تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ما هي شروط المسح على الخفين ؟ - الالبانيعيد عباسي : في سؤال : ما هي صفات الجوربين التي يجوز المسح عليها من خلال الأحاديث الصحيحة ؟ وهل يجوز للمقيم المسح عليها متى شاء ؟الشيخ : ليس في السنة تقي...
العالم
طريقة البحث
ما هي شروط المسح على الخفين ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
عيد عباسي : في سؤال : ما هي صفات الجوربين التي يجوز المسح عليها من خلال الأحاديث الصحيحة ؟ وهل يجوز للمقيم المسح عليها متى شاء ؟

الشيخ : ليس في السنة تقييد قيود أو شرط شروط للجورب الذي مَسَحَ عليه الرسول - عليه السلام - ، المسح على الجوربين كالمسح على الخفَّين ، حينما أَذِنَ الشارع الحكيم على لسان نبيِّه أو فعله بالمسح على الخفَّين وبالمسح على الجوربين لم يشترط أيَّ شرط إلا أن يكون خفًّا أو جوربًا .
فالشروط التي تُذكر في بعض كتب الفقه على كثرة الخلاف فيها وبينها لا يوجد فيها شرط منصوص عليه يُلزم الأخذَ به اللهم إلا ما جاء في الأحاديث الصحيحة من قوله - عليه السلام - : "يمسح المقيم على الخفَّين يومًا وليلة ، والمسافر ثلاثة أيام بلياليها" ؛ هذا هو الشرط الوحيد الذي جاء في السنة الصحيحة ، وهذا يتضمَّن الجواب عن الشرط الأخير من السؤال ؛ وهو أنه ليس للمقيم أن يمسحَ بدون توقيت بعد أن وقَّتَ الرسول - عليه السلام - له أن يمسحَ يومًا وليلة ، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليها فقط .
ولهذا قام خلاف بين العلماء قديمًا وحديثًا ؛ فمنهم من يُجيز المسح على الجوربين بشروط إذا أُرِيدَ التزامها لَزِمَ أن نفقد هذه الرُّخصة مطلقًا لقسوة الشروط التي فَرَضُوها ، من ذلك - مثلًا - أن يكون الجورب منعَّلًا ؛ يعني يكون في أسفله نعل ، بعضهم تساهل بالنسبة لهذا الشرط فلم يعتدَّ له ، ولكنه اشترط أن يكون الجورب ثخينًا ، وهؤلاء الذين اشترطوا اختلفوا في تحديد الثَّخانة ما بين قائل بأنه الذي يثبت بنفسه ، وبين قائل الذي يمكن السَّير عليه مسافة نصف ساعة تقريبًا ونحو ذلك ، وهكذا اختلفوا مما يدل أنُّو هذا الاختلاف ليس من الله - عز وجل - ، وهذا نصُّ القرآن : { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا } ، وهذا يجرُّنا إلى التذكير أن الحديث المشهور : " اختلاف أمَّتي رحمة " لا أصل له في السنة ، والاختلاف ليس رحمة بل هو نقمة .
وأخيرًا : انتهى مطاف العلماء المحقِّقين بعد هذا الخلاف الطويل العريض إلى ما ذكره الإمام النووي في كتابه الكبير " المجموع شرح المهذَّب " عن عمر بن الخطاب أنه مسح على جوربين رقيقين ، مسح عمر بن الخطاب على جوربين رقيقين ، ومن المُعتاد الاستدلال بمثل هذه المناسبة أن عمر بن الخطاب من الخلفاء الراشدين ، وقد أُمِرنا بالاقتداء بهم ، وهو ههنا بلا شك موضع القدوة ؛ لأنه ليس هناك في السنة ما يُخالف هذا الذي ذَكَرَه الإمام النووي عن عمر بن الخطاب ، بل إطلاق جواز المسح في الشرع على الجوربين ؛ هذا الإطلاق يشمل أيَّ جورب كان ، كان ثخينًا أو رقيقًا ، كان شفَّافًا أو صفيقًا ؛ لأنهم - أيضًا - من جملة الشروط التي شدَّدوا فيها أن لا ينفذ الماء منه إلى القدم ، هذا - أيضًا - شرط من تلك الشروط ، وحسبُكم أن تتذكَّروا معي قولَ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : "كلُّ شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مئة شرط" ، وهذا كلام واضح ؛ لأن أيَّ حكم في الشرع جاء مطلقًا سواء كان فرضًا أو كان نهيًا أو كان رخصةً حينما يأتي إنسان فيضع لكلِّ ذلك شرطًا من عنده ألغى الحكم من أصله ، فإذا قيل رَخَّص الرسول - عليه السلام - في المسح على الجوربين ، ثم جاء إنسان فقال : لكن بشرط كذا ؛ أن يكون كرَّاديًّا - مثلًا - ، وقد قيل هذا ، يكون من الجوارب اللي ما عاد نلبسها نحن اليوم هاللي محيكة بصنع بيتي من الصوف المبروم الثخين ، إي هذا وين بدنا نحصِّله ؟ معناها بقى لا تمسح على الجوربين ؛ لأنه وُضع شرط لا يمكننا الآن أو يتعسَّر علينا الآن تحقيقه .
فإذًا هذا الشرط لا يجوز وضعُه إلا بأمر من الله أو من نبيِّه - عليه السلام - ؛ فما دام أنه لم يأتِ أيُّ شرط فنحن على الإطلاق ، مسح على الجوربين ، مسح على الخفين ؛ الحمد لله رب العالمين كما قال : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا } ، وكما في حديث في سنده ضعف ، لكن معناه يشهد له الآية السابقة : "وسَكَتَ عن أشياء" شو أول الحديث ؟

عيد عباسي : "إن الله فَرَضَ فرائض" .

الشيخ : "إن الله فَرَضَ فرائض فلا تضيِّعوها ، وحدَّ حدودًا فلا تعتدوها ، وسَكَتَ عن أشياء رحمةً بكم فلا تسألوا عنها" .

الحاضرون : "من غير نسيان" .

الشيخ : نعم ؟

الحاضرون : "من غير نسيان" .

الشيخ : "من غير نسيان ؛ فلا تسألوا عنها - أو لا تبحثوا عنها -" .
فإذًا هذه الشروط لو كان الله - عز وجل - يُريدها أن تكون مشروعةً في عباده ما نَسِيَها ، وإنما كان شرعَها ؛ فما دام أنه لم يشرَعْها فنحن على الرُّخصة المطلقة ، وأحسن ما أُلِّف في هذا الموضوع بخصوص المسح على الجوربين والشروط التي قيلت فيه هو كتاب الشَّيخ " جمال الدين القاسمي " ، وهو " المسح على الجوربين " ، فهو في الواقع كتاب جَمَعَ أقوال العلماء وناقشها مناقشة في مقرونة بعلم وفقه ، وكنت أنا علَّقت عليه وحقَّقته ، وجعلت له ذيلًا في آخره ، بيَّنت فيه بعض الأحكام التي تهمُّ - أيضًا - العامل بهذه الرخصة ؛ وهو - مثلًا - متى يبدأ المسح ومتى ينتهي ؛ فمن شاء التوسُّع فليرجع إلى هذه الرسالة .

Webiste