تم نسخ النصتم نسخ العنوان
هل يجب على الابن الدعاء لوالده بعد وفاته؟ - ابن بازالسؤال:هل يجب على الابن الدّعاء لوالده بعد وفاته، خاصةً إذا كان الوالدُ في حياته يُفرِّق بينه وبين أخٍ في عمره تفريقًا شاسعًا؟ وهل على الابن إثمٌ في عدم...
العالم
طريقة البحث
هل يجب على الابن الدعاء لوالده بعد وفاته؟
الشيخ عبدالعزيز ابن باز
السؤال:
هل يجب على الابن الدّعاء لوالده بعد وفاته، خاصةً إذا كان الوالدُ في حياته يُفرِّق بينه وبين أخٍ في عمره تفريقًا شاسعًا؟ وهل على الابن إثمٌ في عدم الدعاء له أم لا؟ أفيدونا أثابكم الله.

الجواب:
لا ريب أنه يُشرع للولد أن يدعو لوالده ولو قصَّر والده في حقِّه في حياته، فإنَّ حقَّ الوالد عظيمٌ، فالدعاء له من أهم أنواع البر.
ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: إذا مات ابنُ آدم انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له خرّجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وثبت عنه أيضًا عليه الصلاة والسلام أنه قيل له: يا رسول الله، هل بقي من برِّ أبويَّ شيءٌ أبرّهما به بعد وفاتهما؟ قال ﷺ: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، الصلاة عليهما يعني: الدّعاء لهما، مثل قوله: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ [التوبة:103]، فالصلاة عليهم من الدعاء، ومنها صلاة الجنازة، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما يعني: الوصية التي يعهدان بها، وإنفاذ عهدهما من بعدهما يعني: إذا كانت الوصية شرعيةً -ليس لها مانعٌ شرعًا- فإنَّ من برِّهما إنفاذ تلك الوصية، وإكرام صديقهما أصدقاء الوالد والوالدة، وصلة الرحم التي لا تُوصل إلا بهما كلُّ هذا من برِّهما بعد الوفاة.
الأول: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، هذا كله دعاء.
الثاني: إنفاذ عهدهما من بعدهما، الوصية التي لا تُخالف الشرع.
الثالث: إكرام صديقهما.
الرابع: صلة الرحم التي لا تُوصل إلا بهما، مثل: أعمامك، وأخوالك، وعمَّاتك، وخالاتك، كل هؤلاء من أقرباء الوالدين، وثبت عنه ﷺ أنه قال: إنَّ من أبرِّ البر: صلة الرجل أهل ودِّ أبيه وفي لفظٍ: إنَّ أبرَّ البر رواه مسلم من حديث ابن عمر: إنَّ أبر البر أن يصل الرجلُ أهل وُدِّ أبيه، وفي اللفظ الآخر: إنَّ من أبرِّ البر أن يصل الرجلُ أهلَ وُدِّ أبيه يعني: أحباب أبيه، فهذا من برِّ الوالدين.
والله قال في الكافِرَين وهما كافران: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15]، فأمر في حقِّ الوالدين الكافرين أن يصحبهما الولدُ في هذه الدنيا معروفًا: بنصيحتهما، والإحسان إليهما، ودعوتهما إلى الهدى، والحرص على أن يرجعا إلى الحقِّ، وأن يتوبا، إلى غير هذا من وجوه المعروف في هذه الدنيا، وهما كافران، فكيف بالمُسْلِمَيْنِ؟!
ولو كان من الوالد شيءٌ من التقصير في حقِّ الولد -كإيثار بعضهم على بعضٍ، أو هجره له، أو طرده له، أو غير هذا- فإن هذا لا يمنع من برِّه والدّعاء له، ونحو ذلك.

Webiste