تم نسخ النصتم نسخ العنوان
كيف نردُّ على مَن ترك كثيرًا من السنن كالصلاة... - الالبانيالسائل : فضيلة الشيخ - بارك الله فيك ، ونفع الله بعلمك الجميع - ، يقول : كيف نردُّ على مَن ترك كثيرًا من السنن كالصلاة إلى سترة ووضع الثوب على منتصف الس...
العالم
طريقة البحث
كيف نردُّ على مَن ترك كثيرًا من السنن كالصلاة إلى سترة ووضع الثوب على منتصف الساقين ، وحجَّتهم في ذلك أن مصلحة الدعوة تقتضي ذلك ، وأنهم لا يريدن تنفير الناس أو تفريق الصَّفِّ ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : فضيلة الشيخ - بارك الله فيك ، ونفع الله بعلمك الجميع - ، يقول : كيف نردُّ على مَن ترك كثيرًا من السنن كالصلاة إلى سترة ووضع الثوب على منتصف الساقين ، وحجَّتهم في ذلك أن مصلحة الدعوة تقتضي ذلك ، وأنهم لا يريدن تنفير الناس أو تفريق الصَّفِّ ، وجزاكم الله خيرًا ؟

الشيخ : مثل هذا السؤال من أعجب ما أسمعه في سفرتي هذه إليكم ؛ لأنه من باب :
وداوِني بالتي كانت هي الدَّاءُ
إنَّ هؤلاء الناس أو بعض هؤلاء يرونَ مُعالجة واقع المسلمين وعدم تفريق الصَّفِّ وتفريق كلمتهم إنَّما تكون بمخالفة سنَّة نبيِّهم - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وكأنما لم يسمعوا الحديث السابق حديث الرهط ، وقد ختمها - عليه الصلاة والسلام - بقوله : فمن رغب عن سنَّتي فليس منِّي ، فيا سبحان الله ! من كان متمسِّكًا بهدي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى في بزَّته وفي ثيابه ، هذا يكون مفرِّقًا للصَّفِّ ، والذي يُنكر ذلك ويُخالف هدي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو دليل يجمع الكلمة ولا يفرِّق الصَّفَّ ، لقد قلبوا شريعة الله - تبارك وتعالى - وزعموا أنَّ الإصلاح إنما يكون بمُخالفة السنة ، وقد ذكرت آنفًا في جملة ما ذكرت : تركت فيكم أمرين لن تضلُّوا ما إن تمسَّكتم بهما ؛ كتاب الله وسنَّتي ، فهؤلاء يدعون الناس إلى ترك السنة ، وهي أعلُّ مما أن يكون مستحبًّا أو سنَّة أو فريضة ، فكلُّ ما كان عليه الرسول - عليه السلام - من الهدى أو الهدي فهو سنَّته - صلى الله عليه آله وسلم - ، وكلُّ ما كان المؤمن متمسِّكًا بسنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كلما كان أكثر حبًّا له - عليه الصلاة والسلام - ؛ من أولئك الذين يتساهلون بسنَّته ، بل يزيدون على تساهلهم أن يُضفوا عليها وأن يُلقوا عليها ستارًا من المخادعة ، يسمُّون ترك السنة إصلاحًا ، والتمسُّك بها إفسادًا وتفريقًا للكلمة !!
أين هم من قوله - تبارك وتعالى - : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ؟! فدليل الحبِّ الصادق لله - تبارك وتعالى - إنما هو اتباع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فمن قصَّر في اتباعه - صلى الله عليه وآله وسلم - فقد قصَّر في حبِّه - تبارك وتعالى - إياه ، وقد يكون من عاقبة ذلك أن يدخل النار مع الدَّاخلين ؛ إما خلودًا إذا استحلَّ بقصده ما شرع الله على لسان نبيِّه - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وإما نسيًا أحقابًا تتناسب مع عقيدته التي ... فيه عن سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وهذه مزلَّة أقدام ... بها الشيطان إلى بعض الناس في آخر الزمان ليصدَّهم عن سبيل الله بمُخالفة طريقة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وقد سمعتم آنفًا ما هو الصِّراط المستقيم وما هي الطُّرق التي تخرج بالناس عن هذا الصراط المستقيم ، فأنا أرى أنَّ من هذه الطرق المحدثة اليوم هذه الدعوة التي هي التي تفرِّق الكلمة ؛ وهي الحضُّ على ترك بعض السُّنن .
أما الصلاة إلى السترة ؛ فهذه من هدي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهدي أصحابه من بعده ؛ ذلك أنَّ كثيرًا من المصلِّين اليوم يقومون في المسجد يصلُّون لا إلى سترة ، وقد قال - عليه الصلاة والسلام - : إذا صلَّى أحدكم فليصلِّ إلى سترة ؛ لا يقطع الشيطان عليه صلاته ، وفي حديث آخر : إذا صلَّى أحدكم فليدْنُ من سترته ؛ لا يقطع الشيطان عليه صلاته ؛ لذلك كان أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - إذا أذَّن المؤذِّن أذان المغرب قاموا يصلُّون الركعتين قبل فرض المغرب يصلُّون وراء السواري ، قال أنس ابن مالك - هذا حديث في البخاري - : " كان المؤذِّن إذا أذَّن لصلاة المغرب ابتدرَ الناس السواري - أي : الأعمدة في المسجد - يصلون إليها " ، هذه هي السترة التي أمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالصلاة إليها أمرًا مؤكِّدًا له ، وقد بنى على ذلك بعض الأحكام الشرعية ؛ منها أنه أحيانًا إذا لم يتستَّر بشيء مثل مُؤخرة الرحل ؛ أي : ما هو مرتفع قدر شبر أو شبرين ، أنَّ بعض من يمرُّ قد يفسد عليه صلاته كما قال - عليه الصلاة والسلام - : يقطع صلاة أحدكم إذا لم يكُنْ بين يديه مثل مؤخرة الرحل : المرأة ، والحمار ، والكلب الأسود .
فعلى المصلين إذا دخلوا المسجد أن يكون في بالهم الصلاة لسترة ، فلا يصلون في منتصف المسجد ، وإنما يتقدَّمون إلى الجدار القبلي أو إلى عمود أو سارية أو إلى طاولة أو أيِّ شيء قائم بين يديه ؛ فيصلي إليه ائتمارًا منه لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الخاص الذي ذكرته آنفًا : إذا صلَّى أحدكم فيصلِّ إلى سترة ، وائتمارًا بأمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - العام الذي كان يقول : صلوا كما رأيتموني أصلي ، فقد كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إذا صلَّى في مسجده كان بين موضع سجوده والجدار ممرُّ شاة بمقدار ما تمرُّ به الشاة ؛ أي : المسافة بين موضع سجوده - عليه السلام - على الأرض والسترة أو الجدار الذي بين يديه إنما هو بمقدار شبرٍ أو شبرين ، هكذا : صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي هذا أمره - عليه السلام - للناس جميعًا ؛ فعليكم أن تحيُوا هذه السنة التي أماتَها جماهير المصلين ، فيُكتب لكم أجرها كما قال - عليه الصلاة والسلام - : من سنَّ في الإسلام سنَّةً حسنةً ؛ فله أجرها ، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ؛ دون أن ينقص من أجورهم شيء .
نعم .

Webiste