هل المسح على الجوربين كالمسح على الخفَّين ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : مسح عليها الرسول - عليه السلام - ، المسح على الجوربين كالمسح على الخفَّين ، حينما أذن الشارع الحكيم على لسان نبيِّه أو فعله بالمسح على الخفَّين وبالمسح على الجوربين لم يشترط أيَّ شرط إلا أن يكون خفًّا أو جوربًا ، والشروط التي تُذكر في بعض كتب الفقه على كثرة الخلاف التي فيها وبينها لا يوجد فيها شرطٌ منصوصٌ عليه يُلزم الأخذ به اللهم إلا ما جاء في الأحاديث الصحيحة من قوله - عليه السلام - : يمسح المقيم على الخفَّين يومًا وليلة ، والمسافر ثلاثة أيَّام بلياليها ، هذا هو الشرط الوحيد الذي جاء في السنة الصحيحة ، وهذا يتضمَّن الجواب عن الشطر الأخير من السؤال ؛ وهو أنه ليس للمقيم أن يمسحَ بدون توقيت بعد أن وقَّتَ الرسول - عليه السلام - له أن يمسح يومًا وليلة ، المسافر ثلاث أيَّام بلياليها فقط ، ولهذا قام خلاف بين العلماء قديمًا وحديثًا ؛ فمنهم من يُجيز المسح على الجَوربين بشروط إذا أُريد التزامها لَزِمَ أن نفقد هذه الرخصة مطلقًا من قسوة الشروط التي فرضوها ، من ذلك - مثلًا - أن يكون الجورب منعَّلًا يعني يكون في أسفله نعل ، بعضهم تساهل بالنسبة لهذا الشرط فلم يعتدَّ به ، ولكنه اشترط أن يكون الجورب ثخينًا ، وهؤلاء الذين اشترطوا اختلفوا في تحديد الثَّخانة ؛ ما بين قائل بأنه الذي يثبت بنفسه ، وبين قائل الذي يُمكن السَّير عليه مسافة نصف ساعة تقريبًا ونحو ذلك ، وهكذا اختلفوا مما يدلُّ أنه هذا الاختلاف ليس من الله - عز وجل - ، وهذا نص القرآن : ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا ، وهذا يجرُّنا إلى التذكير أن الحديث المشهور : اختلاف أمتي رحمة لا أصل له في السنة ، والاختلاف ليس رحمةً بل هو نقمة .
وأخيرًا : انتهى مطاف العلماء المحقِّقين بعد هذا الخلاف الطويل العريض إلى ما ذكره الإمام النووي في كتابه الكبير " المجموع شرح المهذَّب " عن عمر بن الخطاب أنه مسح على جوربين رقيقين ، مسح عمر بن الخطاب على جوربين رقيقين ، ومن المعتاد الاستدلال بمثل هذه المناسبة أن عمر بن الخطاب من الخلفاء الراشدين ، وقد أُمِرنا بالاقتداء بهم ، وهو ههنا بلا شك موضع القدوة ؛ لأنه ليس هناك في السنة ما يُخالف هذا الذي ذكره الإمام النووي عن عمر بن الخطاب ، بل إطلاق جواز المسح في الشرع على الجوربين هذا الإطلاق يشمل أيَّ جورب كان ؛ كان ثخينًا أو رقيقًا ، كان شفَّافًا أو صفيقًا ، لأنهم - أيضًا - من جملة الشروط التي شدَّدوا فيها أن لا ينفذ الماء منه إلى القدم ، هذا - أيضًا - شرط من تلك الشروط ، وحسبكم أن تتذكَّروا معي قول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : كلُّ شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطلٌ ولو كان مائة شرط ، وهذا كلام واضح ؛ لأن أيَّ حكم في الشرع جاء مطلقًا سواء كان فرضًا أو كان نهيًا أو كان رخصةً حينما يأتي إنسان فيضع لكل ذلك شرطًا من عنده ألغى الحكم من أصله .
فإذا قيل : رَخَّص الرسول - عليه السلام - في المسح على الجوربين ، ثم جاء إنسان فقال : لكن بشرط كذا ؛ أن يكون " كرَّاديًّا " مثلًا ، وقد قيل هذا ، يكون من الجوارب التي ما عاد نلبسها نحن اليوم هاللي محيكة بصنع بيتي من الصوف المبروم الثَّخين ، إي هذا وين بدنا نحصِّله ؟ معناها بقى لا تمسح على الجوربين !! لأنه وضع شرط لا يمكننا الآن أو يتعسَّر علينا الآن تحقيقه .
فإذًا هذا الشرط لا يجوز وضعه إلا بأمر من الله أو من نبيِّه - عليه السلام - ؛ فمادام أنه لم يأت أيُّ شرط فنحن على الإطلاق ، مسح على الجوربين مسح على الخفين ، الحمد لله رب العالمين كما قال : وما كان ربك نسيًّا ، وكما في حديث في سنده ضعف لكن معناه يشهد له الآية السابقة : وسكت عن أشياء شو أول الحديث ؟
السائل " عيد " : إن الله .
الشيخ : إن الله فرض فرائض فلا تضيِّعوها ، وحدَّ حدودًا فلا تعتدوها ، وسكت عن أشياء رحمةً بكم فلا تسألوا عنها . نعم ؟
السائل : من غير نسيان .
الشيخ : فلا تسألوا أو لا تبحثوا عنها .
فإذًا هذه الشروط لو كان الله - عز وجل - يُريدها أن تكون مشروعةً في عباده ما نسيها وإنما كان شرعها ، فما دام أنه لم يشرَعْها فنحن على الرخصة المطلقة ، وأحسن ما أُلِّف في هذا الموضوع بخصوص المسح على الجوربين والشروط التي قِيلت فيه هو كتاب الشيخ جمال الدين القاسمي وهو " المسح على الجوربين " ؛ فهو في الواقع كتاب جمع أقوال العلماء وناقشها مناقشة في مقرونة بعلم وفقه ، وكنت أنا علَّقت عليه وحقَّقته وجعلت له ذيلًا في آخره بيَّنت فيه بعض الأحكام التي تهمُّ - أيضًا - العامل بهذه الرخصة ، وهو مسألة متى يبدأ المسح ومتى ينتهي ؛ فمن شاء التوسع فليرجع إلى هذه الرسالة .
وأخيرًا : انتهى مطاف العلماء المحقِّقين بعد هذا الخلاف الطويل العريض إلى ما ذكره الإمام النووي في كتابه الكبير " المجموع شرح المهذَّب " عن عمر بن الخطاب أنه مسح على جوربين رقيقين ، مسح عمر بن الخطاب على جوربين رقيقين ، ومن المعتاد الاستدلال بمثل هذه المناسبة أن عمر بن الخطاب من الخلفاء الراشدين ، وقد أُمِرنا بالاقتداء بهم ، وهو ههنا بلا شك موضع القدوة ؛ لأنه ليس هناك في السنة ما يُخالف هذا الذي ذكره الإمام النووي عن عمر بن الخطاب ، بل إطلاق جواز المسح في الشرع على الجوربين هذا الإطلاق يشمل أيَّ جورب كان ؛ كان ثخينًا أو رقيقًا ، كان شفَّافًا أو صفيقًا ، لأنهم - أيضًا - من جملة الشروط التي شدَّدوا فيها أن لا ينفذ الماء منه إلى القدم ، هذا - أيضًا - شرط من تلك الشروط ، وحسبكم أن تتذكَّروا معي قول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : كلُّ شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطلٌ ولو كان مائة شرط ، وهذا كلام واضح ؛ لأن أيَّ حكم في الشرع جاء مطلقًا سواء كان فرضًا أو كان نهيًا أو كان رخصةً حينما يأتي إنسان فيضع لكل ذلك شرطًا من عنده ألغى الحكم من أصله .
فإذا قيل : رَخَّص الرسول - عليه السلام - في المسح على الجوربين ، ثم جاء إنسان فقال : لكن بشرط كذا ؛ أن يكون " كرَّاديًّا " مثلًا ، وقد قيل هذا ، يكون من الجوارب التي ما عاد نلبسها نحن اليوم هاللي محيكة بصنع بيتي من الصوف المبروم الثَّخين ، إي هذا وين بدنا نحصِّله ؟ معناها بقى لا تمسح على الجوربين !! لأنه وضع شرط لا يمكننا الآن أو يتعسَّر علينا الآن تحقيقه .
فإذًا هذا الشرط لا يجوز وضعه إلا بأمر من الله أو من نبيِّه - عليه السلام - ؛ فمادام أنه لم يأت أيُّ شرط فنحن على الإطلاق ، مسح على الجوربين مسح على الخفين ، الحمد لله رب العالمين كما قال : وما كان ربك نسيًّا ، وكما في حديث في سنده ضعف لكن معناه يشهد له الآية السابقة : وسكت عن أشياء شو أول الحديث ؟
السائل " عيد " : إن الله .
الشيخ : إن الله فرض فرائض فلا تضيِّعوها ، وحدَّ حدودًا فلا تعتدوها ، وسكت عن أشياء رحمةً بكم فلا تسألوا عنها . نعم ؟
السائل : من غير نسيان .
الشيخ : فلا تسألوا أو لا تبحثوا عنها .
فإذًا هذه الشروط لو كان الله - عز وجل - يُريدها أن تكون مشروعةً في عباده ما نسيها وإنما كان شرعها ، فما دام أنه لم يشرَعْها فنحن على الرخصة المطلقة ، وأحسن ما أُلِّف في هذا الموضوع بخصوص المسح على الجوربين والشروط التي قِيلت فيه هو كتاب الشيخ جمال الدين القاسمي وهو " المسح على الجوربين " ؛ فهو في الواقع كتاب جمع أقوال العلماء وناقشها مناقشة في مقرونة بعلم وفقه ، وكنت أنا علَّقت عليه وحقَّقته وجعلت له ذيلًا في آخره بيَّنت فيه بعض الأحكام التي تهمُّ - أيضًا - العامل بهذه الرخصة ، وهو مسألة متى يبدأ المسح ومتى ينتهي ؛ فمن شاء التوسع فليرجع إلى هذه الرسالة .
الفتاوى المشابهة
- الجورب الممزَّق هل يجوز المسح عليه للوضوء ؟ - الالباني
- شروط المسح على الجورب - الفوزان
- ما هي أحكام المسح على الجوربين ؟ - الالباني
- شروط المسح على الخفين والجوربين - ابن عثيمين
- ما الدليل على المسح على الجوارب لا على الخفي... - ابن عثيمين
- المسح على الجوربين - ابن عثيمين
- معنى الخف وحكم المسح عليه وعلى الجورب - ابن باز
- ما حكم المسح على الجوربين الخفيفين ؟ - الالباني
- حكم المسح على الجورب والخف - ابن باز
- ما هي شروط المسح على الخفين ؟ - الالباني
- هل المسح على الجوربين كالمسح على الخفَّين ؟ - الالباني