تفسير سورة الحديد
اللجنة الدائمة
فتوى رقم ( 5961 ):
س: قال الله تعالى: ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ، ما المراد بالبدع في الآية الكريمة وحكم رعايتها؟ ومن كتب على نفسه أن يستغفر الله وأن يحمد الله والصلاة القائمة وكل ذلك مائة مرة صباحًا ومساءً، ولم يلتزم به بعد ذلك؟
ج: أولاً: المراد بالبدعة في هذه الآية: الرهبانية: وهي الانقطاع لعبادة الله واعتزال الناس؛ ابتغاء التقرب إلى الله تعالى وطلبها لرضاه سبحانه بالمبالغة في طاعته، سواء كان هذا الانقطاع بلزوم الجبال أو الكنائس أو البيع والصوامع أو غير ذلك، وهذه البدعة لم يكتبها الله عليهم ولم يشرعها لهم، بل هم الذين أحدثوها من عند أنفسهم؛ رجاء رضوان الله في زعمهم، شأنهم في ذلك شأن من سلك سبيلهم من مبتدعة هذه الأمة، فإنهم ابتدعوا في
الإِسلام بدعًا لم يأذن بها الله، كاجتماعهم لذكر الله صفوفًا أو حلقات مع الترنح والتمايل يمنة ويسرة ومن أعلى لأسفل بأصوات مرتفعة وصياح وعويل ممن يسمونهم (المجاذيب)، وكبدعة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وموالد الصالحين؛ رجاء الثواب من الله تعالى بتعظيم الأنبياء والصالحين بهذه الاحتفالات، إلى أمثال ذلك من الاحتفالات التي لم يشرعها لعباده. ثانيًا: هؤلاء الذين ابتدعوا الرهبانية لم يراعوا هذه الرهبانية، أي: أنهم قصروا على مدى الأيام في العمل بما ابتدعوا تقربًا إلى الله في زعمهم، فأنكر الله عليهم ابتداعهم في دين الله ما لم يأذن به وعدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة تقربهم إلى الله عز وجل، ولو كانوا تركوها إنكارًا لها ورجوعًا إلى الحق لأثيبوا على تركها. ثالثًا: من كتب على نفسه عبادة مشروعة لكنها غير مفروضة وأداها على الكيفية التي شرعت عليها عددًا ووقتًا مطلقة أو مقيدة فقد أحسن، وليس هذا ببدعة في الإِسلام؛ لأنه مشروع بأصله وكيفيته، ومثاله التزام عبد الله بن عمرو بن العاص التهجد وصيام يوم وإفطار يوم، ومداومته على ذلك رضي الله عنه حتى ضعف، ولما أشير عليه بالتخفيف عن نفسه قال: ما كنت لأترك شيئًا فعلته
زمن النبي صلى الله عليه وسلم فمن وفى بما التزم مما شرع الله فقد أحسن، ومن ترك شيئًا من ذلك لضعف فقد أخذ بالرخصة ولا حرج عليه، ومن تركه تهاونًا وكسلاً فقد ارتكب خلاف الأولى. أما من كتب على نفسه عملاً لم يشرعه الله أصلاً؛ كالاحتفال بعيد الميلاد، وبأول العام الهجري، وبالموالد ونحو ذلك، أو التزام ما شرع الله أصله لكن كان فعله له على غير الكيفية التي شرعه الله عليها - فالتزامه بدعة منكرة؛ لمخالفته الكيفية التي شرع الله عليها العبادة، مثاله: ما تقدم من الذكر جماعة بصوت واحد مرتفع... إلى آخره، فإن الله لم يشرعه بهذه الكيفية، ولا ذكره رسوله صلى الله عليه وسلم بهذه الكيفية، ولا علَّم أصحابه رضي الله عنهم ولا عملوا بها، ولو كان فيها خير لشرعها الله ولعمل بها رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، ولو فعلوا لنقل إلينا نقلاً ثابتًا فدلَّ ذلك على أنها من البدع المحدثة التي يجب اجتنابها. ومن هذا يتبين أنه ليس للإِنسان أن يكتب على نفسه عددًا محدودًا في كل من الاستغفار وحمد الله، وليس له أن يخص الذكر بذلك بزمن معين، بل يحرص على الذكر بذلك وبغيره مما ثبت الذكر به بما يتيسر من العدد في أي وقت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقيد
ذلك بمائة مرة ولا بخصوص الصباح والمساء، ومن رجع عن هذا الالتزام؛ اتباعًا للنبي صلى الله عليه وسلم في التقرب إلى الله بما ذكر من غير تحديد عدد أو زمان فهو مأجور. أما ما ورد من الأذكار محددًا بعدد أو وقت أو كيفية فيؤدى كما ورد. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
س: قال الله تعالى: ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ، ما المراد بالبدع في الآية الكريمة وحكم رعايتها؟ ومن كتب على نفسه أن يستغفر الله وأن يحمد الله والصلاة القائمة وكل ذلك مائة مرة صباحًا ومساءً، ولم يلتزم به بعد ذلك؟
ج: أولاً: المراد بالبدعة في هذه الآية: الرهبانية: وهي الانقطاع لعبادة الله واعتزال الناس؛ ابتغاء التقرب إلى الله تعالى وطلبها لرضاه سبحانه بالمبالغة في طاعته، سواء كان هذا الانقطاع بلزوم الجبال أو الكنائس أو البيع والصوامع أو غير ذلك، وهذه البدعة لم يكتبها الله عليهم ولم يشرعها لهم، بل هم الذين أحدثوها من عند أنفسهم؛ رجاء رضوان الله في زعمهم، شأنهم في ذلك شأن من سلك سبيلهم من مبتدعة هذه الأمة، فإنهم ابتدعوا في
الإِسلام بدعًا لم يأذن بها الله، كاجتماعهم لذكر الله صفوفًا أو حلقات مع الترنح والتمايل يمنة ويسرة ومن أعلى لأسفل بأصوات مرتفعة وصياح وعويل ممن يسمونهم (المجاذيب)، وكبدعة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وموالد الصالحين؛ رجاء الثواب من الله تعالى بتعظيم الأنبياء والصالحين بهذه الاحتفالات، إلى أمثال ذلك من الاحتفالات التي لم يشرعها لعباده. ثانيًا: هؤلاء الذين ابتدعوا الرهبانية لم يراعوا هذه الرهبانية، أي: أنهم قصروا على مدى الأيام في العمل بما ابتدعوا تقربًا إلى الله في زعمهم، فأنكر الله عليهم ابتداعهم في دين الله ما لم يأذن به وعدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة تقربهم إلى الله عز وجل، ولو كانوا تركوها إنكارًا لها ورجوعًا إلى الحق لأثيبوا على تركها. ثالثًا: من كتب على نفسه عبادة مشروعة لكنها غير مفروضة وأداها على الكيفية التي شرعت عليها عددًا ووقتًا مطلقة أو مقيدة فقد أحسن، وليس هذا ببدعة في الإِسلام؛ لأنه مشروع بأصله وكيفيته، ومثاله التزام عبد الله بن عمرو بن العاص التهجد وصيام يوم وإفطار يوم، ومداومته على ذلك رضي الله عنه حتى ضعف، ولما أشير عليه بالتخفيف عن نفسه قال: ما كنت لأترك شيئًا فعلته
زمن النبي صلى الله عليه وسلم فمن وفى بما التزم مما شرع الله فقد أحسن، ومن ترك شيئًا من ذلك لضعف فقد أخذ بالرخصة ولا حرج عليه، ومن تركه تهاونًا وكسلاً فقد ارتكب خلاف الأولى. أما من كتب على نفسه عملاً لم يشرعه الله أصلاً؛ كالاحتفال بعيد الميلاد، وبأول العام الهجري، وبالموالد ونحو ذلك، أو التزام ما شرع الله أصله لكن كان فعله له على غير الكيفية التي شرعه الله عليها - فالتزامه بدعة منكرة؛ لمخالفته الكيفية التي شرع الله عليها العبادة، مثاله: ما تقدم من الذكر جماعة بصوت واحد مرتفع... إلى آخره، فإن الله لم يشرعه بهذه الكيفية، ولا ذكره رسوله صلى الله عليه وسلم بهذه الكيفية، ولا علَّم أصحابه رضي الله عنهم ولا عملوا بها، ولو كان فيها خير لشرعها الله ولعمل بها رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، ولو فعلوا لنقل إلينا نقلاً ثابتًا فدلَّ ذلك على أنها من البدع المحدثة التي يجب اجتنابها. ومن هذا يتبين أنه ليس للإِنسان أن يكتب على نفسه عددًا محدودًا في كل من الاستغفار وحمد الله، وليس له أن يخص الذكر بذلك بزمن معين، بل يحرص على الذكر بذلك وبغيره مما ثبت الذكر به بما يتيسر من العدد في أي وقت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقيد
ذلك بمائة مرة ولا بخصوص الصباح والمساء، ومن رجع عن هذا الالتزام؛ اتباعًا للنبي صلى الله عليه وسلم في التقرب إلى الله بما ذكر من غير تحديد عدد أو زمان فهو مأجور. أما ما ورد من الأذكار محددًا بعدد أو وقت أو كيفية فيؤدى كما ورد. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
الفتاوى المشابهة
- تفسير الآيات ( 19 - 20 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير الآيات ( 16 - 19 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير آية من سورة الحديد - ابن عثيمين
- تفسير الآيات ( 16 - 21 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير الآية ( 25 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير الآيات ( 26 - 27 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير الآية ( 7 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير آية من سورة الحديد - ابن عثيمين
- تفسير الآية ( 4 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير آيات من سورة الحديد - ابن عثيمين
- تفسير سورة الحديد - اللجنة الدائمة