تم نسخ النصتم نسخ العنوان
كيف نوفِّق بين نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن... - الالبانيالسائل : نجد أن بعض العلماء .الشيخ : ارفع صوتك .السائل : نجد أن بعض العلماء شرَّاح الحديث مثل النووي مثلًا فيما ذكرت في التعارض أحاديث الشرب قائمًا وفعل...
العالم
طريقة البحث
كيف نوفِّق بين نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب قائمًا ، وما ثبت من فعله أنه شرب قائمًا ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : نجد أن بعض العلماء .

الشيخ : ارفع صوتك .

السائل : نجد أن بعض العلماء شرَّاح الحديث مثل النووي مثلًا فيما ذكرت في التعارض أحاديث الشرب قائمًا وفعله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول النووي هذا : نذكر الصواب في المسألة ، وهو أن نهيه - صلى الله عليه وسلم - يدلُّ على كراهة التنزيه ، وأن فعله - عليه الصلاة والسلام - وأن أمره بالاستقاء كما هو للاستحباب فلا إشكال ولا تعارض ، ونجد أنه إذا كان هناك نصٌّ حاظر ونصٌّ مبيح يقولون : النص المبيح مقدَّم ... وأن فعله - عليه الصلاة والسلام - .

الشيخ : ما سمعت كلامك الأخير ، أما الأول مفهوم كله ؟

السائل : إذا جاء نصٌّ حاظر مانع وجاء نصٌّ مبيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ فإن النَّصَّ المبيح وأن فعله - عليه الصلاة والسلام - يخفِّف من حرمة هذا الشيء ، فينتقل مثلًا من التحريم إلى الكراهة التنزيهية ، أو ينتقل من الوجوب إلى الاستحباب إذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ترك هذا الشيء الذي أمر به ؟

الشيخ : فهمت عليك ، والجواب سبق ضمنًا فيما قلت آنفًا ، وهو أنَّ بعض العلماء يتأوَّلون بعض النصوص للتوفيق بين الحاظر والمبيح ، فيقعون في شيء من التأويل الذي لا يجوز ، والآن لا بد من تفصيل القول على هذا الإيجاز بعد أن جاء هذا السؤال .
أولًا : يمكن أن يُشار إلى مثل هذا التأويل فيما لو ثبت لدينا أن شربه - صلى الله عليه وآله وسلم - كان بعد النهي ، وأظنُّ أن لا أحد يستطيع أن يُثبت لنا أن فعله وشربه قائمًا كان بعد نهيه - صلى الله عليه وآله وسلم - هذا أولًا ، وأنه لم يكن ذلك لحاجة أو ضرورة ثانيًا ، ولا أقول وثالثًا : أن ذلك ليس خصوصيَّة له ، لكني أقول : لا يمكن إثبات أن شربه قائمًا كان بعد النهي ولغير حاجة منه ، هذا لا يمكن إثباته ، يعني شيئين هنا ، التأخر تأخر الفعل عن النهي ، ومع التأخر فَعله لغير حاجة ، لو توفَّر هذا الشرطان : تأخر الفعل المخالف للنهي ، ومع التأخر كان لا لعذر ؛ حينئذاك يصحُّ هذا التأويل ، أما ولا سبيل في اعتقادي - ومن كان عنده علم فليتفضَّل به - ؛ لا سبيل في اعتقادي إلى إثبات هذَين الأمرين ، وأرجو الانتباه لما أقول حتى لا يفاجئنا أحد فيقول مثلًا : شرب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من زمزم وهو قائم ، وهذا المفروض في آخر حياته ، فأنا أقول شرطان اثنان ، أن يتأخَّر الفعل وأن يثبت أن هذا الفعل كان لا لحاجة فضلًا عن أنَّه كان لغير ضرورة .
شيء ثاني من المهم جدًّا : هذا التأويل يُستساغ فيما لو كان هناك فقط نهي ، أما وهناك أشياء أخرى تحول بيننا وبين المصير إلى مثل هذا التأويل ، بالرغم أن بيننا وبينه ما ذكرت آنفًا من الجهل بتأخُّر الفعل ، وأنه فُعل لغير حاجة ، واضح إلى هنا ؟
طيب ، أما هذا الشيء فهو أوَّلًا : يمكن لكلِّ فقيه أن يتأوَّل نهي الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - عن شيء ما بأنه للتَّنزيه وليس للتحريم بشبهة من تلك الشُّبه ، لكن إذا وقف أمامه نصٌّ يحول بينه وبين التأويل المذكور فحينئذٍ سيضطرُّ أن يقف معنا فيما ذكرنا من الوقوف مع الحاظر وترك النص المبيح لسبب من الأسباب الثلاثة ، مثلًا عندنا حديث مسلم : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الشرب قائمًا " ممكن تأويله أن النهي للتنزيه ، ولكن ماذا نقول فى الرواية الأخرى ، وهي في " صحيح مسلم " وهي : زجر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الشرب قائمًا ، وأنا أدري وأعلم أن العلماء يتأوَّلون النهي تارةً للتحريم وتارةً للتنزيه ، ولكني لا أعلم أنهم يستطيعون فضلًا عن أنِّي لا أعلم أنهم فعلوا فتأوَّلوا الزَّجر بمثل ما تأوَّلوا النهي ؛ لأن الزجر - فيما أفهم - أبلغ من النهي ، فالزجر عن الشيء هو مبالغة في النهي ، فإذا كان الزجر قد جاء في الرواية الصحيحة عن الشرب قائمًا حالَ هذا اللفظ بينهم وبين تأويل النَّصِّ لأنه للكراهة التنزيهية ، لأن الكراهة التنزيهية قد يُنهى عنها ، ولكن لا يُزجر عنها .
شيء ثاني وأخير : لقد جاء في " مسند الإمام أحمد " وغيره أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - رأى رجلًا يشرب قائمًا فقال له : يا فلان ، أترضى أن يشرب معك الهرُّ ؟ قال : لا ، يا رسول الله . قال : فقد شرب معك من هو شرٌّ منه الشيطان ، هذه قرينة أن هذا من عمل الشيطان ، والمتبادر من مثل هذا النَّصِّ والحالة هذه أنه لا يُمكن تفسير هذا التعبير ؛ لأنه للكراهة التنزيهية ، ثم يأتي أخيرًا تمام الحديث فيقول الرسول - عليه السلام - كما قال أبو هريرة لهذا أو لغيره قِئْ ، قِئْ ؛ أي : أفرغ أخرج هذا الماء الذى شربته قائمًا ؛ لأن الشيطان شاركك فيه ، فهل - أيضًا - يقال لهذا الأمر الثقيل على الطباع إنه - أيضًا - للكراهة التنزيهية ؟ هذا ما أستبعده جدًّا ، ولذلك ذهب إلى التصريح بأن هذا النهي الوارد في الأحاديث الكثيرة النَّهي عن الشرب قائمًا بعضُ علماء الحنفية الذين هم من أوسع النَّاس في تأويل النهي إلى الكراهة ، فقال : " إن هذا الحديث يدلُّ على تحريم الشرب قائمًا ، هذا لغير المعذور " ، وعلى ذلك يُحمل ما جاء في بعض الأحاديث أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه شرب قائمًا أنه كان معذورًا ، أو أنه كان قبل النهي ؛ لأن الأصل هو براءة الذِّمَّة كما قلنا ، والأصل في الأشياء الإباحة ، والشريعة لم تأتِ طفرة واحدة ، بل الخمر المحرمة بإجماع الأمة تعلمون جميعًا الأدوار التي دارت في تحريمها ، فما بالكم في الشرب قائمًا ؟! هل كان من أول الواجبات على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن ينهى الناس عن الشرب قائمًا ؟!
لا ، أنا أعتقد أن هذا ما جاء إلا في الأزمنة المتأخرة ، أي : في العهد المدني ؛ لأنها ليست من الأمور المتعلقة بالعقيدة والتوحيد . هذا جواب ما سألتَ من ذهاب بعض العلماء إلى تأويل النهي للكراهة ، فيحول بينهم وبين هذا التأويل أمران اثنان باختصار :
الأمر الأول : أننا لا نعلم أن الفعل كان بعد النهي والزجر ، وبعد قوله - عليه السلام - لمن شرب قائمًا قِئْ .
وثانيًا : أن بعض ألفاظ الحديث تحول بينهم وبين تأويل النهي للتنزيه .
غيره ؟

Webiste