تم نسخ النصتم نسخ العنوان
إذا أتى الإنسان للصلاة مسبوقاً ولم يستطع اتخاذ... - الالبانيالشيخ : نحن في الواقع قلتُ ما قلتُ آنفًا مِن أنه -أعني ذاك المسبوق- إذا كان يستطيع أن يتستر مجددًّا بدون كُلفة وبدون عمل كثير فذلك أولى به، لكي لا ينشغل...
العالم
طريقة البحث
إذا أتى الإنسان للصلاة مسبوقاً ولم يستطع اتخاذ سترة لبعدها عنه ومر بين يديه ما يقطع صلاته فما حكم صلاته ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : نحن في الواقع قلتُ ما قلتُ آنفًا مِن أنه -أعني ذاك المسبوق- إذا كان يستطيع أن يتستر مجددًّا بدون كُلفة وبدون عمل كثير فذلك أولى به، لكي لا ينشغل باله بما قد يمر أحد بين يديه.
لكن ليس عندي علم جازم بما أن هذا المسبوق لو لم يصل إلى سترة جديدة، ومرَّ عليه مارٌّ من الأنواع الثلاثة: المرأة والحمار والكلب الأسود، هل تبطل صلاته أم لا ؟!
ليس عندي جواب أنا أقتنع به وفاقد الشيء لا يعطيه، لكن أقول:
الأحوط أن يتخذ السترة خروجًا مِن الخلاف، واتخاذ السترة ولو في هذه الحالة لا أحد يقول بأن صلاته تعرض للفساد والبطلان، بينما على الحديث الصحيح الذي أشرتُ إليه آنفًا وكان سترة الإمام السابقة التي هو الآن حالياً لا سترة أمامه لا الإمام حيث انصرف، ولا سترة تقوم مقام سترة الإمام، فاحتياطًا على الأقل نقول: ينبغي أن يتعاطى بعض الأعمال التي لا تعرض صلاته للفساد مِن أجل أن يحفظها من فسادٍ قد يعرض له.
ونحن نعلم أنه قد ثبت في السنة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كان يصلي يومًا حينما جاءت شاةٌ تسعى، فسعاها الرسول عليه السلام حتى ألصق بطنه بالجدار وجعلها تمر خلفه ، فهذه بلا شك فيها بعض الحركات وبعض الخطوات في سبيل منع هذه الشاة أن تمر بين يديه مع أنها ليست من الأنواع الثلاثة التي تبطل الصلاة، فإذا كان في مكان ما يخشى أن يمر شيء من هذه الأشياء الثلاثة فأولى أن يسعى الإنسان لاتخاذ السترة بالشرط السابق، هذا ما عندي، والله أعلم.

السائل : فإن لم يتوقع مرور شيء يبطل الصلاة ؟

الشيخ : يبقى هنا مسألة أخرى كنا أشرنا إليها في الحديث السابق، عندنا نوعين من المرور، مرور يبطل الصلاة وهو ما سبق ذكره، ومرور يبطل جزءً من قدر الصلاة ومن قيمتها، على هذا النوع الثاني قال عليه الصلاة والسلام: إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة ، وفي حديث آخر: فليدن مِن سترته لا يقطع الشيطان عليه صلاته ، هنا لفظة: الشيطان المتبادر من الإطلاق كما لا يخفى عليكم هو شيطان الجن، وإن كان قد يدخل فيه شيطان الإنس، ولكن المعنى الأول الحقيقة بتجربتي الخاصة الناسُ عنه غافلون، إما لأنهم ما عرفوا هذا الحديث، أو سمعوا به ثم دخل من أذن وخرج من الأذن الأخرى، فهم لا يستحضرون أنّ أحدهم إذا قام يصلي أنه يمكن أن يمر بين يديه ما وصفه الله عز وجل بقوله: إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ، فلذلك يجب اتخاذ السترة ولو كان في مصلى بقدر حجم الصلاة، لأن هناك شيطان له من السلطة والقوة مِن الدخول والخروج لا يستطيع منعه الإنسان، وبخاصة أنه قد جاء في * صحيح مسلم *: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قائمًا يصلي بأصحابه يومًا فرأوا كأنه يقبض على شيء، فسألوه بعد فراغه من الصلاة، قال: ذاك شيطان همَّ أن يرميني بشرر من نار .
فإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يمكن أن يتفلت عليه الشيطان، وأن يمر بين يدي صلاته، فما بالنا نحن عامة الناس، فأولى أن نتخذ مثل هذه الوسيلة الشرعية، هذه الوسيلة قلت إنها وسيلة شرعية لدفع قول بعض الناس إنه ما في أحد يمر، فإذن هناك عالم من عوالم الغيب لا نراهم، والرسول أمرنا أن نصلي إلى سترة دون أن يقول مثلاً إن كنت في غرفة أو كنت في مسجد أو كنت في العراء، كل ذلك يدخل في عموم هذا الحديث، أنا أعلم أنني كنت قرأت في أول نشأتي العلمية وعلى مذاهب الحنفية أنهم قالوا: " إذا كان المسجد أربعين ذراعًا في أربعين ذراعًا فلا حاجة فيه إلى السترة "، لكنني فيما بعد علمت أن الأحاديث الآمرة بالسترة والمؤكدة لهذا الأمر والتي رتبت في بعضها بطلان الصلاة بمرور تلك الأنواع المشار إليها كلها مطلقات لم يقيدها الرسول عليه السلام المكان الذي يصلي فيه المصلي بمسجد أو بغيره، ثم هو لم يقيد المسجد بمسافة محدودة أو بغيرها، فينبغي إذن إعمال الأحاديث على شمولها وعلى إطلاقها، هذا الذي عندي.

Webiste