تم نسخ النصتم نسخ العنوان
يقول في سؤاله الأول كيف تقدر مدة المسح على ا... - ابن عثيمينالسائل : يقول في سؤاله الأول كيف تقدّر مدة المسح على الخفين أهي بالساعات أم بالفروض وكيف ذلك بالنسبة للمسافر والمقيم وهل تُقاس عليها العمامة التي تُربط ...
العالم
طريقة البحث
يقول في سؤاله الأول كيف تقدر مدة المسح على الخفين أهي بالساعات أم بالفروض وكيف ذلك بالنسبة للمسافر والمقيم وهل تقاس عليها العمامة التي تربط على الرأس بإحكامٍ ولا يسهل خلعها عند كل وضوءٍ أم لا ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : يقول في سؤاله الأول كيف تقدّر مدة المسح على الخفين أهي بالساعات أم بالفروض وكيف ذلك بالنسبة للمسافر والمقيم وهل تُقاس عليها العمامة التي تُربط على الرأس بإحكامٍ ولا يسهل خلعها عند كل وضوءٍ أم لا؟

الشيخ : هذه المسألة من أهم المسائل التي يحتاج الناس إلى بيانها ولهذا سوف نجعل الجواب أوسع من السؤال إن شاء الله تعالى.

السائل : بارك الله فيكم.

الشيخ : فنقول: إن المسح على الخفين ثابت بدلالة الكتاب والسنّة، أما الكتاب فهو من قوله تعالى: يَا أَ يُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ أرجلِكم بكسر اللام.

السائل : نعم.

الشيخ : فتكون معطوفة على قوله: برؤوسكم فتدخل في ضمن الممسوح والقراءة التي يقرؤها الناس في المصاحف: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ بفتح اللام فهي معطوفة على الوجه، على وجوهكم، فتكون من ضمن المغسول وحينئذٍ فالأرجل بناء على القراءتين إما أن تُغسل وإما أن تُمسح وقد بيّنت السنّة متى يكون الغسل ومتى يكون المسح، يكون الغسل حين تكون القدم مكشوفة ويكون المسح حين تكون مستورة بالخف ونحوه.

السائل : نعم.

الشيخ : أما السنّة فقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين وعدّه أهل العلم من المتواتر كما قال من نظم ذلك:
" مما تواتر حديث من كذب ومن بنى لله بيتاً واحتسب
ورؤيةٌ شفاعةٌ والحوض ومسح الخفين وهذي بعض "
.
فمسح الخفين مما تواترت به الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم والمسح على الخفين إذا كان الإنسان قد لبِسهما على طهارة أفضل من خلعهما وغسل الرجل ولهذا لما أراد المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن ينزع خفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وضوئه، قال له: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ثم مسح عليهما وللمسح على الخفين شروط، الشرط الأول: أن يلبسهما على طهارة، على طهارة كاملة من الحدث الأصغر والأكبر.

السائل : نعم.

الشيخ : فإن لبسهما على غير طهارة فإنه لا يصح المسح عليهما والشرط الثاني: أن يكون المسح في مدة المسح كما سيأتي بيان المدة إن شاء الله تعالى.
والشرط الثالث: أن يكون المسح في الطهارة الصغرى أي في الوضوء أما إذا صار على الإنسان غسل فإنه يجب عليه أن يخلع الخفين ليغسل جميع بدنه ولهذا لا مسح على الخفين في الجنابة كما في حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه، هذه الشروط الثلاثة من شروط المسح، جواز المسح على الخفين أما المدة فإنها يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر ولا عِبرة بعدد الصلوات بل العِبرة بالزمن فالرسول عليه الصلاة والسلام وقّتها يوما وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر واليوم والليلة هو أربع وعشرون ساعة وثلاثة الأيام بلياليها اثنتان وسبعون ساعة.

السائل : نعم.

الشيخ : لكن متى تبتدئ هذه المدة؟ تبتدئ هذه المدة من أول مرة مسح وليس من لبس الخف ولا من الحدث بعد اللبس.

السائل : نعم.

الشيخ : لأن الشرع جاء بلفظ المسح والمسح لا يتحقق إلا بوجوده فعلا، يمسح المقيم يوما وليلة ويمسح المسافر ثلاثة أيام فلا بد من تحقق المسح وهذا لا يكون إلا بابتداء المسح بأول مرة.

السائل : هو الوقت الذي ينتهي به؟

الشيخ : فيكون ابتداء المدة من أول مرة مسح فإذا تمت أربع وعشرون ساعة من ابتداء المسح انتهى وقت المسح بالنسبة للمقيم وإذا تمت اثنتان وسبعون ساعة انتهى المسح بالنسبة للمسافر ونضرب لذلك مثلا يتبيّن به الأمر، رجل تطهّر لصلاة الفجر ثم لبس الخفين ثم بقي على طهارته حتى صلى الظهر وهو على طهارته وصلى العصر وهو على طهارته وبعد صلاة العصر في الساعة الخامسة تطهّر لصلاة المغرب ثم مسح فهذا الرجل له أن يمسح إلى الساعة الخامسة من اليوم الثاني فإذا قُدّر أنه مسح في اليوم الثاني في الساعة الخامسة إلا ربعا وبقي على طهارته حتى صلى المغرب وصلى العشاء فإنه حينئذ يكون صلى في هذه المدة صلاة الظهر أول يوم والعصر والمغرب والعشاء والفجر في اليوم الثاني والظهر والعصر والمغرب والعشاء فهذه تسع صلوات صلاها وبهذا علِمنا أنه لا عبرة بعدد الصلوات كما هو مفهوم عند كثير من العامة حيث يقولون: إن المسح خمسة فروض هذا لا أصل له وإنما الشرع وقّته بيوم وليلة تبتدئ هذه المدة من أول مرة مسح وفي هذا المثال الذي ذكرنا عرفت كم صلى من صلاة في لبس الخفين.

السائل : نعم.

الشيخ : وبهذا المثال الذي ذكرناه تبيّن أنه إذا تمت مدة المسح فإنه لا يمسح بعد هذه المدة ولو مسح بعد المدة بعد تمامها فمسحه باطل لا يرتفع به الحدث لكن لو مسح قبل أن تتم المدة ثم استمر على طهارته بعد تمام المدة فإن وضوءه لا ينتقض بل يبقى على طهارته حتى يوجد ناقض من نواقض الوضوء.

السائل : نعم.

الشيخ : فهذا المثال الذي ذكرنا، ذكرنا أنه مسح في اليوم الثاني في الساعة الخامسة إلا ربعا أي قبل تمام المدة بربع ساعة ثم بقي على طهارته إلى المغرب وإلى العشاء، فيصلي المغرب والعشاء بطهارته وذلك لأن القول بأن الوضوء ينتقض بتمام المدة أي بتمام مدة المسح قول لا دليل له فإن تمام المدة معناه أنه لا مسح بعد تمامها وليس معناه أنه لا طهارة بعد تمامها فإذا كان الموقت هو المسح دون الطهارة فإنه لا دليل على انتقاضها بتمام المدة وحينئذ نقول في تقرير دليل ما ذهبنا إليه هذا الرجل توضأ وضوءا صحيحا بمقتضى دليل شرعي صحيح وإذا كان كذلك فإنه لا يمكن أن نقول بانتقاض هذا الوضوء إلا بدليل شرعي صحيح ولا دليل على أنه ينتقض بتمام المدة وحينئذ فتبقى طهارته حتى يوجد ناقض من نواقض الوضوء التي ثبتت بالكتاب أو السنّة.
هذه خلاصة موجزة عن المسح على الخفين وله فروع كثيرة لكنه ليس هذا موضع ذكرها وهي معلومة في كتب أهل العلم والحمد لله.
أما المسافر.

السائل : نعم.

الشيخ : فإنه له ثلاثة أيام بلياليها أي اثنتان وسبعون ساعة تبتدئ من أول مرة مسح ولهذا ذكر فقهاء الحنابلة رحمهم الله أن الرجل لو لبس خفيه وهو مقيم في بلده ثم أحدث في نفس البلد ثم سافر ولم يمسح إلا بعد أن سافر قالوا: فإنه يتم مسح مسافر في هذه الحالة فاعتبروا ابتداء المدة من المسح، من أول مرة مسح وهذا مما يدل على ضعف القول بأن ابتداء المدة من أول حدث بعد اللبس.
أما مسألة العِمامة فالعمامة قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم جواز المسح عليها وهي من حيث النظر أوْلى بالمسح من الخفين لأنها ملبوسة على ممسوح فهي أصلا طهارة هذا العضو وهو الرأس أخف من طهارة الرجلين لأن طهارته تكون بالمسح فالفرع عنه وهي العمامة يكون كذلك بالمسح ولكن هل يُشترط فيها ما يُشترط في الخف بأن يلبسها على طهارة وتتقيّد مدتها بيوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر أو أن المسح عليها مطلق متى كانت على الرأس مسحها سواء لبسها على طهارة وبدون توقيت إلا أنه في الحدث الأكبر لا يمسح عليها لأنه لا بد من الغسل في جميع البدن؟ هذا فيه خلاف بين أهل العلم والذين قالوا: بأنه لا يُشترط لُبسها على طهارة ولا مدة لها قالوا: لأنه ليس في ذلك دليل عن النبي صلى الله عليه وسلم وقياسها على الخفين، على ما يقولون قياس مع الفارق لأن الخفين لبِسا على عضو مغسول، طهارته لا بد من الغسل فيها وأما هذه فقد لبِست على عضو ممسوح طهارته أخف فلهذا لا يُشترط للبسها طهارة ولا توقيت لها ولكن لا شك أن الاحتياط أوْلى والأمر في هذا سهل فإنه ينبغي أن لا يلبسها إلا على طهارة وأن يخلعها إذا تمت مدة المسح ويمسح رأسه ثم يُعيدها.

Webiste