تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة الشريط من شرح كتاب الأدب من بلوغ المرام. - ابن عثيمينالقارئ : بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.نقل المؤلف - رحمه الله تعالى - في سياق الأحاديث في ب...
العالم
طريقة البحث
تتمة الشريط من شرح كتاب الأدب من بلوغ المرام.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نقل المؤلف - رحمه الله تعالى - في سياق الأحاديث في باب الأدب. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انظروا إلى من هو أسفل منكم. ولا تنظروا إلى من هو فوقكم. فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم . متفق عليه.
وعن النواس بن سمعان - رضي الله عنه - قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم؟ فقال: البر: حُسن الخُلق. والإثم: ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطَّلع عليه الناس . أخرجه مسلم.

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
قال: ابن حجر - رحمه الله - في كتابه بلوغ المرام فيما نقله عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في باب الأدب، من الكتاب الجامع. قال : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : انظروا إلى من هو أسفل منكم. ولا تنظروا إلى من هو فوقكم. فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم . هذا من الآداب الشرعية التي فيها راحة العبد وطمأنينته، وقناعته. فإن الله سبحانه وتعالى، خلق مقادير كل شيء، وقدر كل شيء قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة. فإن الله قدر مقادير كل شيء قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة. لما خلق الله القلم الذي يكتب بالأقدار. قال له: اكتب. قال : ربي وماذا أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة. فكتب ذلك. فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه. وما أخطئه لم يكن ليصيبه. ولما قالت قريش : لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ يعني ولم ينزل على محمد. وهم يقولون هذا بألسنتهم، وإلا فيعلمون أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرهم وأشرفهم نسباً، وأعظمهم قدراً، حتى كانوا يسمونه قبل أن يُبعث الأمين، ويحترمونه ويعظمونه. فلما بعثه الله برسالته، شرقت أفئدتهم. وقالوا : لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ يعني : الطائف ومكة. عَظِيمٍ . قال الله تعالى ردا عليهم : أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ يعني: هل هم الذين يعطون فضل الله؟ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا . يعني : ننظر إلى أمر واقع. لقد فضل الله بعض الناس على بعض. هذا غني وهذا فقير. وهذا متوسط. هذا صحيح. وهذا سقيم مريض. وهذا بين ذلك. وهذا طويل. وهذا قصير. وهذا بين ذلك. وهذا عالم. وهذا جاهل. وهذا بين ذلك. وهلم جرا. كل شيء جعله الله تعالى متفاضلاً، حتى يتبين الناس أن كل شيء بقضاء الله وقدره. تجد رجُلين يدخلان العلم، ليتعلمان، فيتأخر هذا كثيراً عن الآخر، ويتفوق الآخر عليه. والمدرس واحد والدرس واحد والوقت واحد. تجد اثنين يتجران كل واحد منهم يبذل الجهد في حصول المال. هذا من خسارة إلى خسارة. والآخر من ربح إلى ربح. كل ذلك بقضاء الله وقدره. فإذا أردت أن تعرف قدر نعمة الله عليك. فلا تنظر للذي فوقك. إن نظرت للذي فوقك احتقرت نعمة الله عليك. مثلاً إنسان عنده عشرة آلاف ريال. إن نظر إلى من فوقه من عنده عشرة ملاين ريال. قال: إن الله لم يرزقني ما عندي شيء. وإن نظر إلى شخص ليس عنده إلى عشرة أريل. قال أنا في خير أنا رزقني الله. ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام أن ينظر الإنسان إلى من هو أسفل منه. كذلك أيضا إنسان، بقي سنة أو سنتين في طلب العلم. وقد شاركه أخوه. ففاقه فوقاً عظيما. وصار أعلم منه وأفهم منه وأجرء منه على العلم. وهو دون ذلك. لكن في ثالث شاركهما لا يعرف شيء. إن نظر إلى الذي فوقه. ماذا يقول؟ ازدرى النعمة. وقال ما عطاني الله شيء. إن نظر للذي دون قال الحمد لله أن في خير. إنسان أعطاه الله تعالى صحة، صحة يستطيع بها أن يقوم بطاعة الله، وبحوائجه وحوائج أهله، وماشي. لكن هناك أحد أعظم منه صحة، ومالا، وسرورا. وهناك ثالث دونه، كثير الأمراض، قليل المال، ينظر إلى من؟ إلى الثاني وإلا الأول؟ ينظر إلى الثاني الذي دونه حتى يعرف قدر نعمة الله عليه. إنسان مثلاً أعطاه الله سبحانه وتعالى قدرة على المشي، يمشي مشي معتدلاً. يسرع إن شاء ويهون إن شاء. وآخر يمشي لكنه أعرج. منذ خلقه الله عز وجل وهو أعرج. والثالث أشل. لا يستطيع المشي. هذا الأعرج الذي بين هذا وهذا. إن نظر إلى القوي قال ايش؟ : ما أعطاني الله شيء. فلان أقوى منه وأقدر مني على المشي. أنا ما عندي شيء. إذا نظر إلى الثاني الأشل قال: أنا في نعمة وخير. وقس على هذا كل الدنيا : العلم والمال، والصحة، والأهل وغيره. هذا إنسان تزوج ويسر الله له الأمر. وأتته زوجة أعجبته في خلقها ودينها وجمالها، وسرها وكل شيء. وآخر تزوج ولم يتوفق. وثالث تزوج ولكن ليس كالأول وليس كالثاني. بينهما هذا الذي في الوسط. لو نظر إلى الأول، قال: ما وفقت ولا جات زوجة على على ما أبي. ولو نظر للثاني قال : أنا في خير. فهذه الأمور كلها على ما قال النبي عليه الصلاة والسلام، الذي أرشد أمته إلى كل خير، أرشد الأمة إلى أن تطمئن فيما رزقها الله. يقول : لا تنظروا إلى من هو فوقكم. ولكن انظروا إلى من هو أسفل منكم فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم . والله الموفق.
بسم الله الرحمن الرحيم، ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتابه بلوغ المرام، في باب الأدب، من الكتاب الجامع عن النواس بن سمعان -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : البر: حُسن الخُلق، والإثم : ما حاك في نفسك وكرهت أن يطَّلع عليه الناس . ففي هذا حث على حسن الخلق ، وأنه من البر. والبر من أوصاف أهل الجنة كما قال الله عز وجل : إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ . ومعنى حسن الخلق : أن يكون الإنسان واسع البال ، منشرح الصدر. وينقسم إلى قسمين : الأول : حسن الخلق مع الله عز وجل بأن يتلقى الإنسان أحكام الله الكونية والشرعية بانشراح صدر، وطمأنينة. فإذا أمر الله بشيء لا يضيق صدره به. وإذا نهى عن شيء لا تتعلق نفسه به. وإذا قضى الله عليه بأمر قدري من مرض أو حادث أو غير ذلك فليكن منشرح الصدر، وليرض بالله عز وجل ربا. فإنه سبحانه وتعالى رب كل شيء ومليكه. ويفعل في عباده ما يشاء. ولا يفعل شيئا إلا لحكمة عظيمة. كم من إنسان نقصت درجاته بالجنة فيبتليه الله بشيء من أمور الدنيا فيرتقى بذلك درجات! فيتلقى أحكام الله القدرية بانشراح صدر. ولا يتأوه، ولا يتوجع. بل يقول : رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا. أما الإثم : فهو ما حاك في النفس. يعني: ثقل على النفس وكرهته. وكرهتَ أن يطَّلع عليه الناس. لكن الرسول يخاطب صحابيا يحب الطاعات، ويكره المعاصي. ويخاطب شخصا في بيئة إسلامية يكره أن يطلع عليه الناس في معصية، وهو في معصية. وليس هذا مقياسا لكل أحد. كم من إنسان يكون الإثم عنده شيئا سهلا! والعياذ بالله. ولا يحيك في نفسه، ولا يكره أن يطلع عليه الناس ، لأنه رجل فاجر، ماجن، خبيث، ظالم، مضل. بل يحب أن يطلع الناس على معصيه حتى يتهاونوا بالمعاصي. كم يوجد في كثير من الفجار، والمجان في وقتنا هذا ممن لا يستحيون من الله ولا من عباد الله. لا يهمهم أن يفعلوا المعاصي وأن يطلع الناس عليها. لكن الرسول صلى الله عليه وسلم يخاطب صحابيا فطرته سليمة، وذوقه سليم، في مجتمع سليم. وما يؤمن أن من كان كذلك فإنه يحيك في صدره أن يعصي الله عز وجل. بل تجده ربما لو وقع في معصية جاهلا بها صار قلقا حتى ينتبه لها. ولهذا لما سلم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في صلاة الظهر سلم من ركعتين قبل أن يتم الصلاة. قام إلى قبلي المسجد مغموماً كأنه غضبان. مع أنه لم يأت شيء ظاهر يوجب غضبه. لكن لما كان لم يتم العبادة، صارت نفسه منقبضة. كثير من الناس الآن إذا نسي شيئا من العبادات تجده يكون مغموماً، مهموماً، ضيق صدره حتى ينبهه الله على ذلك ويفعل الطاعة. أما أناس فسقة، فجرة. فهؤلاء لا يحيك في صدورهم المعاصي ولا يهتمون أن يطلع الناس عليه. بل ربما كان بعضهم يفخر بهذا نسأل الله العافية. فيقول مثلاً أنه ذهب إلى البلد الفلاني، من بلاد الفسق والفجور الكفر. ذهب وأنه نزل في فندق، وأنه صار عنده الراقصات، والعاهرات، وأنه زنا في الليلة مرتين أو ثلاثا والعياذ بالله. يوجد أناس يتحدثون بهذا ، لأنهم قد خلع الحياء من قلوبهم، وخلع الإيمان من قلوبهم. فلا يبالون بالمعاصي. فإذا قال قائل : كيف يكون هذا الميزان للإثم؟ قلنا : نعم. يكون هذا الميزان بالإثم بالنسبة لمن؟ لمن؟ للمؤمن سليم القلب سليم الفطرة. تجده إذا فعل المعصية وإن لم يعلم بها يقلق حتى ينبهه الله عليها ويتوب منها. وفي هذا حث على حسن الخلق، والصبر على أذى الناس.

Webiste