أمثلة على مخالفة هدي النبي صلى الله عليه في العبادات بالغلو فيها
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : لنضرب الآن مثلًا على ضوء الحديث السابق حديث الرهط ، لو أن رجلًا اليوم يريد أن يقوم يصلي في الليل طول الليل هل هذه عبادة ؟ أكثر الناس يقولون ما شاء الله هذه عبادة لا يستسيغها إلا القليل القليل جدًّا من الناس ، رجل يريد أن يصلي بل أن يقرأ ختمة قرآن في ليلة ما هل هذه عبادة ؟ يظن كثير من الناس أن هذه عبادة لكننا إذا تذكرنا قوله - عليه السلام - السابق الذكر : فَمَن رَغِبَ عن سنَّتي في المثال الأول الرجل الذي يقوم الليل كله نعرف بكل بيان ووضوح أن قيام الليل كله أنكره الرسول - عليه السلام - على الرهط فإذًا الذي يقوم الليل كله لا يكون متقربًا به إلى الله بل لا يزداد به إلا بعدًا عن الله - عز وجل - لماذا ؟ لأنه رغب عن سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - المثال الثاني : قلنا رجل يختم القرآن كله من سورة الفاتحة إلى سورة الناس في ليلة واحدة هل هذا من السنة ؟ الجواب لا لم ؟ لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال في الحديث الصحيح : مَن قرأ القرآن في أقلِّ من ثلاث لم يفقَهْه ؛ ولذلك جاء في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث ويقول : مَن قرأ القرآن في أقلِّ من ثلاث لم يفقَهْه وهكذا كل العبادات تُساق هذا المساق كما جاء في الحديث الصحيح - أيضًا - الذي أخرجه البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال عبد الله : " زوَّجَني أبي فتاةً من قريش ، ثم سألها يومًا : كيف أنت مع زوجك ؟ " ، فكان جوابها بلسان عربي بسيط جدًّا إنه لم يطَأْ لنا بعد فراشًا ؛ يعني لساتهن أبكار لا هو أتاها ولا هي أتيت منه كأنهما ما تزوَّجا ، فصعب الأمر على عمرو بن العاص والد عبد الله ، فشكا ابنه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : زوجته مشان يظل كأنه لا زوجة له ؟! قال عبد الله بن عمرو : فإما أرسل إلي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وإما لقيني " ، الراوي يشك فقال له - عليه السلام - : يا عبد الله بن عمرو ، بلغني أنك تقوم الليل وتصوم النهار ولا تقرب النساء . قال : قلت : قد كان ذلك يا رسول الله . قال : فإنَّ لنفسك عليك حقًّا ، ولجسدك عليك حقًّا ، ولزوجك عليك حقًّا ، ولزَوَرِك أي : الزائر الضيف ولزَوَرِك عليك حقًّا ، ثم وضع له منهجًا ليتعبَّد الله سواء ما يتعلق منه بالقيام أو بالصيام فكان هو يقوم الليل كله فقال له : قُمْ من الليل ثلثه ، واقرأ القرآن في الشهر مرة في كل شهر مرة . قال : يا رسول الله ، إنِّي شابٌّ ، إن بي قوَّة ، إني أستطيع أكثر من ذلك ، فلم يزَلْ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يتسامح معه ويزيده من العبادة والطاعة حتى انتهى إلى قوله : اقرأ القرآن في ثلاث ليالي ، فَمَن قرأ القرآن في أقلِّ من ثلاث لم يفقَهْه ، فيما يتعلق بالصيام قال له - عليه الصلاة والسلام - : صُمْ من كلِّ شهر ثلاثة أيام ؛ فإن الحسنة بعشر أمثالها ، فكأنما صمت الدهر كله . قال : يا رسول الله ، إنِّي شابٌّ ، إن بي قوَّة ، إني أستطيع أكثر من ذلك ، فلم يزل أيضًا ... ويتسامح حتى قال له : صُمْ يومًا وأفطر يومًا ؛ فإنه أفضل الصيام ، وفي رواية : أعدل الصيام وهو صوم داود - عليه الصلاة والسلام - ، وكان لا يفرُّ إذا لاقى ، قال : يا رسول الله ، إنِّي أريد أفضل من ذلك . قال : لا أفضل من ذلك ، ما صام مَن صام الدهر ، لا صام ولا أفطر ، وانفصل الشاب هذا الصحابي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا لكن الأيام أخذت تمضي وتمشي عليه كما هي سنة الله في خلقه حتى شاخ وأسن وشعر بالضعف عن القيام بما فارق عليه الرسول - عليه السلام - فكان يقول : " يا ليتني كنتُ قبلتُ رخصةَ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - " .
وفي هذا الصدد - أيضًا - حديث لعله أختم هذه الكلمة به ما أخرجه البخاري في " صحيحه " من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - آخى بينه وبين أبي الدرداء كما كانت سنته أول هجرته أن آخى بين كل مهاجري وأنصاري ليتعاونوا على المعيشة لأن المهاجرين تركوا أموالهم وبيوتهم وجاؤوا ليس معهم شيء فواستهم الصحابة فآخى الرسول - عليه السلام - بينهم ومن جملة من آخى بينهما سلمان الفارسي وأبو الدرداء ، " جاء ذات يوم إلى دار أبي الدرداء ، ولم يكن هناك أبو الدرداء ، فرأى زوجة أبي الدرداء أم الدرداء متبذِّلةً في ثيابها " ؛ ما عليها ثياب لائقة ، ثياب يعني عتيقة بالية ، " قال لها : ما هذا يا أم الدرداء ؟ " ، قالت له مثل امرأة يعني شاعرة بالضيق بضيق ذات اليد وعدم اعتناء زوجها بها ، " قالت : يا سلمان ، هذا أخوك أبو الدرداء لا حاجةَ له بالدنيا " ، تقول أنا يعني الدنيا فهو لا يلتفت إلي فهو صائم قائم قريبًا ، " دخل أبو الدرداء فرحَّبَ بأخيه سلمان ، ووضع له الطعام ، وكان قد علم منها أنه صائم الدهر ، فقال له : كُلْ . قال : والله لا آكل حتى تأكل ، ففطَّره وأكل معه . ثم قال له مذكِّرًا : يا أبا الدرداء ، إنَّ لجسدك عليك حقًّا ، ولنفسك عليك حقًّا ، ولزوجك عليك حقًّا ؛ فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه ، والصباح " انطلقا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وصلَّيَا صلاة الفجر ، ثم قَصَّ أبو الدرداء القصَّة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكيف أنه وَعَظَه بتلك الكلمات ، فكان جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - : صدق سلمان ؛ إن لجسدك عليك حقًّا ، ولنفسك عليك حقًّا ، ولزوجك عليك حقًّا ؛ فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه . هذه هي السنة الاعتدال في الأمور وعدم الإفراط فيها فمن جاء بعبادة خالف فيها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ولو كان مخلصًا في قلبه فهذه العبادة لا تعتبر عملًا صالحًا لأنه اختل فيها شرط من الشرطين السابقين الذكر ألا وهو موافقة هذا العمل لسنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لذلك لا يصح أن نسلك ونمرر كل الأعمال التي يفعلها المسلمون اليوم بحجة أنهم نواياهم صالحة ومقاصدهم طيبة لا يغني القصد الطيب أو النية الصالحة لا تغني عن العمل شيئًا إذا لم يكن هذا العمل مطابقا للسنة فإذًَا علينا أن نعرف الأعمال التي توافق السنة والأعمال التي تخالف السنة والأعمال التي تخالف السنة هي التي حض عنها الرسول - عليه السلام - في أحاديث كثيرة لا أريد الآن أن أطيل أكثر مما فعلت من بيان هذا الكلام لنتفرغ قليلًا لسماع ما قد يكون عندكم أو على الأقل عند بعضكم من أسئلة تهمهم وأرجو أن تكون الأسئلة لها قيمة ذاتية يستفيد الجواب عليها السَّائل والسامع معًا محتفظين ومحافظين ما أمكن على سمت المجلس وهدوئه وطمأنينته فمن كان له سؤال يرفع يده . تفضل .
وفي هذا الصدد - أيضًا - حديث لعله أختم هذه الكلمة به ما أخرجه البخاري في " صحيحه " من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - آخى بينه وبين أبي الدرداء كما كانت سنته أول هجرته أن آخى بين كل مهاجري وأنصاري ليتعاونوا على المعيشة لأن المهاجرين تركوا أموالهم وبيوتهم وجاؤوا ليس معهم شيء فواستهم الصحابة فآخى الرسول - عليه السلام - بينهم ومن جملة من آخى بينهما سلمان الفارسي وأبو الدرداء ، " جاء ذات يوم إلى دار أبي الدرداء ، ولم يكن هناك أبو الدرداء ، فرأى زوجة أبي الدرداء أم الدرداء متبذِّلةً في ثيابها " ؛ ما عليها ثياب لائقة ، ثياب يعني عتيقة بالية ، " قال لها : ما هذا يا أم الدرداء ؟ " ، قالت له مثل امرأة يعني شاعرة بالضيق بضيق ذات اليد وعدم اعتناء زوجها بها ، " قالت : يا سلمان ، هذا أخوك أبو الدرداء لا حاجةَ له بالدنيا " ، تقول أنا يعني الدنيا فهو لا يلتفت إلي فهو صائم قائم قريبًا ، " دخل أبو الدرداء فرحَّبَ بأخيه سلمان ، ووضع له الطعام ، وكان قد علم منها أنه صائم الدهر ، فقال له : كُلْ . قال : والله لا آكل حتى تأكل ، ففطَّره وأكل معه . ثم قال له مذكِّرًا : يا أبا الدرداء ، إنَّ لجسدك عليك حقًّا ، ولنفسك عليك حقًّا ، ولزوجك عليك حقًّا ؛ فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه ، والصباح " انطلقا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وصلَّيَا صلاة الفجر ، ثم قَصَّ أبو الدرداء القصَّة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكيف أنه وَعَظَه بتلك الكلمات ، فكان جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - : صدق سلمان ؛ إن لجسدك عليك حقًّا ، ولنفسك عليك حقًّا ، ولزوجك عليك حقًّا ؛ فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه . هذه هي السنة الاعتدال في الأمور وعدم الإفراط فيها فمن جاء بعبادة خالف فيها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ولو كان مخلصًا في قلبه فهذه العبادة لا تعتبر عملًا صالحًا لأنه اختل فيها شرط من الشرطين السابقين الذكر ألا وهو موافقة هذا العمل لسنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لذلك لا يصح أن نسلك ونمرر كل الأعمال التي يفعلها المسلمون اليوم بحجة أنهم نواياهم صالحة ومقاصدهم طيبة لا يغني القصد الطيب أو النية الصالحة لا تغني عن العمل شيئًا إذا لم يكن هذا العمل مطابقا للسنة فإذًَا علينا أن نعرف الأعمال التي توافق السنة والأعمال التي تخالف السنة والأعمال التي تخالف السنة هي التي حض عنها الرسول - عليه السلام - في أحاديث كثيرة لا أريد الآن أن أطيل أكثر مما فعلت من بيان هذا الكلام لنتفرغ قليلًا لسماع ما قد يكون عندكم أو على الأقل عند بعضكم من أسئلة تهمهم وأرجو أن تكون الأسئلة لها قيمة ذاتية يستفيد الجواب عليها السَّائل والسامع معًا محتفظين ومحافظين ما أمكن على سمت المجلس وهدوئه وطمأنينته فمن كان له سؤال يرفع يده . تفضل .
الفتاوى المشابهة
- الغلو في محبة الرسول الكريم صلى الله عليه وس... - ابن عثيمين
- في معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إ... - الالباني
- شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمين
- قصة الرهط الثلاثة الذين سألوا أمهات المؤمنين ع... - الالباني
- ذكر حديث أنس - رضي الله عنه - في الرَّهط الذين... - الالباني
- شرح قول المصنف : وقال قال رسول الله صلى الله... - ابن عثيمين
- الكلام على قصة عبد الله بن عمرو بن العاص حين ز... - الالباني
- التحذير من الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم - ابن باز
- الكلام على الغلوِّ في الدين ، ومنه الغلوُّ في... - الالباني
- ذكر قصة عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله ع... - الالباني
- أمثلة على مخالفة هدي النبي صلى الله عليه في ال... - الالباني