تم نسخ النصتم نسخ العنوان
حكم ترك الصلاة بسبب الانشغال بالعمل - الفوزان س329: يقول السائل م. أ. ف من العراق: أنا أقوم بالصلاة حسب أصولها، ولكن دوامي المدرسي يتعارض مع وقت صلاتي، ولا يسمح إلا بصلاة الفجر والمغرب والعشاء، أما...
العالم
طريقة البحث
حكم ترك الصلاة بسبب الانشغال بالعمل
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
س329: يقول السائل م. أ. ف من العراق: أنا أقوم بالصلاة حسب أصولها، ولكن دوامي المدرسي يتعارض مع وقت صلاتي، ولا يسمح إلا بصلاة الفجر والمغرب والعشاء، أما الظهر والعصر فليس لدي الوقت الكافي للصلاة إلا بعد عودتي من المدرسة، فهل أستطيع جمعها مع صلاة المغرب؟ وهل علي إثم بعدم صلاة الظهر والعصر؟ أفيدوني أفادكم الله؟
ج329: أما ما ذكرت من محافظتك على الصلاة، فهذا شيء تشكر عليه، ونسأل الله تعالى أن يزيدك منه، والمحافظة على الصلوات من أهم الواجبات؛ لأن الصلاة هي عمود الإسلام واللّه جل وعلا يقول: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ، ويقول جل وعلا: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ،
ويقول سبحانه: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ . والمحافظة على الصلاة علامة الإيمان، ومن حفظ صلاته حفظ دينه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت، فقد خاب وخسر، فإذا انتقص من فريضته شيئًا، قال الرب سبحانه وتعالى: انظروا إلى عبدي هل له من تطوع، فيكمل به ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على هذا فإن وفّى فيها، فإنه يكون في بقية أمور دينه موفيًا محافظًا، والمحافظة على الصلاة معناها أداؤها في أوقاتها التي شرعها الله تعالى بها، قال الله تعالى : فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ، فمن أهم المهمات، المحافظة على الصلاة، أن تؤدى في مواقيتها، ومن أحب الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى الصلاة لوقتها، والمسلم
لا يقدم على صلاته شيئا من أعمال الدنيا؛ لأن الصلاة لها الصدارة في عمل المسلم، فوقتها مشغولٌ ، لا يجوز أن يُشغل بغيره، قال الله تعالى في مدح المؤمنين: رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ، وقال سبحانه: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، وحتى في أشد الحالات على المؤمن، وهي حالة الخوف، ومواجهة العدو، يجب على المسلمين أن يصلوا الصلاة في وقتها، حتى ولو كان في مواجهة العدو، وهذا مذكور في القرآن الكريم، في قوله تعالى: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ،
هذا في حال الخوف، وقال تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ . يعني صلُّوا وأنتم تمشون، أو وأنتم راكبون، إذا كنتم في حالة خوف، وأنتم مطلوبون من عدوكم، تخافون منهم، وهاربون منهم إذا حانت الصلاة، فالمسلم يصلي على حسب حاله، ولا يؤخر الصلاة عن وقتها. فالواجب عليك أيها السائل، والواجب على جميع المسلمين، أن يصلوا الصلوات في مواقيتها، وألا تشغلهم الأعمال الدنيوية، ولا الوظائف، ولا الدراسة، ولا أي عمل عن أداء الصلاة في وقتها، وأداء الصلاة في وقتها لا يستغرق كثيرًا في وقت الإنسان، ولا يشغله عن طلب الرزق؛ بل هو يعينه، فالواجب عليك أن تصلي الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، بأن تهيئوا مكانا تصلون فيه صلاة الظهر في وقتها، وصلاة العصر في وقتها، في وقت الدراسة، أو في وقت
العمل، ثم الواجب على ولاة أمور المسلمين، وعلى القائمين على التعليم، وعلى غيره من أعمال المسلمين أن يحسبوا للصلاة حسابها، وأن يسمحوا للطلاب، أو لمنسوبيها، بأداء الصلاة في وقتها من غير أن يشغلوهم عنها، هذا الواجب على المسلمين، وعلى ولاة أمورهم ومسئوليهم خصوصًا؛ لأنه بدون هذا، فإن الدين لن يتم، ولن يصح، وبالتالي لن يكون للمسلمين عزة، ولا مكانة لا في الدنيا ولا في الآخرة، إلا بالمحافظة على هذا الدين، لا سيما الصلاة التي هي عماد دين الإسلام، فلا نجد لكم عذرًا في أداء الصلاة في غير وقتها.

Webiste