حفظها؛ دخل الجنة معنى أحصاها: يعني: حفظها، وأتقنها دخل الجنة، وإحصاؤها يكون بحفظها، ويكون بالعمل بمقتضاها، أما لو أحصاها وهو لا يعمل بمقتضاها، ولا يؤمن بها؛ فإنها لا تنفعه، فالإحصاء يدخل فيه حفظها، ويدخل فيه العمل بمعناها.
فالواجب على من وفقه الله لإحصائها، وحفظها أن يعمل بمقتضاها، فيكون رحيمًا، ويكون أيضًا عامًلا بمقتضى بقية الأسماء، يؤمن بأن الله عزيز حكيم، رؤوف رحيم، قدير، عالم بكل شيء، ويؤمن بذلك، ثم يراقب الله، ويخاف الله، فلا يصر على المعاصي التي يعلمها ربه، بل يحذر المعاصي ويبتعد عنها، وعن الكفر بالله كله بأنواعه، إلى غير ذلك.
فهو يجتهد في حفظها مع العمل بمقتضاها من الإيمان بالله، ورسوله، وإثبات الصفات، والأسماء لله، على الوجه اللائق بالله، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، يعلم أنها حق، وأنها صفات لله، وأسماء لله، وأنه سبحانه الكامل في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، لا شبيه له، ولا مثل له، كما قال في كتابه العظيم: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4].
يؤمن بهذا، وأنه صمد، لا شبيه له، تصمد إليه الخلائق، وتحتاج إليه وهو الكامل في كل شيء، وأنه لم يلد ولم يولد، وأنه لا كفؤ له، لا في صفاته، ولا في أفعاله، ليس له كفؤ ولا مثيل، ولا سمي قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]... هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم:65]... فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ [النحل:74] فهو سبحانه لا سمي له، ولا شبه له، ولا كفؤ له، ولا ند له، هو الكامل في كل شيء، في علمه، وفي ذاته، وفي حكمته، وفي رحمته، وفي عزته، وفي قدرته، وفي جميع صفاته .
فمن أحصاها علمًا، وعملًا، وحفظها علمًا وعملًا؛ أدخله الله الجنة، أما إذا أحصاها، وحفظها، لكن قد أقام على المعاصي، والسيئات؛ فهو تحت مشيئة الله، إن شاء الله غفر له، وإن شاء عذبه بمعاصيه، ثم بعد تطهيره من المعاصي يخرجه الله من النار إلى الجنة؛ إذا كان مات على التوحيد، والإسلام، كما قال الله سبحانه: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31] فهذا خطاب لأهل الإسلام، بل لجميع الناس: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31] والكبائر تشمل الشرك، وأنواع الكفر، وتشمل المعاصي التي حرم الله، وجاء فيها اللعن، والغضب، والوعيد من الكبائر.
فعلى العباد من الرجال، والنساء أن يجتنبوها؛ ولهذا قال سبحانه: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31] يعني: الصغائر وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا [النساء:31].
ويقول النبي ﷺ: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، كفارات لما بينهن إذا اجتنب الكبائر وفي لفظ: ما لم تغش الكبائر كالزنا، والسرقة، والعقوق للوالدين، أو أحدهما، قطيعة الرحم، أكل الربا، الغيبة النميمة، التولي يوم الزحف، السحر، إلى غير هذا مما حرمه الله من الكبائر.
والمقصود: أن إحصاء الأسماء الحسنى، وحفظها من أسباب السعادة، ومن أسباب دخول الجنة لمن أدى حقها، واستقام على طاعة الله، ورسوله، ولم يصر على الكبائر، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.
الفتاوى المشابهة
- أسماء الله الحسنى - ابن عثيمين
- ما صحة ومعنى حديث ( إن لله تسعا وتسعين اسما من... - الالباني
- ثواب من حفظ أسماء الله الحسنى - ابن باز
- ما هي كيفية إحصاء أسماء الله الحسنى ؟ - الالباني
- معنى إحصاء الأسماء الحسنى - ابن عثيمين
- في قوله صلى الله عليه وسلم ( إن لله تسعة وتس... - ابن عثيمين
- هل ثبتت رواية الترمذي في سرد الأسماء الحسنى وم... - الالباني
- المراد بإحصاء أسماء الله الحسنى - ابن عثيمين
- ما صحة الحديث : "من أحصى أسماء الله الحسنى د... - ابن عثيمين
- أسماء الله وفضل من أحصاها - ابن باز
- معنى كلمة: "أحصاها" في حديث الأسماء الحسنى - ابن باز