تم نسخ النصتم نسخ العنوان
قوة نبي الله سليمان وطوافه على تسعين امرأة - اللجنة الدائمة فتوى رقم (  3400  ):  س: حدثنا  خالد بن مخلد  ، ثنا  مغيرة بن عبد الرحمن  عن  أبي الزناد  ، عن  الأعرج  ، عن  أبي هريرة  رضي الله عنه، عن النبي صلى الل...
العالم
طريقة البحث
قوة نبي الله سليمان وطوافه على تسعين امرأة
اللجنة الدائمة
فتوى رقم ( 3400 ):
س: حدثنا خالد بن مخلد ، ثنا مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تحمل كل امرأة فارسًا يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل: إن شاء الله، فلم يقل، ولم تحمل شيئًا إلاَّ واحدًا ساقطًا أحد شقيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو قالها لجاهدوا في سبيل الله ، قال شعيب وابن أبي الزناد : تسعين وهو أصح - [صحيح البخاري ] كتاب الأنبياء المجلد الأول الجزء 13 الصفحة 486، مطبوعة الدلهي باب وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ . قد روي هذا الحديث بطرق متعددة وإسناده كله صحيح وجيد وعدد الأزواج فيه مختلف (ستون 60، سبعون 70، تسع وتسعون 99، مائة 100) ولا ريب في صحة هذا الحديث باعتبار الرواة والإِسناد، ولكن مفهوم الحديث خلاف للعقل والشعور صريحًا، ومفهومه يعلن ويجهر أن النبي صلى الله عليه وسلم ما قال هكذا كما نقل الراوي، بل ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من أباطيل وخرافات اليهود مثالاً، وفهم الراوي
أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله بيانًا واقعيًّا؛ لأن كل إنسان إن حاسب في نفسه فوضح عليه أن فرض عدد الأزواج ستون 60، إن باشرهن سليمان عليه السلام في ساعة 6 أزواج باشرهن كل الليل بغير توقف متواليًا عشر ساعة، فهل هذا ممكن عقلاً؟

ج: أولاً: الحديث المضطرب : هو الذي روي من طرق مختلفة متساوية في القوة، ولم يمكنه الجمع بينهما، أما إن كان بعضها أقوى أو أمكن الجمع فلا اضطراب، وعلى هذا فلا يعتبر الاختلاف في عدد النساء في الحديث المسؤول عنه اضطرابًا يرد به الحديث لأمرين: (1) رجحان الرواية التي ذكر فيها أن عددهن تسعون، فقد قال البخاري في صحيحه: قال شعيب وأبو الزناد : تسعين، وهو أصح . (2) إمكان الجمع بين هذه الروايات، وقد ذهب إلى ذلك ابن حجر رحمه الله في كتابته على هذا الحديث في الباب الذي ذكرته في السؤال، قال رحمه الله: (فمحصل الروايات ستون وسبعون وتسعون وتسع وتسعون ومائة، والجمع بينها أن الستين كن حرائر، وما زاد عليهن كن سراري أو بالعكس، وأما السبعون فللمبالغة، وأما التسعون والمائة فكن دون المائة وفوق التسعين،
فمن قال: تسعون، ألغى الكسر، ومن قال: مائة، جبره، ومن ثم وقع التردد في رواية جعفر ). اهـ بنصه.. ثانيًا: دعوى مخالفة هذا الحديث للعقل الصريح دعوى باطلة؛ لبنائها على قياس الناس بعضهم على بعض في الصحة، وقوة البدن، والقدرة على الجماع، وسرعة الإِنزال وبطئه، وهو قياس فاسد لشهادة الواقع بتفاوتهم فيما ذكر وفي غيره وخاصة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالنسبة لغيرهم، فقد أوتوا من قوة البدن والقدرة على الجماع مع كمال العفة وضبط النفس، وكبح جماح الشهوة ما لم يؤت غيرهم، فكانت العفة وصيانة الفرج عن قضاء الوطر في الحرام مع القدرة على الجماع وقوة دواعيه معجزة لهم عليهم الصلاة والسلام، وكان من السهل على أحدهم أن يطأ عشر نسوة في ساعة ومائة امرأة في عشر ساعات أو أقل، لتحقق الاختصاص بالقوة، وإمكان الإِنزال في خمس دقائق أو أقل منها، وقد ذكر ابن حجر رحمه الله تعالى نحوًا من هذا في شرح هذا الحديث، وبيان ما يستنبط منه. قال: (وفيه ما خص به الأنبياء من القوة على الجماع الدال ذلك على صحة البنية وقوة الفحولية وكمال الرجولية مع ما هم فيه من الاشتغال بالعبادة والعلوم، وقد وقع للنبي صلى الله عليه وسلم من ذلك أبلغ
المعجزة؛ لأنه مع اشتغاله بعبادة ربه وعلومه ومعالجة الخلق كان متقللاً من المآكل والمشارب المقتضية لضعف البدن على كثرة الجماع، ومع ذلك فكان يطوف على نسائه في ليلة بغسل واحد، وهن إحدى عشرة امرأة، وقد تقدم في كتاب الغسل، ويقال: إن كل من اتقى الله فشهوته أشد؛ لأن الذي لا يتقي يتفرج بالنظر ونحوه). ثالثًا : إنه قد ثبت أن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم أنصح الخلق لأمته وأنه أوتي جوامع الكلام والبلاغ المبين، وكمال الفصاحة في التعبير، فلم يكن ليلبس على أمته في كلامه عن غش وخديعة، ولا ليعمي في قوله لعي في لسانه أو عجز عن البيان، ولم يكن راوي هذا الحديث عنه وهو عربي قح ليخفى عليه ما حكاه صلى الله عليه وسلم صريحًا عن نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام من قوله: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة تحمل كل امرأة فارسًا يجاهد في سبيل الله، وأنه لم يقل: إن شاء الله، وتأكيد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: لو قالها لجاهدوا في سبيل الله فرسانًا ولم يحنث ، فمن زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك على أنه مثال من أباطيل اليهود وخرافاتهم، وأن الصحابي توهم أنه صلى الله عليه وسلم ذكره بيانًا لواقع وخبرًا عن حقيقة - من زعم ذلك فقد اتبع هواه ووهمه الكاذب، وحرف معنى الحديث المقصود منه، وطعن في الصحابي، وظن برسول الله صلى الله عليه وسلم الظنون؛
اتباعًا لخياله الخاطئ في الحكم بمخالفة معنى هذا الحديث الصريح للعقل . وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

Webiste