تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح حديث : ( إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أ... - الالبانيالشيخ : ولذلك فالمسألة فيها دقة رب عالم اجتهد وأخلص في اجتهاده وأخطأ فهو مأجور بحكم قول الرسول عليه الصلاة والسلام:  إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجر...
العالم
طريقة البحث
شرح حديث : ( إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران ، وإن أخطأ فله أجر واحد ) . وتتمة التحذير من تحكيم القوانين الوضعية.
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : ولذلك فالمسألة فيها دقة رب عالم اجتهد وأخلص في اجتهاده وأخطأ فهو مأجور بحكم قول الرسول عليه الصلاة والسلام: إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران ، وإن أخطأ فله أجر واحد والذي قلد هذا العالم لأنه عالم مجتهد فليس عليه وزر إطلاقاً ما دام أن هذا المقلد لا يستطيع أن يجتهد اجتهاد ذلك العالم فالتقليد ضرورة لا بد منها، ولذلك نجد نفس الأئمة كانوا يقلدون في بعض الأحيان، لماذا ؟ لأنهم أعياهم الأمر ولم يجدوا هناك في أنفسهم ما يدلهم على الحق في المسألة فقلد صحابياً إن وجد نقلاً عنه أو عالماً تقدمه أو عالماً عاصره يعتقد أنه على علم، فإذن هذا المقلد حينما يقلد ذلك العالم يقلده لأنه مجتهد ولو كان هذا المجتهد مخطئاً وبالتالي يكون المقلد مخطئاً، فكما أن المجتهد هذا ليس مأزوراً بل هو مأجور كذلك المقلد تماماً، لكن على العكس من ذلك لو افترضنا إنساناً غير مجتهد أفتى برأي من عند نفسه فهو مخطئ ولو أصاب الحق، والذي أيضاً يتبعه أو يقلده هو مخطئ ولو أصاب الحق، لماذا؟ لأنه قلد من لا يجوز أن يقلده، إذا عرفنا هذا التفصيل فكذلك إذا قلد الإنسان رجلاً عالماً عرف هذا المقلد أن هذا الحكم الذي جاء به هذا العالم هو ليس من عنده ليس من عند ربه وإنما هو من عنديات نفسه، كمثل ما يفعل بعض الناس اليوم من تحليل الربا وسيأتي في الحديث أن من السبع الموبقات الربا فنحن نسمع فتاوى منذ بضعة سنين أو أكثر باستحلال الربا بطريق اللف والدوران الفقهي، فإذا ما قلد هذا الإنسان من مسلم وهو يعلم أن الربا محرم بنص الكتاب والسنة ويعلم أن هذا الذي يبيحه هذا الإنسان هو من الربا المحرم بالكتاب والسنة فاتبع هذا المحلل للربا فذلك مما ينافي كون الحاكمية لله عز وجل وحده.
وغرضي من هذه الكلمة الأخيرة فيما يتعلق بالتحذير من الشرك بالله عز وجل أن لا نصب حماسنا حينما نتكلم حول الحاكمية لله عز وجل وحده في محاربة القوانين الأرضية فقط لأن هذا أمر واضح حتى لعامة الناس أن أي قانون غربي يأتينا من بلاد الكفر والضلال فهو ضلال ولكن يجب أن نتوجه بحماسنا إلى قوانين أصبحت جزءاً من حياتنا وليس لها صلة بكتاب ربنا ولا بحديث نبينا ونحن خاضعون لها، لماذ؟ لأننا نعلم أنها لم تأت من أوروبا مثلاً إنما هي نبعت من أرضنا فهل هذا عذر لنا أن نتبعها من دون شرع الله عز وجل ؟ لا، لأن تلك الآية: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله إنما نزلت في النصارى الذين يتبعون قسيسيهم ورهبانهم، لم تنزل هذه الآية في النصارى الذين اتخذوا قانوناً جاءهم من غير بلادهم، فلا يهم إذن أن القانون المخالف لشرع الله عز وجل هو نابع من أرضنا أو وارد من بلاد أعداءنا كلاهما مخالف لشرع الله عز وجل ولا يجوز لمسلم أن يخضع لمثل هذا النظام سواء كان -أنتم سمعتم التقسيم اليوم المصطلح عليه سواء كان شرقياً أو غربياً- وأنا أقول: سواء كان شرقياً أو غربياً أو أرضياً يعني من أرضنا، فكون الحكم صادر من أرضنا لا يشفع له أن يكون شريعة لنا إذا ما علمنا أنه مخالف لشريعة ربنا تبارك وتعالى، وهذه نقطة حساسة ومهمة جداً لأننا نحن جربنا كثيراً من الخطباء الذين يتحمسون للبحث في الحاكمية لله عز وجل وهذا أمر هام وهام جداً لأنه يتعلق بالتوحيد، ولكن هذه الحاكمية لله عز وجل ما أصبحت واضحة المعالم في نفوس كثير من الدعاة، فالذي يتحمس لمحاربة القوانين الأرضية الغربية لا يتحمس لمحاربة القوانين المخالفة لشريعة الإسلام لأنها من عندنا، وأي فرق بين هذا وهذا؟! لذلك جربنا بعض الخطباء فهو بعد أن ألقى خطبة هامة جداً في موضوع توحيد الحاكمية لله عز وجل وإفراده في ذلك فحينما ذُكِّر ببعض المخالفات للكتاب والسنة وإذا به في النتيجة يكفر بكل هذه الخطبة التي ألقاها بذلك الحماس البارح فيقول والله مذهبنا كذا ، هذا الذي فعلته هو مذهبي طيب وين الكتاب والسنة بقيا إذن؟ ها إذن نحن نتمسك بالكتاب والسنة لمحاربة الحاكمية التي تأتينا من بلاد الكفار منافية لحكم الله عز وجل، أما إذا نبعت من أرضنا فلا بأس بها بل نحن نتشبث بها لأنها خرجت من أرض إسلامية أو من رجل مسلم إذن اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله معناها أن إذا خرج هذا التحليل والتحريم من عندنا فيتبع أما إذا جاء من الخارج فلا يتبع هذا التفريق شكلي صوري لا قيمة له في الإسلام أبداً، لذلك أنبه وأكرر بأننا يجب أن نفهم أن كون الحاكمية لله عز وجل ينافي أي تشريع مناف للإسلام سواء كان أرضياً أو شرقياً أو غربياً، يجب أن نخلص في عبادتنا لله عز وجل فلا نعبد إلا الله ولا نعبد الله إلا بما شرع لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
هاتان الكلمتان لا نعبد إلا الله، ولا نعبد الله إلا بما جاء به رسول الله هو خلاصة قول المسلم : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله، فأنت توحد الله عز وجل في عبادتك فتحقق معنى لا إله إلا الله، ثم تعبد الله بما جاء به نبيك فتحقق قولك وأشهد أن محمداً رسول الله.
فإذا اتبعت غيره فلم تخلص في الاتباع لنبيك عليه الصلاة والسلام وبالتالي لا تكون أخلصت لله عز وجل في عبادته، هذا مما يتعلق بشرح هذه الخصلة الأولى التي حذر الرسول عليه السلام أمته منها بقوله : اجتنبوا السبع الموبقات الشرك بالله عز وجل .

Webiste