تم نسخ النصتم نسخ العنوان
هل هناك سنن عادات وسنن عبادات ؟ - الالبانيالسائل : هل هناك سنن عادات وسنن عبادات، أفتونا مأجورين ؟الشيخ : نعم، هذه المسألة في الواقع يجب أن يكون على بينة منها كثير من طلاب العلم، وبخاصة من كان م...
العالم
طريقة البحث
هل هناك سنن عادات وسنن عبادات ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : هل هناك سنن عادات وسنن عبادات، أفتونا مأجورين ؟

الشيخ : نعم، هذه المسألة في الواقع يجب أن يكون على بينة منها كثير من طلاب العلم، وبخاصة من كان منهم حريصاً كل الحرص على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن ينبغي أن تكون قُدوته أو أن يكون اقتداؤه به عليه السلام مقروناً بالعلم الصحيح وليس مقروناً بالعاطفة فقط، لأن العاطفة قد تحمل صاحبها على مخالفة الشرع في كثير مِن الأحيان، وما منشأ وقوع الغلاة مِن المحبين لرسول الله والمادحين له مدحاً لا يليق شرعاً إلَّا مِن هذا المنطلق، أنهم يبالغون في حبه عليه السلام دون نظر إلى القيود الشرعية فمثل ما قال عليه السلام في الحديث الصحيح المتفق عليه: لا تُطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسولُه هذا الحديث نقيض ما يُنقل عمن اشتُهر بالبوصيري حينما يقول:
" دَعْ مَا ادَّعَتهُ النَّصَارَى في نَبِيِّهِمُ *** وَاحْكُمْ بِمَا شِئْتَ مَدْحًا فِيْهِ وَاحْتَكِمِ "
دع ما دعته النصارى في نبيهم: ماذا قالت النصارى ؟
عسيى ابن الله، إذن أنت لا تقول محمد ابن الله وقل ما شئت بعد ذلك، لا، لا بد من وزن، ولعله يعني واحتكمِ يعني احتكم إلى الشرع، ونحن نعلم ما جاء في * مسند الإمام أحمد *: أن جماعة جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: أنت سيدنا وابن سيدنا وأنت خيرنا وابن خيرنا، فقال عليه السلام: قولوا بقولكم هذا أو ببعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان يعني: لا يجركم إليه بمثل هذا السبيل الذي يزينه لكم مِن المبالغة في مدحه عليه السلام، وفي الحديث الآخر لما قيل له: أنت سيدنا قال: السيد الله : أبى عليه السلام أن يوصف بأنه سيد أصحابه وهو بلا شك ليس سيد أصحابه فقط، بل هو كما قال عليه السلام بحقّ: أنا سيد الناس يوم القيامة ، أنا سيد ولد آدم ، آدم فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة : ولكن لماذا قال عليه السلام لأولئك الذين مدحوه في وجهه بقولهم له: أنت سيدنا لماذا قال لهم: السيد الله ؟ خشية عليهم أن يستجرينهم الشيطان كما ذكر في الحديث السابق.
فالشاهد أنَّ الاعتدال في اتِّباع الرسول عليه السلام هو كالاعتدال في مدحه، فكما أنه يُخشى من هذا المدح أن يقع المادح في الغلو فيه فيتشبه بالنصارى، كذلك يخشى على المتبع للرسول عليه السلام الغلو، أن يقع في الغلو في اتباعه فيتبعه مما لا يحسن شرعاً اتباعه فيه، مثلًا:
ثبت في * صحيح مسلم *: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل مكة وله أَربع غدائر أربع غدائر أي: أربع ضفائر، لأن اللهجات العربية تختلف، فبعضهم يُسمي ضفيرة المرأة ضفيرة، وبعضهم يسميها غديرة، والجمع غدائر ووإلى آخره، إلى اليوم يوجد في بعض البوادي العربية بعض الشباب في عنفوان شبابه لهم شعر طويل وقد ضفروه ضفائر أيضًا كما هو شأن النساء فيما مضى من الأيام، أما اليوم فقد استُأصلت الشعور كما ترون تقليدًا للكافرات أو الفاسقات إلا القليل من النساء المسلمات.
فالشاهد الرسول عليه السلام بناء على هذه العادة العربية دخل مكة وله أربع غدائر، وقد جاء في شمائله عليه السلام أنه كان له شعر طويل إذا قصُر بلغ شحمتي الأذنين وإذا طال بلغ رؤوس المنكبين، فلو أن إنساناً ربى شعره وكما يقولون اليوم يعني سواليف شاليش أو ما شابه ذلك، فهل هذا يكون من السنة التعبدية أم هذا من السنن العادية ؟
نقول: لا شك أن الرسول صح عنه أنه كان له هذا الشعر الطويل، وصح عنه كما سمعتم أنه في بعض الأحيان اتخذ منه أربع غدائر، فإذا ربّى المسلم شعره على أن ذلك عادة من العادات لا يستطيع أحد أن ينكر ذلك عليه، لكنه إن فعل ذلك بدعوى إنه يتبع الرسول عليه السلام نقول له: قف، هذا ليس مجال للاتباع لأنه من العادات وليس من سنن العبادات فلا بد من هذا التقييد.

Webiste