تم نسخ النصتم نسخ العنوان
هل يُعذر بالجهل في التوحيد ؟ - الالبانيالسائل : هناك سؤال - أيضًا - يُستطرد في نفس هذا الموضوع نريد الإجابة عليه ؛ وهو هل يُؤخذ العذر بالجهل في التوحيد ؟الشيخ : نحن سُئلنا مرارًا وتكرارًا من ...
العالم
طريقة البحث
هل يُعذر بالجهل في التوحيد ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : هناك سؤال - أيضًا - يُستطرد في نفس هذا الموضوع نريد الإجابة عليه ؛ وهو هل يُؤخذ العذر بالجهل في التوحيد ؟

الشيخ : نحن سُئلنا مرارًا وتكرارًا من كثير من البلاد الإسلامية بمثل هذا السؤال ، وكان جوابنا - ولا يزال - أن المؤاخذة أو عدم المؤاخذة بالجهل أو هل الجهل عذر هذا يختلف باختلاف البلاد من جهة ، ويختلف باختلاف الأحكام من جهة أخرى ، فضابط ذلك أنَّ المسلم إذا كان يعيش في بلاد إسلامية ليس اسمًا فقط ، وإنما اسمًا وعلمًا وعملًا ، ثم كانت المسألة التي هو يجهَلُها من الأمور المَعروفة في هذا المجتمع الإسلامي ، ثم افترضنا أن مسلمًا في هذا المجتمع الإسلامي يجهل شيئًا مما عليه هذا المجتمع ؛ ففي هذه الصورة لا يُعذر ، لكن - وهذا شيء مؤسف - أكثر البلاد الإسلامية لا يوجد فيها وعيٌ إسلامي أو توعية إسلامية أو ثقافة إسلامية بحيث تعمُّ البلاد كلها لا فرق فيها بين عاصمة وبلد ، ولا فرق فيها بين بلد وقرية ؛ لأن الوعي انتشر وعَمَّ كل هذه البلاد ، هذه البلاد اليوم ليست كذلك ، العلم والعلم الصحيح المُستقى من كتاب الله ومن حديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الصحيح هذا كما كانوا يقولون قديمًا : " أندَرُ من الكبريت الأحمر " ؛ لأنُّو المعروف الكبريت الأسود ، أما الكبريت الأحمر فنادر ؛ فلذلك كانوا يضربون به المثل ، وهذا طلاب العلم من إخواننا السلفيين وأهل السنة أو أنصار السنة أو أهل الحديث على اختلاف الأسماء باختلاف البلاد أعرف الناس بهذه الحقيقة ؛ لذلك لا يجوز لنا أن نقول : لأن الجاهل لا يُعذر بجهله إلا إذا كان يعيش في مجتمع إسلامي انتشرت فيه التوعية الإسلامية الصحيحة .
أضرب مثلًا على ذلك أبيِّن فيه الفرقَ بين المجتمع الإسلامي الواعي وبين المجتمع الإسلامي اللاواعي إذا صح التعبير وهو مجتمعنا اليوم ، اليوم لو سُئِلَ أهل العلم بأكثر البلاد الإسلامية السؤال النبوي الكريم : أين الله ؟! لَاستنكروه أشدَّ الاستنكار ، وهم إذا سمعوا الجواب بالَغُوا في الإنكار ؛ مع أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سأل الجارية التي كانت ترعى الغنم ، وأعني بهذا المثال جارية ترعى الغنم ليس المفروض فيها أن تكون عالمةً بأنها جارية وترعى الغنم ، سألها هذا السؤال فأجابت الجواب الصحيح الذي بَنَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه شهادتَه لها بأنها مؤمنة ، فأمَرَ سيِّدَها أن يعتِقَها .
اليوم إذا سألت كبار علماء الأزهر أو غيرهم أعوذ بالله - قالوا لك - ما هذا السؤال ؟ أين الله ؟! ما يجوز هذا ، يا شيخ هذا حديث في " صحيح مسلم " ؛ كيف تقول أنت لا يجوز هذا السؤال والرسول هو السَّائل ؟ إي ، هو سأل لأنُّو الجارية ، يأتونك بتعاليل ما أنزل الله بها من سلطان !! هذا هو الفرق بين المجتمع الإسلامي وبين مجتمع غير إسلامي ، هذه المرأة كيف عرفت وهي جارية ترعى الغنم الجواب الصحيح بهذه العقيدة ؟ لأنها كانت تعيش في مجتمع إسلامي ؛ بمعنى أنُّو هي حيث جلست في أيِّ مجلس مع سيدها ، مع ابنه ، مع زوجته ، إلى آخره ، على غير قصد منها تفقُّهًا تسمع مثل هذا الكلام ، وأنا الآن أضرب لك مثلًا واقعيًّا مع عامة الناس اليوم لا يوجد عامي إلا وهو يعرف الحديث المشهور وهو قوله - عليه السلام - : الرَّاحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا مَن في الأرض يرحَمْكم مَن في السماء ، هذا حديث معروف حتى عند العامة ، لكن العامة إذا سمعوا درسًا سمعوا تأويلًا لهذا الحديث ، كما سمعوا تأويلًا لقوله - تعالى - : أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ يعني الملائكة ، هذا المجتمع هو الذي يعيش فيه هؤلاء الناس الذين نسمع منهم أفكار منحرفة عن الكتاب والسنة ، فنقول : هؤلاء ليسوا بمعذورين ؛ لأنُّو هم جَهَلة ، نقول : لا ، هم ليسوا ، نقول أنهم معذورون ، ليسوا بمعذورين ؛ لأنُّو لا عذر بالجهل ؟ نقول : هم معذورون ؛ لأنهم يعيشون في مجتمع غير إسلامي ثقافة ؛ لأنهم يُلقَّنون خلاف الإسلام الصحيح !

السائل : نعم .

الشيخ : فهم إذًا معذورون ، فمَن بَلَغَتْه الحجة من هؤلاء الجهلة من كتاب الله ومن حديث رسول الله
، ثم أصرَّ على جهله وضلاله ؛ في هذه الحالة يقال : ليس معذورًا ، أَمَا وهو يعيش في جوٍّ كله جهل ؛ حتى ممن يفترض أن يكونوا هداةً إلى الخير ، فإذا هم هداة إلى الشَّرِّ والعياذ بالله ؛ لذلك نحن نقول : تارةً يكون عذرًا ، وتارةً لا يكون عذرًا ، يكون عذرًا إذا كان يعيش في مجتمع غير إسلامي ، نحن نفرِّق - مثلًا - بين المسلم الأوروبي ، مسلم في أوروبا سمع منقَبَة من مناقب الإسلام فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، وهو ظَلَّ يعاقر الخمرة ويشربها نقول : يا تُرى يعذر أم لا يعذر ؟ نقول : إذا سمع عالمًا من علماء المسلمين يتلو عليه بعض الآيات ويفسِّرها بلغته أنُّو الخمر محرَّم ، ثم أصَرَّ على شربه الخمر ؛ فلا يعذر ، وعلى ذلك فَقِسْ ؛ سواء ما كان يتعلق بالعقيدة أو كان يتعلق بحكم من الأحكام الشرعية أو الفقهية .
غيره ؟

Webiste