رأي الأحناف في حديث : ( لا نكاح إلا بوليٍّ ) ، وقراءة الفاتحة في الصلاة .
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : بالنسبة - أيضًا - ذكر الشيخ الغزالي ، طبعًا احنا نأخذ هذا كرد عاجل لفضيلة الشيخ ناصر على هذا الكتاب ، يذكر - أيضًا - : لا نكاح إلا بوليٍّ ترجيح طبعًا رأي الأحناف في المسألة ؛ فهل فعلًا للأحناف حجة ناهضة في هذا الباب ؟
الشيخ : ليس لهم حجَّة إلا تضعيفهم لحديث : لا نكاح إلا بوليٍّ ، فهذا الحديث بلا شك ينبغي على الشيخ الغزالي وأمثاله ممَّن يدندون دائمًا حول الاستفادة من أهل الاختصاص في كل علمٍ ؛ ينبغي عليه أن يذكر هذه الدندنة التي يدندن حولها مع بعض الشباب ، أن يلتزم هو ذلك ، وأن يعرف لأهل الحديث اختصاصهم وفضلهم ومعرفتهم الخاصة بتمييز الصحيح من الضعيف ، ولا يخلط بين المحدِّثين وبين الفقهاء ؛ لأن هذا يخرج عما يعرفه كل إنسان عاقل مثقف - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته - ؛ لأن لأهل الاختصاص مزايا على غيرهم ، فعلماء الحنفية حينما يضعِّفون حديثًا فإنما ينطلقون في تضعيفهم انتصارًا لمذهبهم ، وليس اتباعًا منهم لطرق تصحيح الأحاديث أو تضعيفها ، ونحن بالتجربة نعرف فرقًا كبيرًا جدًّا بين أهل الحديث وبين الفقهاء فيما يتعلق بالحديث .
وأضرب على ذلك مثلًا سهلًا - إن شاء الله - ؛ فإن من رأي علماء الحنفية - كما هو معلوم - القول بعدم شرطية قراءة الفاتحة في الصلاة ، وإنما يقولون بوجوبها ، وهم على علم بقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ، يقولون هذا حديث صحيح ، ولكنه حديث آحاد ، ولا يجوز عندهم استنادًا لعلم الأصول - وهذا في الواقع من شواذِّهم - يقولون : لا يجوز تخصيص النَّصُّ المتواتر بالنَّصِّ الأحادي ، ويعنون هنا بالنص المتواتر قوله - تعالى - : فاقرؤوا ما تيسَّر من القرآن ، يقولون : إن هذه الآية أطلقت ما تيسر من القرآن ؛ فلا يجوز تقييد هذا النص القرآني المطلق بالحديث النبوي المقيِّد ؛ لأنه حديث آحاد ، ولا يجوز عندهم تقييد المتواتر بالآحاد . ولست أريد أن أناقش هذه المسألة من كل جوانبها وأطرافها ، لكني أريد أن أدندن حول قولهم بأن حديث : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب حديث آحاد ، فما قيمة قول هؤلاء الفقهاء مهما كان شأنهم في المعرفة بالفقه والفهم لنصوص الكتاب والسنة ، حينما يتكلمون فيما ليس من اختصاصهم فيدَّعون أن حديث : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب هو حديث آحاد وأمير المؤمنين في الحديث ؛ ألا وهو الإمام محمد بن إسماعيل البخاري يقول في مطلِع رسالته المعروفة بـ " جزء القراءة في الصلاة " : " تواتر الخبر عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " ؟!
فإذًا أنأخذ بقول الحنفية الذين قد امتلأت كتبهم بالأحاديث الضعيفة ، بل وفيها قسم كبير من الأحاديث الموضوعة ، حتى لقد أنكرها عليهم بعض علماء الحنفية أنفسهم ممن له اشتغال بعلم الحديث ؟ فماذا نقول في هؤلاء الفقهاء حينما يقولون ذاك الحديث : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ، هو حديث آحاد وأمير المؤمنين في الحديث يقول : " إنه تواتر عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - " ؟
ولذلك فنحن نذكر هذا الرجل الذي نحن في صدد الرَّدِّ عليه بأنه يجب الرجوع إلى ذوي الاختصاص في كلِّ علم ، فمَيله إلى الأخذ برأي الحنفية القائم على ردِّ الحديث الصحيح ؛ هذا ميل منه عن المنهج العلمي الصحيح أنه يجب الرجوع في كل علم إلى أهل الاختصاص ، لكني أدري أن أهل الأهواء - في كل عصر وفي كل مصر ! - لا يلتزمون منهجا علميًا ، ليس فقط في الحديث ، بل ولا في الفقه ، فترى هذا الرجل تارة حنفيَّ المذهب ، تارة ظاهريَّ المشرب ، تارة هكذا ، لماذا ؟ لأنه لا يلتزم منهجًا علميًّا يفرض عليه أن يمشي سويًّا على صراط مستقيم ، وإنما هو ينهج منهج ما أنكره صراحةً كثير من العلماء ، ومنهم علماء الحنفية بخاصَّة ، الذين يُنكرون التلفيق ، وهو أن يأخذ الإنسان من كل مذهب ما يناسبه أو يوافق هواه ، فهو لما يرى أن في المذهب الحنفي توسعة وتسليكًا لكثير من الأنكحة التي تقع في هذا العصر الحاضر ، وبخاصة في بلاد الكفر في أوربا وأمريكا ؛ يتزوج كثير من الشباب دون إذن أولياء النساء ؛ فهو يريد أن يُسلِّك هذه الحوادث بأدنى سبيل فيجد له مخرجًا في مذهب أبي حنيفة في هذه المسألة ، لكنه في مسألة أخرى يجد الشباب المسلم ، بل وقد عرفنا من بعض كتاباته نجده هو نفسه لا يتورَّع من أن يقول : أنه هو يطيب له أن يستمع لبعض أغاني أم كلثوم !! فإذًا هو كيف يبرِّر أو يسوِّغ لنفسه انحرافه هو فضلًا عن كثير من الشباب المسلم الذي ابتُلي بالاستماع للأغاني ، يجد هناك فسحةً لا يجدها في المذاهب الأربعة التي هو يدافع عنها بحرارة في غير محلِّها - وضد السنة ! - يجد له مخرجًا في التنفيس عن نفسه وعن المتَّبعين لأهوائهم من أمثاله بالمذهب الظاهري ابن حزم الأندلسي ، فهو إذًا لا يبحث عن الأدلة الشرعية التي جاءت لتهذيب النفوس كما قال - تعالى - : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا . فلا جرم أن العلماء قاطبة لم يُبيحوا للمسلم أن يكون مع هواه في كل مسألة ، فهو يتَّبع تارةً المذهب الظاهري ، وتارةً المذهب الحنفي ، فيصدق عليه بيت الشعر الذي ذهب عن بالي ، لكن بعضكم لا بدَّ أن يذكرني به ، وهو قول القائل :
" وما أنا إلا مِنْ غُزيَّة إن غَوَتْ ... غَوَيْتُ وإنْ ... "
لا نكاح إلا بولي حديث صحيح عند علماء الحديث ، ولا يضر ذلك أن ضعَّفه من لا اختصاص له بمعرفة علم الحديث ، وأظنُّ أن في القرآن الكريم آية تؤكد معنى الحديث .
السائل: ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا .
الشيخ : هذه أو غيرها نعم ، فلذلك فهذا عبارة عن اتباع هوى .
السائل : فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ .
الشيخ : بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ . نعم .
الشيخ : ليس لهم حجَّة إلا تضعيفهم لحديث : لا نكاح إلا بوليٍّ ، فهذا الحديث بلا شك ينبغي على الشيخ الغزالي وأمثاله ممَّن يدندون دائمًا حول الاستفادة من أهل الاختصاص في كل علمٍ ؛ ينبغي عليه أن يذكر هذه الدندنة التي يدندن حولها مع بعض الشباب ، أن يلتزم هو ذلك ، وأن يعرف لأهل الحديث اختصاصهم وفضلهم ومعرفتهم الخاصة بتمييز الصحيح من الضعيف ، ولا يخلط بين المحدِّثين وبين الفقهاء ؛ لأن هذا يخرج عما يعرفه كل إنسان عاقل مثقف - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته - ؛ لأن لأهل الاختصاص مزايا على غيرهم ، فعلماء الحنفية حينما يضعِّفون حديثًا فإنما ينطلقون في تضعيفهم انتصارًا لمذهبهم ، وليس اتباعًا منهم لطرق تصحيح الأحاديث أو تضعيفها ، ونحن بالتجربة نعرف فرقًا كبيرًا جدًّا بين أهل الحديث وبين الفقهاء فيما يتعلق بالحديث .
وأضرب على ذلك مثلًا سهلًا - إن شاء الله - ؛ فإن من رأي علماء الحنفية - كما هو معلوم - القول بعدم شرطية قراءة الفاتحة في الصلاة ، وإنما يقولون بوجوبها ، وهم على علم بقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ، يقولون هذا حديث صحيح ، ولكنه حديث آحاد ، ولا يجوز عندهم استنادًا لعلم الأصول - وهذا في الواقع من شواذِّهم - يقولون : لا يجوز تخصيص النَّصُّ المتواتر بالنَّصِّ الأحادي ، ويعنون هنا بالنص المتواتر قوله - تعالى - : فاقرؤوا ما تيسَّر من القرآن ، يقولون : إن هذه الآية أطلقت ما تيسر من القرآن ؛ فلا يجوز تقييد هذا النص القرآني المطلق بالحديث النبوي المقيِّد ؛ لأنه حديث آحاد ، ولا يجوز عندهم تقييد المتواتر بالآحاد . ولست أريد أن أناقش هذه المسألة من كل جوانبها وأطرافها ، لكني أريد أن أدندن حول قولهم بأن حديث : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب حديث آحاد ، فما قيمة قول هؤلاء الفقهاء مهما كان شأنهم في المعرفة بالفقه والفهم لنصوص الكتاب والسنة ، حينما يتكلمون فيما ليس من اختصاصهم فيدَّعون أن حديث : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب هو حديث آحاد وأمير المؤمنين في الحديث ؛ ألا وهو الإمام محمد بن إسماعيل البخاري يقول في مطلِع رسالته المعروفة بـ " جزء القراءة في الصلاة " : " تواتر الخبر عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " ؟!
فإذًا أنأخذ بقول الحنفية الذين قد امتلأت كتبهم بالأحاديث الضعيفة ، بل وفيها قسم كبير من الأحاديث الموضوعة ، حتى لقد أنكرها عليهم بعض علماء الحنفية أنفسهم ممن له اشتغال بعلم الحديث ؟ فماذا نقول في هؤلاء الفقهاء حينما يقولون ذاك الحديث : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ، هو حديث آحاد وأمير المؤمنين في الحديث يقول : " إنه تواتر عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - " ؟
ولذلك فنحن نذكر هذا الرجل الذي نحن في صدد الرَّدِّ عليه بأنه يجب الرجوع إلى ذوي الاختصاص في كلِّ علم ، فمَيله إلى الأخذ برأي الحنفية القائم على ردِّ الحديث الصحيح ؛ هذا ميل منه عن المنهج العلمي الصحيح أنه يجب الرجوع في كل علم إلى أهل الاختصاص ، لكني أدري أن أهل الأهواء - في كل عصر وفي كل مصر ! - لا يلتزمون منهجا علميًا ، ليس فقط في الحديث ، بل ولا في الفقه ، فترى هذا الرجل تارة حنفيَّ المذهب ، تارة ظاهريَّ المشرب ، تارة هكذا ، لماذا ؟ لأنه لا يلتزم منهجًا علميًّا يفرض عليه أن يمشي سويًّا على صراط مستقيم ، وإنما هو ينهج منهج ما أنكره صراحةً كثير من العلماء ، ومنهم علماء الحنفية بخاصَّة ، الذين يُنكرون التلفيق ، وهو أن يأخذ الإنسان من كل مذهب ما يناسبه أو يوافق هواه ، فهو لما يرى أن في المذهب الحنفي توسعة وتسليكًا لكثير من الأنكحة التي تقع في هذا العصر الحاضر ، وبخاصة في بلاد الكفر في أوربا وأمريكا ؛ يتزوج كثير من الشباب دون إذن أولياء النساء ؛ فهو يريد أن يُسلِّك هذه الحوادث بأدنى سبيل فيجد له مخرجًا في مذهب أبي حنيفة في هذه المسألة ، لكنه في مسألة أخرى يجد الشباب المسلم ، بل وقد عرفنا من بعض كتاباته نجده هو نفسه لا يتورَّع من أن يقول : أنه هو يطيب له أن يستمع لبعض أغاني أم كلثوم !! فإذًا هو كيف يبرِّر أو يسوِّغ لنفسه انحرافه هو فضلًا عن كثير من الشباب المسلم الذي ابتُلي بالاستماع للأغاني ، يجد هناك فسحةً لا يجدها في المذاهب الأربعة التي هو يدافع عنها بحرارة في غير محلِّها - وضد السنة ! - يجد له مخرجًا في التنفيس عن نفسه وعن المتَّبعين لأهوائهم من أمثاله بالمذهب الظاهري ابن حزم الأندلسي ، فهو إذًا لا يبحث عن الأدلة الشرعية التي جاءت لتهذيب النفوس كما قال - تعالى - : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا . فلا جرم أن العلماء قاطبة لم يُبيحوا للمسلم أن يكون مع هواه في كل مسألة ، فهو يتَّبع تارةً المذهب الظاهري ، وتارةً المذهب الحنفي ، فيصدق عليه بيت الشعر الذي ذهب عن بالي ، لكن بعضكم لا بدَّ أن يذكرني به ، وهو قول القائل :
" وما أنا إلا مِنْ غُزيَّة إن غَوَتْ ... غَوَيْتُ وإنْ ... "
لا نكاح إلا بولي حديث صحيح عند علماء الحديث ، ولا يضر ذلك أن ضعَّفه من لا اختصاص له بمعرفة علم الحديث ، وأظنُّ أن في القرآن الكريم آية تؤكد معنى الحديث .
السائل: ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا .
الشيخ : هذه أو غيرها نعم ، فلذلك فهذا عبارة عن اتباع هوى .
السائل : فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ .
الشيخ : بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ . نعم .
الفتاوى المشابهة
- قراءة الفاتحة - اللجنة الدائمة
- ما حكم قراءة الفاتحة بعد كلِّ صلاة ؟ - الالباني
- حكم قراءة الفاتحة في الصلاة - ابن عثيمين
- حديث : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ،... - الالباني
- قراءة حديث عبادة بن الصامت: ( لا صلاة لمن لم ي... - الالباني
- ما أسباب تفاوت أحكام علماء الحديث في بيان درجة... - الالباني
- الجمع بين قوله تعالى : (( وإذا قرئ القرآن ...... - الالباني
- قراءة الفاتحة في الصلاة - ابن عثيمين
- حكم قراءة الفاتحة في الصلاة - ابن عثيمين
- ما هو رأي الأحناف في حديث ( لا نكاح إلا بولي )... - الالباني
- رأي الأحناف في حديث : ( لا نكاح إلا بوليٍّ ) ،... - الالباني