تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ما معنى حديث : ( من رآني فقد رآني حقًّا ؛ فإن... - الالبانيالسائل : الحمد لله رب العالمين ؛ حديث :  من رآني فقد رآني حقًّا ؛ فإن الشيطان لا يتمثَّل بي  ؟الشيخ :  فإن الشيطان لا يتمثَّل بي  حديث صحيح أخرجه الشيخا...
العالم
طريقة البحث
ما معنى حديث : ( من رآني فقد رآني حقًّا ؛ فإن الشيطان لا يتمثَّل بي ) ؟ وبيان أنَّ من عرف شمائل النبي - صلى الله عليه وسلم - عرف أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أم لا .
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : الحمد لله رب العالمين ؛ حديث : من رآني فقد رآني حقًّا ؛ فإن الشيطان لا يتمثَّل بي ؟

الشيخ : فإن الشيطان لا يتمثَّل بي حديث صحيح أخرجه الشيخان في " صحيحيهما " ، وله ألفاظ كثيرة متقاربة تؤدي هذا المعنى ؛ أي : إن الله - تعالى - حفظ نبيَّه - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يتشبَّه به الشيطان لبني الإنسان حتى في المنام ، وهذه غاية محافظة الله - عز وجل - لعصمة النبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وما ذلك إلا لمحافظة على شريعته - تبارك وتعالى - ؛ حتى لا يُؤتى المسلم في نومه من الشيطان ؛ من رآني في المنام فقد رآني حقًّا ؛ لم ؟
علَّل ذلك - عليه السلام - بقوله : فإن الشيطان لا يتمثَّل بي ، وفي لفظ آخر : لا يتزيَّا بي ، ويُخطئ بعض الناس ممن يرون أو يظنُّون بالأحرى أو الأصح أن نقول يظنُّون أنهم رأوا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في المنام لمجرَّد أنه خُيِّل إليهم أنهم رأوه في المنام ، فإذا ما سُئلوا عن أوصافه - صلى الله عليه وآله وسلم - وشمائله حيث ادَّعوا أنهم رأوه أجابوا بصفاتٍ تُخالف المعروف عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - من شمائله ، لقد وقع لنا كثيرًا مع بعض الرَّائين ؛ فكنا نسألهم ، بعضهم يقول : رأيت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ووجهه ولحيته بيضاء كلها نور ، يتوهَّم أنه يصف حقيقةً النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وما درى أن هذا الوصف باطل إذا ما وصفَ به النبيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - يدريه ويعلمه من كان على علمٍ واسعٍ بشمائل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فإننا نقرأ في " صحيح البخاري " وغيره عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - : " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ما شانَه الله ببيضاء " ؛ فإذًا كيف يصف المرئيَّ في منامه بأن له لحية بيضاء ، وإن كان يُضيف إلى ذلك بأنها من نورٍ ، والرسول - عليه السلام - لا يجوز أن يُوصف بأنه كان شائبًا ؛ لأنه كذبٌ عليه - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ويمكن أن هذا كذب يدخل في عموم قوله - عليه الصلاة والسلام - : من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوَّأ مقعده من النار ، وفي اللفظ الآخر : من قال عليَّ ما لم أقل فليتبوَّأ مقعده من النار ، وهذا الحديث وإن كان ظاهره التقوُّل عليه بالكلام على كلامه - عليه الصلاة والسلام - ؛ فلا شك أنه يشمل - أيضًا - أن يُنسب إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من الشمائل والأوصاف ما لم يكن عليها ، فمن ذلك وصفه - عليه السلام - بأنه كان شائبًا أبيض اللحية لكثرة الشيب في لحيته فهذا كذب ؛ لما ذكرته آنفًا من حديث أنس ، وفي رواية أخرى عنه أن الشعرات البيضاء لا يتجاوز عددها عشرين شعرة في عنفقته ؛ فهذا الرائي الذي يقول : رأيته ذا لحية بيضاء إلى آخر كلامه يدل على أنه لم يرَ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ ذلك لأنه يقول - عليه الصلاة والسلام - : من رآني في المنام فقد رآني حقًّا .
من رآني : يعني بأوصافي وبشمائلي مش بخيال لا يطابق ما كنت عليه في حياتي ؛ لذلك كان إمام المؤوِّلين للرُّؤى وهو تابعي جليل محمد ابن سيرين - رحمه الله - الراوية عن أبي هريرة ، المكثر من الرواية عن أبي هريرة - رضي الله عنه - كان مشهورًا بإصابته في تأويل الرُّؤى ، كان إذا جاءه شخص وادَّعى بأنه رأى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في المنام سأله كيف رأيته ؟ فيصفه بصفات لم يكن - عليه السلام - متصفًا بها في حياته ؛ فيقول : لم تر الرسول ؛ لكن ذاك شيطان خيَّلَ إليك أنه الرسول ، والرسول يقول : من رآني ؛ أي : على حقيقتي .
وهذا يذكرنا بحديث آخر ، وله علاقة بمسألة أخرى هامة ، وهي هل تكون الدعوة دعوة النبي - صلى الله عليه وآله سلم - قد بلغت ناسًا أو قومًا إذا ما بلغتهم محرَّفة عن حقيقة الدَّعوة الإسلامية ، هل تكون بلغتهم - والحالة هذه - الدعوة ، وأقيمت عليهم الحجة أم يكونون ممن يسمِّيهم العلماء بأهل الفترة ؟ وينطبق عليهم قول ربنا - عز وجل - في القرآن : وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا ؟
الجواب بحديث يشبه هذا الحديث من جانب ، ذاك الحديث هو ما رواه الإمام مسلم في " صحيحه " عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ما من رجل من هذه الأمة من يهوديٍّ أو نصرانيٍّ يسمع بي - هنا الشاهد ؛ يسمع بي كما قال : من رآني ؛ ما من رجل في هذه الأمة - أي : أمة الدعوة - من يهوديٍّ أو نصرانيٍّ يسمع بي ، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار .
فقوله - عليه الصلاة والسلام - في هذا الحديث : يسمع بي يعني على حقيقته ، وعلى حقيقة ما جاء به من الدعوة إلى الإسلام ، فإذا كان ذلك الرجل من يهوديٍّ أو نصرانيٍّ لم يسمع به - عليه السلام - على حقيقته ؛ فلم تبلغه الدعوة ؛ لأنها بلغته محرَّفة ؛ فإذا آمن بهذه الدعوة المحرفة لم يؤمن به - عليه السلام - ، وعلى ذلك نفهم حقيقتين مؤسفتين :
الحقيقة الأولى : أن النصارى بخاصة في بلاد الغرب وأمريكا حينما يقوم المبشِّرون الذين يسمَّون على غير اسمهم " مبشِّرون " ، وهم في ضلال مبين ، حينما يصفون نبيَّنا - صلى الله عليه وآله وسلم - لأقوامهم بأوصافٍ مخالفةٍ لما كان عليه الرسول - عليه السلام - من طهرٍ وكمالٍ في الأخلاق ؛ كما قال : إنما بعثت لأتمِّم مكارم الأخلاق ؛ فحينما يصف المبشرون نبيَّنا - صلى الله عليه وآله وسلم - لقومهم بهذه الأوصاف ، ثم كانت النتيجة أنَّهم لم يؤمنوا به - عليه السلام - ؛ فما بلغتهم الدعوة ؛ لأنهم وصفوه لهم بأنه كان ذا شهوةٍ عارمة ، والدليل أن المسلمين يقولون بأنه - عليه السلام - حرَّم على أمته من النساء أكثر من أربع ، بينما هو تزوَّج وجمعَ في وقتٍ واحدٍ بين تسع من النساء ، فهم - أعني المبشرين الكذابين المفترين - يقولون : فأباح النبي لنفسه لغلبة الشهوة عليه ما حرَّم على أمته ، فحينما يسمع النصارى مثل هذه الأوصاف الكاذبة تكون النتيجة أنهم لا يؤمنون ؛ لأنهم قد وُصف لهم الرسول على غير حقيقته ، هذه المسألة الأولى المؤسفة .
والمسألة الأخرى : على العكس من هذا ، ولكنها - أيضًا - مؤسفة ، هناك طائفة من المسلمين ينتمون إلى الإسلام يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، ويصلُّون ، ويحجُّون ، ويزكُّون ، ويصومون ؛ ولكنهم يعتقدون عقائد باطلة تخالف الشريعة الإسلامية في كثيرٍ من عقائدها المعلومة من الدِّين بالضرورة ، أولئك هم المعروفون عند عامة المسلمين بالقاديانيين ، والذين يُسمُّون أنفسهم بالأحمديين ، لهم عقائد ضالة منحرفة عن الإسلام ، منها اعتقادهم بأن باب النبوة بعده - عليه السلام - لم يُغلق ، وأنه مفتوح إلى قيام الساعة ، وأنه قد جاء واحد منهم ، وهو الذي اتبعوه واغترُّوا به وابتعدوا بسبب ذلك عن الإسلام بعيدًا بعيدًا جدًّا ، وهو المعروف بغلام ميرزا غلام أحمد القادياني ، هؤلاء يدعون إلى الإسلام في تلك البلاد الأوروبية وبغيرها بنشاط عجيب مع الأسف ، واستطاعوا أن يُدخلوا في إسلامهم كثيرًا من أولئك الأوروبيين ، فاعتقدوا ما اعتقدوه من جواز مجيء أنبياء بعد الرسول - عليه السلام - ، ومنهم ميرزا غلام أحمد ؛ فهل هؤلاء الذين أسلموا إسلامًا قاديانيًّا سمعوا به - عليه السلام - على حقيقته وحقيقة دعوته ؟ وهل ينفعهم هذا الإسلام أم لا ينفعهم ؟
الجواب في الحديث السابق : ما من رجلٍ من هذه الأمة من يهوديٍّ أو نصرانيٍّ يسمع بي ، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار ، فمن سمع بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على غير ما كان عليه من أخلاقٍ ومن شريعةٍ فهو لم يسمع به ، وحينذاك لا يكون من المُعذَّبين الكافرين في النار ؛ لأنَّ الحجة لم تُقم عليه ، وعلى العكس من ذلك أولئك الذين آمنوا به - عليه السلام - على أنه يقول بأن النبوة بعدَه سائغة وماشية ، وإلى غير ذلك من عقائد القاديانية ، ولستُ الآن بصدد ذكر الكثير منها ، وإنما ذكرتُ هذا على سبيل التَّنفير ، فقوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في الحديث الأول : من رآني في المنام ؛ أي : من رآني على حقيقتي البدنية وشمائلي المحمدية فقد رآني ؛ فإن الشيطان لا يتمثَّل بي ، وبذلك نعلم أن كثيرًا من الرؤى التي يدَّعي أصحابها فيها أنهم رأوا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وإذا ما سُئلوا عن وصفٍ مرئيٍّ كان جوابهم أنهم رأوه في صورة لم يكن - عليه السلام - عليها ؛ كما ضربنا لكم آنفًا مثلًا بالرجل الشايب والذي لحيته نور ، هكذا رأى الرسول ؛ فهذه رؤيا شيطانية ،
كذلك مثلًا : وقع لنا أننا سألنا كيف رأيت الرسول ؟ فيجيب بأنِّي رأيته يمشي " الهوينى " ، يمشي بضعفٍ ، وهذا خلاف شمائله - عليه الصلاة والسلام - ؛ حيث جاء فيها أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان إذا مشى فكأنَّما ينصبُّ من صبب ؛ كناية على أنه يمشي - عليه السلام - بقوَّة ، فمن وصفه أنه كان يمشي على ضعف فليس هو الرسول - عليه السلام - ، وهكذا يجب أن نفهم هذا الحديث ، وكذلك الحديث الثاني ... .
... أنه سند صحيح ولكن له طرق كثيرة ، وبهذه الطرق ارتقى عندي وعند غيري ممَّن سلف إلى مرتبة الحديث الحسن ، وهو في الواقع من مجامع كلمه من جوامع كلمه - عليه الصلاة والسلام - ؛ لأن فيه معاني كثيرة لهذين اللَّفظين القليلين ، لا ضرر ولا ضرار ، فيدخل فيه كثير من الأمور التي حدثَتْ بعد زمنه - عليه السلام - بسنين بل بقرون ؛ كمثل الدخان مثلًا والحشيش والأفيون ونحو ذلك من الأموال من المواد المضرَّة ، فهذا الحديث ينهى عن استعمالها بهذا الإيجاز ؛ لا ضرر ولا ضرار .
تفضل .

Webiste