تم نسخ النصتم نسخ العنوان
هل يعذر الجاهل بجهله أم لا ؟ - الالبانيالشيخ : السؤال التقليدي: هل يعذر الجاهل بجهله أم لا ؟وجوابي: أنه قد يُعذر وقد لا يُعذر، إذا كان الجاهل يعيش في بلاد إسلامية يغلب عليها العلم والإسلام وخ...
العالم
طريقة البحث
هل يعذر الجاهل بجهله أم لا ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : السؤال التقليدي: هل يعذر الجاهل بجهله أم لا ؟
وجوابي: أنه قد يُعذر وقد لا يُعذر، إذا كان الجاهل يعيش في بلاد إسلامية يغلب عليها العلم والإسلام وخاصة بعقائده وبصورة أخص ما يتعلق منها بالتوحيد، فهنا لا يعذر هذا الإنسان بجهله ، لأنه يعيش في جو إسلامي يفترض أن يكون قد عرف من الجو الصالح الذي يعيش فيه العقيدة الصحيحة ، وهذا بلا شك أيضًا يستطيع الإنسان أن يتصور صوراً متعددة.
جو إسلامي والحمد لله أن البلاد السعودية لا تزال من حيث صلاح عقيدتها هي في القمة ، ولكن يقصدها كثير من المسلمين العرب أو العجم لقضاء مصالحهم ، وأحيانا عباداتهم من الحج أو العمرة، فقد يكون الواحد منهم أقام في هذه البلاد مدة من الزمن لم يتمكن في هذه المدة لقصرها أن يتعرف على عقيدة التوحيد مثلا، فهو لا يزال يحمل في أفكاره بعض الانحرافات عن التوحيد الصحيح، فهذا بالرغم من أنه أقام في جو إسلامي وتوحيده صحيح لا يمكن أن يقاس به من ولد في هذه البلاد وعاش فيها وترعرع ونشأ وتعلم، فهناك فرق كبير بين الأول وبين الثاني، ولذلك إذا أخذنا هذا المثال الأول أي: البلد الإسلامي الصحيح توحيده وعقيدته ثم قابلناه ببلد آخر ليس بلداً إسلامياً كالمسلمين الذين يسلمون في بلاد الكفر كأوروبا مثلا أو أمريكا أو نحو ذلك ، فهؤلاء إذا لم يفهموا بعض العقائد الإسلامية على وجهها الصحيح هؤلاء يعذرون لأنهم لا يجدون الجو الذي يعطيهم المعنى الذي أشرت أنت إليه آنفاً بقولك : صار من المعلوم من الدين بالضرورة، هذا إنما يصح في المجتمع الأول وفي التفصيل الذي ذكرته من نشأ وترعرع فيه وليس بالنسبة لمن طرأ حالًّا فيه لمدة قصيرة من الزمن .
ثم نأخذ مثلُا بل أمثلة أخرى ما بين المذهب الأول الصالح والمذهب الآخر الطالح ، نأخذ مثلًا البلاد المصرية حيث يوجد فيها مشايخ وعلماء الأزهر وما أدراك ما علماء الأزهر من حيث الأزهر الشريف وو إلخ، ومع ذلك فتجد هناك الشرك ضاربًا أطنابه في الأزهر وفي المساجد مسجد الحسين وغيره فيعيش المصري هناك مسكين، ولا يسمع صوت التوحيد إطلاقًا، فهذا ليس كهذا الذي عاش في المجتمع الأول، ولذلك فمن الخطورة بمكان مع استحضارنا لهذا التفصيل وما أشير إليه مما لم ينكر من الخطورة بمكان بأن يقال: بأن الجاهل لا يعذر لأنه يعيش في بلد إسلامي ، يشترط في هذا البلد الإسلامي أن تكون عقائده مشهورة وكما قلت معلومة من الدين بالضرورة ، لنفترض كما قلنا آنفاً رجل فرنسي أو ألماني أسلم، ما الذي دفعه للإسلام ؟ شيء من عظمة الإسلام فقال : أشهد ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، لكن يا ترى هل مجرد أن أعلن إسلامه وعودي من قومه عرف الإسلام بتفاصيله؟ طبعاً الجواب لا ، فقد يكون يعيش هو وزوجته ، وزوجته لا تزال سافرةً متبرّجة كما كان قبل إسلامه ، بل وكما كانت هي قبل إسلامها، ويعيشون مع بعضهم البعض أشقاء وإخوة وتظهر أمامهم كما تظهر امام زوجها ، هل يُعذر أو لا ؟ يعذر لأنه حديث عهد بالإسلام ، ولذلك نجد في بعض الأحاديث ما يمكن اتخاذه حجة في أن القول بأن الجاهل لا يُعذر قول يخالف سنة الرسول عليه السلام العملية ، مثلا نقول اليوم لو أن مسلماً في بلاد الإسلام صاح في صلاته بأعلى صوته ، واستمر في صلاته ولم يُعد الصلاة ، صلاته صحيحة ولا باطلة ؟ صلاته باطلة، لكن الرسول ما أبطل صلاة من صاح في صلاته لأنه عذره بجهله، وما ذاك إلا لأنه كان حديث عهد بإسلام، وعلى ذلك يقاس هذه المسألة الحساسة فلا يقال مطلقًا الجاهل يعذر ولا يقال مطلقاً الجاهل لا يُعذر، وإنما المسألة تتحمل تفاصيل كثيرة ذكرت آنفا بعضها.

Webiste