ج:
الأصل في مثل هذا التعاون بين أفراد القبيلة أن يكون قائمًا على الاختيار لا الإلزام، ويحتسب المشتركون فيه الأجر من الله تعالى،
لأن فيه إعانة للمحتاج ومواساة للمصاب، ومن امتنع عن المشاركة فيه فلا يجوز إجباره على ذلك ولا مقاطعته ولا سبه ولا شتمه؛ لأن هذا العمل من الأمور التطوعية والتبرعات لا من الأمور الواجبة شرعًا، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه" ، وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: "ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا" . وليس الحكم في الاشتراك في هذا الصندوق كالحكم فيما تدفعه العاقلة؛ لأن الاشتراك في الصندوق أمر اختياري بينما وجوب الدية على العاقلة أمر لا اختيار فيه، والعاقلة لا تتحمل عن القاتل إلا ما كان خطأ أو شبه عمد، وما عدا ذلك من الجنايات فلا يجب على العاقلة فيه شيء، فلا تحمل العاقلة قيمة العبد المجني عليه بل هي على القاتل ولا الجناية في العمد على الحر، ولا الصلح على مال، ولا الاعتراف بقتل خطأ أو شبه عمد، ولم تقر العاقلة بهذا الاعتراف، ولا ما كان من الجنايات دون ثلث الدية.